الرباط: ترأس العاهل المغربي الملك محمد السادس الاثنين بالقصر الملكي بالرباط، حفل التوقيع على اتفاقيتين تتعلقان بمشروع أنبوب نقل الغاز (نيجيريا-المغرب)، وبالتعاون المغربي- النيجيري في مجال الأسمدة.

وألقى وزيرالخارجية النيجيري جيوفري أونياما، كلمة بين يدي الملك محمد السادس، وذكر بالزيارة الأخيرة التي قام بها لأبوجا، وقرر خلالها ملك المغرب ورئيس نيجيريا محمد بوهاري المضي قدما في التعاون الذي يجمع البلدين ليشمل مجالات مختلفة.

وأضاف أونياما أن التوقيع على هاتين الاتفاقيتين، بعد بضعة أشهر فقط من زيارة الملك محمد السادس لبلاده ، يشكل دليلا على نجاح الشراكة التي تجمع الرباط بأبوجا، وهو النجاح الذي يجد تفسيره في إرادة قائدي البلدين حيال تكثيف المشاريع الثنائية.

وقدم وزير الخارجية والتعاون الدولي ناصر بوريطة الخطوط العريضة لمشروع أنبوب نقل الغاز الذي سيربط نيجيريا بالمغرب، والذي يشكل تجسيدا للرؤية المشتركة التي يتقاسمها قائدا البلدين، من أجل تعاون مشترك مستدام، فاعل ومتضامن للقارة الإفريقية قائم على التعاون جنوب- جنوب.

وأضاف بوريطة أن هذا المشروع الضخم، الذي سينجز من طرف الأفارقة ومن أجل الأفارقة، يشكل تجسيدا بليغا لدبلوماسية الفعل والقول، وتجليا آخر لرؤية الملك محمد السادس لإفريقيا متحكمة في مصيرها واثقة في مستقبلها.

واشار الوزير بوريطة الى أن غرب أفريقيا تتوفر على مؤهلات طاقية مهمة مع حوالي 31 في المائة من احتياطات الغاز الطبيعي بإفريقيا (3,6 مليار متر مكعب)، مشيرا إلى أن تفاوتا في الإنتاج من بلد لآخر، ينعكس على السعر عند الاستهلاك.

وقال إن المشروع يشكل أيضا فرصة بالنسبة لكافة الدول التي سيمر منها مشروع أنبوب الغاز، كما سيمكن المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا من التزود بالغاز دون التبعية للوجهة النهائية.

وذكر بوريطة أن هذا المشروع، الذي سيكون له أثر مباشر على نحو 300 مليون من السكان، سيمكن دول غرب إفريقيا من الولوج إلى وقود مستقر وذي مردودية من أجل دعم حاجيات إنتاج الكهرباء والتنمية الصناعية، مذكرا بأن الغاز الطبيعي يعتبر كأحد موارد إنتاج الكهرباء الأكثر نظافة والأقل تكلفة.

وأبرز أن أنبوب الغاز سيتيح أيضا للبلدان المشاركة فيه أن تدر مداخيل ضريبية مباشرة والاقتصاد في الوقود، مشيرا إلى أنه على المستوى المحلي، ستستفيد هذه البلدان من تداعيات هذا المشروع في مجالات التشغيل والتنمية الصناعية.

وابرز أن مقاربة إقليمية لأسواق الطاقة تمنح مزايا كبيرة لأنها تتيح توجيه الاستثمارات نحو خيارات التزويد الأكثر مردودية والاستفادة من استعمال البنيات التحتية.

وأكد الوزير بوريطة أن المشروع يتيح أيضا النهوض بالاستثمارات الخاصة في سوق أكثر اتساعا وتقليص المخاطر التجارية والسياسية.

وأضاف أن المشروع يستجيب أيضا لحاجة حقيقية إلى تنويع موارد الطاقة في أوروبا، مشيرا إلى أن الوجهة النهائية لأنبوب الغاز يمكن أن تكون أوروبا، التي تسعى إلى تنويع مواردها من الغاز الطبيعي.

وأبرز أنه اليوم مع التوقيع على مذكرة التفاهم هذه، فإن إنجاز هذا المشروع يوجد في الطريق الصحيح.

