على الرغم من الأرباح التي سجلتها البنوك الأميركية في الربع الثاني من 2010 بعد تدخل الحكومة، إلا أن ذلك لم يفلح في إنقاذ عدد كبير من البنوك المتعثرة، في ظل تراجع مؤشر الإنتاجية الأميركي، الذي يؤكد على تباطؤ عجلة الإقتصاد للربع المذكور.

واشنطن: أظهر تقرير حكومي أن البنوك والمؤسسات المالية الأميركية قد سجلت ارتفاعاً في أرباحها للربع الثاني من العام 2010، والتي تعد أعلى أرباح لها منذ بداية الأزمة الإقتصادية، على الرغم من زيادة عدد البنوك والمؤسسات المالية المتعثرة.

وكانت مؤسسة التأمين الفيدرالية، التي تؤمّن على ودائع 7830 جهة مقرضة، قد أكدت أن أرباح البنوك للربع الثاني قد ارتفعت إلى 21.6 مليار دولار للفترة ما بين أبريل/نيسان ويونيو/حزيران، مقارنة بأرباح الربع الأول، التي بلغت 18 مليار دولار. وتعد هذه الأرباح أعلى أرباح فصلية منذ العام 2007، في حين أن أرباح الربع الثاني لعام 2009 قد سجلت خسائر بقيمة 4.4 مليار دولار.

وجاءت هذه الأرباح، على الرغم من أن البيانات الصادرة من قطاع الصناعة أشارت إلى تباطؤ في مؤشر الإنتاجية خلال الربع الثاني من هذا العام.

كبير الإقتصاديين الدكتور والمحلل الإقتصادي إبراهيم عويس يرى أن ذلك يعود لسببين، السبب الأول هو أن أرباح البنوك يعود إلى تدفق السيولة التى منحتها الحكومة الأميركية للقطاع المصرفي لمساعدته للخروج من التعثر. أما السبب الثاني فهو أن قطاع البنوك بدأ يعمل كما من قبل ببطء وتدقيق أكثر على كل المقترضين بدون استثناء لأحد.

وكانت البنوك الأميركية تقوم بعملية تسهيلات لكل من يريد الإقتراض بدون تدقيق، فمن يريد الإقتراض كان يقترض بنسبة 105 % للعمل العقاري، وهذا لا يتفق مع الأسس المصرفية. وهو ما أدى إلى نشوء الأزمة. ويرى عويس أن ذلك جيد للعمل على حماية البنوك من المخاطرة وزيادة أرباحها، لكن من جهة أخرى فالإقراض بذلك أصبح صعباً، حتى للمشروعات الإنتاجية الجيدة التي تسهم في تحريك عجلة الإقتصاد الأميركي، وتسهم في زيادة فرص العمل.

ويضيف أن هذا بدوره يؤدي إلى انكماش فرص الإستثمار في الولايات المتحدة الأميركية، وهو ما يعدّ خطراً على الإقتصاد، فالإستثمار - برأيه - هو ما يخلق المشاريع ويدخل النقود للبلاد. فقطاع التشييد من المتأثرين جداً بهذه الإجراءات، وهو من أهم القطاعات في الإقتصاد الأميركي، وبتأثره تتأثر الصناعات الأخرى، كصناعة الحديد والأسمنت والمعدات الثقيلة.

وعلى الرغم من الأرباح التي حققتها البنوك في الربع الثاني من العام 2010، إلا أن عدد البنوك المتعثرة ارتفع من 775 إلى 829 بنكاً، أي ما يعادل 54% للربع الثاني من العام الحالي، غالبيتها بنوك صغرة وإقليمية. وتعد البنوك والمؤسسات المتعثرة حالياً في أعلى مستوياتها منذ مارس/آذار 1993.

المحلل الإقتصادي إبراهيم عويس

وكانت رئيسة مؤسسة التأمين الفيدرالية شيلا بير قد حذّرت بأن القطاع المصرفي لا يزال يواجه تحديات، قائلة إن quot;الأرباح تظل متدنية حسب المعايير الزمنية، كما تظل أعداد المؤسسات التي لم تحقق أرباحاً والبنوك المتعثرة وحالات الإخفاق مرتفعةquot;.
ويعتبر إبراهيم عويس بأن ارتفاع أرباح البنوك سيؤثر على القطاع المصرفي، وأكثر المستفدين من ذلك هم أصحاب الأسهم.

في المقابل إنها تقلل من السيولة الكافية لتمويل المشروعات الإقتصادية، وهذا له تأثير عالمي. ثم يكمل حديثه شارحاً quot;حينما ترتفع ربحية البنوك فإنها تجتذب الأموال من الخارج، فالمستثمر يبحث عن الربح في أي مكان في العالم. أما في ما يخص العالم العربي فهناك الصناديق السياسية المخصصة للإستثمار للأجيال المقبلة، والتي تأثرت بالأزمة المالية العالمية في عام 2008. وهي مناطق استثمار فيها ضمان للمستقبل، ولا تتعرض للمخاطر، وهي موجودة في المملكة العربية السعودية وفي منطقة دول الخليج العربي.

ويعود ليؤكد بأن ارتفاع أرباح البنوك ما هو إلا أحد المؤشرات على بداية لطريق التعافي، وليس كلها، ولا تعني بذلك أن الإقتصاد تعافى، ولكن تعافي الإقتصاد مرتبط بقطاع التشييد. فعودة نمو قطاع التشييد وزيادة الطلب على السلع الرأسمالية، كالحديد والصلب والمعدات الثقيلة، مرتبط ببدء عملية الإحلال الطبيعي الذي يعتبر دليلاً على تعافي الإقتصاد والخروج من الأزمة.

من منظور رجل اقتصادي، يرى عويس أنه لا خروج من الأزمة الإقتصادية الآن. ولكن الأزمة الإقتصادية ستبدأ في الإنحسار في مدة ثلاث سنوات، وذلك عندما تبدأ عملية الإحلال الطبيعي على السلع الرأسمالية، فكل المعدات الأميركية لها عمر معين، أقصاه ثلاث سنوات. وعندما تبدأ عملية الإحلال الطبيعي لتلك السلع والمعدات يبدأ الطلب عليها، وتبدأ العجلة الإقتصادية بالدوران.