يتفق محللون تحدثوا لـquot;إيلافquot; على أنّ صورة تونس الجديدة التي تبدو نموذجا طيبا في خضم الربيع العربي، ستساعد مهدي جمعة الذي يزور الخليج حاليا، على كسب ثقة الخليجيين وتحفيزهم على الاستثمار وإخراج تونس من أزمتها الاقتصادية.


محمد بن رجب من تونس: بدأ رئيس الحكومة المؤقتة في تونس مهدي جمعة جولة تشمل خمس دول خليجية، هي الأولى إلى المنطقة منذ تسلّمه مهامه في 28 يناير 2014. واستهل جمعة جولته تلك بالإمارات التي التقى فيها الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم.

وأعلن وزير الخارجية منجي الحامدي عن زيارة مهدي جمعة إلى كل من الإمارات والسعودية وقطر والكويت والبحرين مشددا على quot;دعم الدبلوماسية الاقتصادية وجلب المستثمرين الخليجيين الى تونسquot;.

ورافق مهدي جمعة رجال أعمال تونسيون للتحاور مع نظرائهم الخليجيين واستكشاف فرص استثمار في دول الخليج العربي.

علاقات استراتيجية

أوضح رئيس الحكومة المؤقتة أنّ تونس تسعى إلى تسويق امكانياتها الإقتصادية والإستثمارية والعمل على خلق علاقات استراتيجية مع دول الخليج وبلوغ علاقات اقتصادية مشتركة ترتقي إلى مستوى العلاقات التاريخية وجلب استثمارات خليجية إلى تونس.

وقال مهدي جمعة: quot;الخليجيون إخوتنا ونحن إخوتهم، حيث تجمعنا اللغة والدين وحتى العادات والتقاليد، وتونس بعد ثورتها ما فتئت تتعلم من دول الخليج بناء الديمقراطية وحقوق الانسان وخاصة من السعودية التي لها باع و ذراع في الديمقراطية واحترام حقوق الانسانquot;.

أوضاع اقتصادية صعبة

أوضح الدكتور طارق الكحلاوي مدير عام المعهد التونسي للدراسات الاستراتيجية أن زيارة رئيس الحكومة مهدي جمعة تأتي في إطار أوضاع اقتصادية صعبة في تونس وقبل زيارته المرتقبة إلى الولايات المتحدة، ولها طابع سياسي من خلال عرض النموذج التونسي ولها كذلك الطابع الإقتصادي والذي لا يمكن تجاهله ويتمثل في محاولة تدعيم الإقتصاد التونسي في الفترة القادمة خاصة أمام العجز القائم في الميزانية.

وقالت رئيسة منظمة الأعراف وداد بوشماوي:quot; ستكون لنا لقاءات مع نظرائنا في مختلف الدول الخليجية إلى جانب الإلتقاء برجال الأعمال التونسيين هناك الذين ينتظرون طمأنتهم على الإستقرار ومجال الإستثمار في تونسquot;.

دعم عربي للتمويل

أشار الكحلاوي في تصريحه لـquot;إيلافquot; إلى وجود تصوّر داخل الحكومة يتمثل في إمكانية إيجاد دعم عربي للتمويل وقد لا تؤدي الزيارة إلى نتائج فورية، لكن هنالك توجها نحو ايجاد حالة من العلاقات المستقرة معها.

وشدّد على صورة تونس الجيدة لدى كل العرب خاصة بعد التوافق على الدستور وحالة الإستقرار التي تعيشها البلاد، إلى جانب التقدم في محاربة الإرهاب وهي الحالة الديمقراطية الأكثر تقدما عربيا والدستور الأكثر ديمقراطية عربيا.

وعن مدى التجاوب الإقتصادي الممكن من دول الخليج يرى الدكتور الكحلاوي أنّ ذلك يبقى رهين قرار الدول الخليجية الشقيقة، موضحا أن العلاقات الخارجية بين الدول الخليجية تمرّ بأزمة والقمة العربية قريبة(24 و25 مارس/ آذار) وقد تكون زيارة مهدي جمعة فرصة حتى ينتبه الجميع للوضع العربي العام.

