&مدريد: توقع إسبانيا الخارجة من الأزمة، تسجيل نموّ اقتصادي هذه السنة، لكن فرص العمل المستحدثة لا تكفي العمال المهاجرين والشباب الذين يهجرونها بحثاً عن فرص أفضل. ونتيجة هذه الهجرة، سجّل معدل البطالة، الذي كان يتراجع عموماً في الفترة الأخيرة، ارتفاعاً في الربع الأول من السنة، بسبب تقلّص اليد العاملة الناشطة، استناداً إلى إحصاءات رسمية.وكانت إسبانيا استقطبت خلال الطفرة التي شهدتها بداية الألفية الثانية، نحو3 ملايين عامل أجنبي، لكن أزمة عام 2008 تجبر كثراً منهم على العدول عن قرارهم هذا منذ ثلاث سنوات. وغادرها نحو 304600 شخص عام أتوا إليها للاستقرار فيها، وفقاً لأرقام المعهد الوطني للإحصاءات.

وحذا حذوهم أبناء إسبانيا، وازداد عددهم في الخارج بنسبة 6.1 في المئة ليصل إلى 2.18 مليون العام الماضي. وفي ثلثي الحالات، هم أشخاص حصلوا على الجنسية الإسبانية وقرروا العودة إلى مسقط رأسهم.&ولا يُعدّ مستوى الهجرة مرتفعاً جداً مقارنة بذاك المسجّل في البرتغال المجاورة، التي هاجر منها أكثر من خمس سكانها، وفقاً لتقرير رسمي صدر في تموز (يوليو) الماضي. لكن عدد سكان إسبانيا انخفض العام الماضي للمرة الثانية منذ عام 1998. وباتت هجرة الشباب بسبب الأزمة الاقتصادية، محوراً رئيساً في الحملات الانتخابية مع اقتراب موعد الانتخابات الإقليمية في 24 الجاري، ثم التشريعية المقرّرة نهاية السنة.

وقالت النائبة الاشتراكية إيزابيل رودريغيز أمام الحكومة المحافظة: «نريد خطة إنقاذ لاستعادة اليد العاملة الموهوبة، ونظام مساعدات كي توظّف الشركات الشباب الإسبان، الذين يتمتعون بكفاءات متوسّطة وعالية ويعملون في الخارج». ويقدّر عدد الشباب الإسبان الذين يعيشون في الخارج بنحو 500 ألف، ويصعب التأكد من هذه الأرقام في ظل عدم توافر إحصاءات تفصيلية.وأفاد مرصد الشباب «إنخوفي»، وهو هيئة حكومية، بأن «218 ألف إسباني دون الثلاثين هاجروا بين عامي 2007 و2013، أي 9 في المئة من اليد العاملة الناشطة في هذه السن».
&
ولفت الأستاذ المحاضر في كلية التجارة، خوسيه رامون، إلى أن عدد هؤلاء «يصل إلى 300 ألف، بمعدل 50 ألف شاب يهاجرون في السنة الواحدة»، لكنه رأى «استحالة معرفة مَن يذهب للدراسة أو للبحث عن فرصة عمل».ولم يكفِ انتعاش الاقتصاد وارتفاع الناتج المحلي بنسبة 1.4 في المئة العام الماضي، والمتوقّع بلوغه 3 في المئة هذه السنة، للحدّ من معدل الهجرة، الذي يستمرّ في الزيادة وتحديداً في أوساط حاملي الشهادات الجامعية.وأكدت وزيرة العمل الإسبانية فاتيما بانييز، أن التدابير التي اتخذتها الحكومة المحافظة التي تتولى الحكم منذ عام 2011، «عادت بالنفع على 390 ألف شاب دون الثلاثين». لكن هذه الأرقام غير كافية في رأي المعارضة. إذ تستثمر السلطات في التعليم لتخسر استثماراتها، وفقاً لزعيم حزب «سيودادانوس» ألبرت ريفيرا الذي يزداد شعبية في الاستطلاعات. وأشار إلى أن إسبانيا تخرّج «عمالاً يساهمون في زيادة الناتج المحلي في ألمانيا، وتلبية حاجات الشركات الفرنسية والبريطانية»
&
وحذّر المحلّل لدى «ناتيكسيس» خيسوس كاستييو، من أن «الخطر يكمن في تخطّي عدد المتقاعدين عدد العمال الناشطين». ولن يعود هؤلا الشباب قبل أن يستحدث الاقتصاد ما يكفي من فرص عمل، إذ لا يزال معدل البطالة يساوي 23.7 في المئة في الربع الأول من السنة، ويتخطى 50 في المئة في أوساط الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 16 و25 عاماً.وتتوقع السلطات الإسبانية أن «تتقلص اليد العاملة الناشطة بنسبة 15.6 في المئة عام 2018». لكن منظمة العمل الدولية رجحت أن «تتخطى هذه النسبة 20 في المئة بحلول عام 2020».