احتدّ الخلاف بين الحكومة المغربية والاتحاد العام لمقاولات المغرب الذي يمثل رجال الأعمال، حول ما تضمنه مشروع ميزانية 2013 من زيادات ضريبية، وتحول مشادة كلامية تبادل فيها الطرفان الاتهامات بخدمة أجندات معينة.


الرباط: جاء تفجر هذه المواجهة بسبب عدم استشارة الحكومة للاتحاد، أثناء الإعداد لمشروع ميزانية 2013، في ما يخص التدابير المتعلقة بموارد صندوق التضامن، وفرض ضرائب جديدة على أرباح الشركات، ورفع الضريبة على الدخل للأجراء الذين يفوق دخلهم 25 ألف درهم (2877 دولاراً).وحل حميد شباط، الأمين العام لحزب الإستقلال (الائتلاف الحاكم) ضيفًا، أمس الأربعاء، على الإتحاد العام لمقاولات المغرب، واجتمع برئيسته، مريم بن صالح، في محاولة لجس النبض بعد التصريحات القوية المتبادلة مع قياديين في العدالة والتنمية، الذي يقود الأغلبية الحكومية.

وآخر حلقة في هذه quot;المواجهة الكلاميةquot; جاءت على لسان عبد العزيز أفتاتي، عضو الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية، الذي أكد، في تصريح لـ quot;إيلافquot;، أن الردود الصادرة عن بعض الوجوه البارزة في الاتحاد quot;لا إرادية ومخدومةquot;، مشيرًا إلى أنها quot;موجهة من طرف فصيل يخدم أجندة معينة، ويتبادل المنافعquot;.وقال القيادي السياسي إن quot;القانون المالي لسنة 2012 لم يقدم لعدد من الأسباب، من جملتها هذا المقتضى المتعلق بإحداث صندوق التماسك، الذي كان هناك اختلاف بخصوص تمويلهquot;، مبرزاً أن quot;جماعة صلاح الدين مزوار، وزير المالية السابق ورئيس التجمع الوطني للأحرار (المعارضة)، كانت ترفض مشاركة المقاولات في تنفيذه، وهو ما أدى إلى عدم تقديم هذا القانونquot;.

وأضاف quot;حتى القانون المالي المزمع تقديمه لم يكن يتضمن هذا المقتضى، إذ بالعودة إلى الحسابات الخصوصية لا تجد شيئًا يتكلم عن صندوق التماسك، وعندما تسلمت الحكومة الحالية دفة التسيير أتت به وبطريقة تمويلهquot;، ومضى قائلاً: quot;هناك جزء من الباطرونا (أرباب المقاولات) يريد أن يحقق أرباحاً دون أن يؤدي أي شيء لفائدة الضعفاءquot;.وذكر عبد العزيز أفتاتي أن quot;هذا الجزء لا يؤمن لا بعدالة اجتماعية ولا بأي شيء، بل يؤمن فقط بالربح، ومراكمة الثروة، ولا تهمه أوضاع المواطنينquot;. وأشار إلى أن المجموعة، التي قامت بـ quot;الخرجات الإعلاميةquot; الأخيرة المنتقدة للحكومة، quot;قليلة ومدفوعةquot;، قبل أن يضيف مفسراً quot;نعرف كيف تمر انتخابات الباطرونا، إذ هناك من يتحكم فيها، وذلك واضح من خلال التقدم بمرشح واحد، أو بالأحرى مرشحة وحيدة، كما حدث في الاستحقاقات الأخيرةquot;.

وقال عضو الأمانة العامة للحزب quot;المشكلة ليست في الانتقاد، بل في كونهم يكررون قاموسًا تستعمله جماعة مزوار، الذي يتضمن عبارات من قبيل ليست هناك رؤيا، بالإضافة إلى تخويف رجال الأعمال، وتكرار أنه ليست هناك كفاءةquot;، وزاد موضحًا quot;عندما نتحدث عن جماعة مزوار، فإننا نقصد تلك التي تعمل لفائدة حزب الأصالة والمعاصرة (المعارضة)quot;.

المقاربة الانفرادية غير مقبولة

أكد محمد اليوحي، أستاذ الاقتصاد في جامعة بن زهر بأكادير، أن quot;المقاربة الانفرادية غير مقبولة في القرار الحكوميquot;، مشيرًا إلى أن quot;الحكومة كان عليها نهج مقاربة تشاورية وتشاركية مع مختلف الفرقاء الاقتصاديين، خصوصاً مع المقاولاتquot;.وأوضح محمد اليوحي، في تصريح لـ quot;إيلافquot;، أن quot;الزيادة في الضرائب ستحفز أكثر بعض المقاولات على التهرب الضريبيquot;، مبرزاً أن quot;تخفيض الضرائب كان سيشجع المقاولات على التصريح بنسبة الأرباح، وبالتالي بقيمة الضريبة، وهو ما سيؤدي إلى توسيع الوعاء الضريبيquot;.

وأضاف الخبير الاقتصادي quot;يجب أن نستحضر اليوم أن المقاولات المغربية تعاني من تداعيات الأزمة الاقتصادية العالميةquot;، مشيرًا إلى أن quot;تخفيض الضرائب كان سيحفز المقاولات الوطنية، خصوصاً التي تدفع الضرائب وتصرح بنسب الأرباحquot;،وقال محمد اليوحي quot;ربما على الحكومة تحصيل الضرائب المستحقة لدى المقاولات التي تتهرب من الدفعquot;، مستغربًا في الوقت نفسه من الاستمرار في إعفاء الفلاحة من أداء الضرائب. واعتبر أن الاقتصاد غير المهيكل، رغم احتقار البعض لهذا المصطلح، يدر الملايين والملايير على أصحابه، وبالتالي يجب إدخاله في خانة مؤدي الضرائب قصد تعزيز ميزانية الدولة.

واقترح محمد اليوحي على الحكومة إمكانية رفع الضريبة على استهلاك المنتوجات الفاخرة، خصوصاً المستوردة. وفي ما يخص صندوق التضامن الاجتماعي، فعلق الخبير الاقتصادي قائلاً quot;ربما يجب أن يمول أساسًا من الضريبة على الثورة، التي يجب أن يُفتح حولها نقاش سياسي حقيقي بين جميع الفرقاء، بدل أن نذهب إلى تأزيم وضعية المقاولات التي تحترم القانون والمبادئ المجتمعية، وتؤدي الضريبةquot;.

كما لا يجب على الحكومة، يضيف محمد اليوحي، أن quot;تنهك المقاولات المنتجة والنشيطة، التي توفر فرص الشغل، وتخلق الثروة، وتقوم بجلب العملة الصعبة لهذا البلد، فيما يجري التساهل مع الريع والانتهازيةquot;. وأشار إلى أن الحكومة مطالبة بالتضييق أكثر على الأنشطة التي تدر الدخل عن طريق الريع وترفع قيمة الضريبة بالنسبة إليها، وفي الوقت نفسه يجب أن تشجع المقاولات التي تنتج الثروة، وتحصل على العملة الصعبة، وتخلق فرص الشغل لمجتمعناquot;.وأضاف quot;نحن نعرف الآن أن المشكل الأساسي في بلدنا هو البطالة، وبالتالي فإن الزيادة في الضريبة سترفع من نسبة العاطلين، لكون أن الحكومة لا تشجع رجال الأعمال على الاستثمار، في ظل مناخ يضيق على الاستثمار المنتجquot;.