ديبلوماسية الحقيبة

أوضح الجيلاني الهمامي الناطق الرسمي بإسم الجبهة الشعبية(ائتلاف أحزاب يسارية وقومية) أنّ زيارة مهدي جمعة تندرج فيما يسمى quot;ديبلوماسية الحقيبةquot; أي جمع الأموال لدعم الإقتصاد التونسي، معتبرا أنّ التعويل على الأموال الخارجية يبدو quot;تمشيا خاطئا وغير سليمquot; ولا يخدم الشعب التونسي، على حد تعبيره.

وشدّد الهمامي على ضرورة التعويل على التداين الداخلي خاصة وأنّ الإمكانيات متوفرة وقد قدمت الجبهة الشعبية مشروع ميزانية بديلة قيمتها 29 مليار دينار (20 مليار دولار) وكلها من موارد داخلية ولا تستحق التداين لأنه quot;ما من دولة تمنحك ديونا دون شروط وغايات سياسية لا تخدم مصلحة تونسquot;.

وأكد الهمامي في تصريح لـquot;إيلافquot; أنّ التداين الخارجي يزيد في تبعيّة الإقتصاد والقرار السياسي التونسي.

أخوية وتاريحية

أوضحت جنات بن عبدالله الإعلامية والخبيرة في الشؤون الإقتصادية، أنّ العلاقات مع بعض دول الخليج وخاصة بعد الثورة، شابها بعض الفتور في ظل اهتمام الحكومات المتعاقبة بالشأن الداخلي بسبب الإضطرابات الداخلية وعدم الإستقرار الأمني. وكان هذا على حساب العلاقات التونسية مع الخارج وحتى مع دول الجوار فما بالك بدول الخليج.

وأكدت في إفادتها لـquot;إيلافquot; أنّ العلاقات التونسية الخليجية أخوية وتاريخية وبقطع النظر عن العلاقة مع الحكومات المتعاقبة بعد الثورة لا بد أن تكون العلاقة قوية ومثمرة لمصلحة الشعب التونسي الذي يكنّ الإحترام لهذه الدول التي برهنت على قدرتها على تحقيق النموّ لشعوبها وللمنطقة ككل.

معضلة الإخوان

وقال طارق الكحلاوي مدير عام المعهد التونسي للدراسات الاستراتيجية لـquot;إيلافquot; إنه لا وجود لقرار رسمي إماراتي أوسعودي بخصوص أي حزب سياسي في تونس والقائمة الرسمية التي أعلنتها السعودية لأطراف وصفتها بالإرهابية لا تتضمن أي حزب أو حركة تونسية معتبرا أنه quot;لا مبرر لوجود سوء تفاهم في العلاقات مستقبلا بين أشقائنا في الخليجquot;.

وأوضح أن تونس تقود تجربتها وتتقدم بثبات إلى الأمام ومن المفروض أن لا يكون ذلك نقطة سلبية بغض النظر عن الأحزاب الموجودة في التجربة التونسية الإيجابية بشكل عام، مؤكدا على وجود دعم عربي لهذا التوجه.

وقال وزير الخارجية التونسي منجي الحامدي quot;ليس الهدف من الجولة طلب معونات مثلما ذكرت بعض وسائل الإعلام بل الإرتقاء بالعلاقات الديبلوماسية والإقتصادية مع دول الخليجquot;.

تعزيز التعاون

وبيّنت الإعلامية جنات بن عبدالله أنها quot;تتألم عندما ترى بروز مشاكل بين دول الخليجquot;، خاصة أنّ التقارب والتعاون بين دول مجلس التعاون الخليجي مكسب يجب المحافظة عليه ومنحه الأولوية المطلقة على حساب المشاكل الداخلية والتجاذبات السياسية.

وأكدت ضرورة تعزيز التعاون بين تونس وهذه المجموعة الإقتصادية.

أضافت: quot;مثلما ترتبط تونس بمعاهدة مع السوق الأوروبية المشتركة تمنيت لو أنها حظيت بمعاهدة مع مجلس التعاون الخليجي حتى يتمتع المنتوج التونسي بمعاملة تفاضلية في السوق الخليجية، لقد حان الوقت لتدخل الديناميكية التونسية الإقتصادية في اتفاقيات شراكة ولتبدأ مع المجموعة الخليجية الحاضرة في المشهد الإقتصادي التونسي والتي ساهمت في تنمية تونس الديمقراطية.

وأشارت بن عبدالله إلى أنّ الشعب التونسي يسوّق للمكاسب التي حصلت في بلاده، والمستثمر الأجنبي في حاجة إلى الديمقراطية والإستقرار والحوكمة الرشيدة.