وشدد الوزير بوريطة على أن مذكرة التفاهم هذه هي ثمرة عمل فريق وتعاون متين بين الطرفين المغربي والنيجيري، مضيفا أن هذا الاتفاق يضع الاسس لاتفاق بين البلدين بهدف البدء في دراسة للجدوى قبل اتخاذ قرار بالاستثمار في أنبوب الغاز المغربي-النيجيري.

وتابع بوريطة أن هذه المذكرة تقيم أيضا شراكة متساوية وتجسد تعاونا متوازنا، مشيرا إلى أن المقرين الاجتماعيين المكلفين تدبير المشروع سيكونان بالرباط وأبوجا وأن التمويل سيكون متقاسما بين الطرفين.

من جهته، استعرض مدير الشركة البترولية الوطنية النيجيرية فاروق سعيد غاربا، الخطوط العريضة لمذكرة التفاهم المتعلقة بأنبوب الغاز، الموقعة بين المكتب المغربي للهيدروكاربورات والمعادن (المغرب) والشركة البترولية الوطنية النيجيرية (نيجيريا).

وتناول غاربا مساطر (إجراءات) حكامة مشروع أنبوب الغاز نيجيريا- المغرب، وتصميم دراسات الجدوى والهندسة، وكذا حقوق وواجبات مختلف أطراف هذه الشراكة رابح- رابح.

وفي كلمة له حول موضوع التعاون المغربي- النيجيري في مجال الأسمدة، سلط رئيس الجمعية النيجيرية لمنتجي ومزودي الأسمدة (فيبسان) طوماس إيتو، الضوء على تعزيز التعاون بين مجموعة المكتب الشريف للفوسفات المغربي والجمعية، مسجلا أن هذه الشراكة تتيح تبادلا حقيقيا للخبرات في مجال تطوير بنيات مزيج الأسمدة والتخزين والنقل.

وسيساهم هذا التعاون، أيضا، في تحديث القطاع الفلاحي، لاسيما من خلال استعمال أسمدة ذات جودة تتلاءم مع نوعية التربة والزراعات النيجيرية.

من جانبه، تطرق المدير العام للسلطة الاستثمارية النيجيرية أوشي أورجي، لموضوع تثمين الموارد الطبيعية من أجل إنتاج الأسمدة بنيجيريا. وأشار في هذا السياق إلى أن التعاون بين السلطة الاستثمارية النيجيرية ومجموعة المكتب الشريف للفوسفات سيهم استكشاف وتثمين مناجم الفوسفات الموجودة بعدد من الولايات النيجيرية (سوكوتو، أوغون، إيدو، إيمو).

وبالتالي - يضيف أورجي- ستستفيد نيجيريا من الخبرة المغربية في تطوير قطاع الفوسفات ببلاده.

أما الرئيس المدير العام لمجموعة المكتب الشريف للفوسفات مصطفى التراب، فأكد أن الشراكة المبرمة بين المغرب ونيجيريا تشكل نموذجا للتعاون جنوب- جنوب.

وأشار التراب إلى أن هذه الشراكة تهم مجموع سلسلة القيمة الفلاحية، انطلاقا من بلورة صيغ للتسميد تتلاءم مع طبيعة التربة والزراعات النيجيرية، وصولا إلى توفر الأسمدة في السوق النيجيرية ووضع تدابير لمصاحبة الفلاحين المحليين (المختبرات التعليمية المتنقلة، أغريبوستر).

كما سيمكن هذا التعاون الذي يدخل مرحلته الثانية، من مضاعفة الإنتاج المحلي من الأسمدة، وذلك من خلال إحداث أرضية للمنتوجات الكيماوية الأساسية، ومن ثم، تأمين تزويد السوق النيجيرية بالأسمدة بأسعار تنافسية ودعم المسارات المحلية للتوزيع.

إثر ذلك، ترأس عاهل المغرب مراسم التوقيع على اتفاقية للتعاون تتعلق بأنبوب الغاز الرابط بين المغرب ونيجيريا. ووقع هذه الاتفاقية المديرة العامة للمكتب الوطني للهيدروكاربورات والمعادن أمينة بنخضرة، والرئيس المدير العام للشركة البترولية الوطنية النيجيرية مياكانتي كاكالا بارو.

وتتعلق الوثيقة الثانية الموقعة بين يدي الملك محمد السادس ببروتوكول اتفاق بين مجموعة المكتب الشريف للفوسفات و(فيبسان) من أجل تعزيز قدرات إنتاج وتوزيع الأسمدة بنيجيريا، وقعه كل من مصطفى التراب وطوماس إيتو.