لندن: أعلنت بريطانيا والاتحاد الأوروبي الثلاثاء التوصل لاتفاق حول مجموعة ترتيبات تتعلّق بإيرلندا الشمالية بعد بريكست، في وقت يستعد الطرفان لجولة محادثات جديدة يحاولان من خلالها إبرام اتفاق تجاري أوسع نطاقا لمرحلة ما بعد خروج المملكة المتحدة من التكتل.

ويلتقي رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون الأربعاء رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لايين في بروكسل لمحاولة تحقيق اختراق على خط المفاوضات التجارية التي تراوح مكانها منذ أشهر، وذلك قبل أقل من شهر من موعد خروج بريطانيا من السوق الأوروبية المشتركة.

واعتبرت إيرلندا العضو في الاتحاد الأوروبي أن الاتفاق حول الترتيبات المتعلقة بإيرلندا الشمالية يشكّل بارقة أمل ويؤشر إلى إمكان التوصل لاتفاق تجاري أوسع نطاقا، على الرغم من أن أيا من الطرفين لم يبد تفاؤلا كبيرا.

وقال جونسون خلال تفقّده مستشفى في لندن استعدادا لإطلاق حملة التلقيح ضد فيروس كورونا "أنا دائما متفائل، لكن يجب أن أكون صريحا معكم، الوضع حساس حاليا"، وتابع "على أصدقائنا أن يدركوا أن المملكة المتحدة خرجت من الاتحاد الأوروبي" لتحقيق السيادة البريطانية، مضيفا "لا نزال بعيدين من ذلك".

وأضاف "يبدو ذلك صعباً جداً في الوقت الراهن. سنبذل قصارى جهودنا"، مؤكدا أن البلاد أمام خيارات كثيرة.

وبعد جولة المحادثات الأخيرة بين الوفدين المفاوضين في بروكسل، أجرى جونسون ليل الإثنين محادثات هاتفية مع فون دير لايين وجّهت له إثرها دعوة للحضور شخصيا إلى عاصمة الاتحاد الأوروبي.

وفي بيان مشترك أشار الجانبان إلى استمرار التباعد حول الصيد وشروط المنافسة العادلة والآلية المستقبلية لحلّ الخلافات في مرحلة ما بعد خروج بريطانيا من السوق الأوروبية الموحدة في 31 كانون الأول/ديسمبر.

ومن المقرر أن يشارك قادة الدول الـ27 الأعضاء في الاتحاد الأوروبي في قمة ستعقد الخميس، لذا فالوقت أصبح داهما. وأكدت رئاسة الحكومة البريطانية أنه من غير المقرر أن يعقد جونسون أي اجتماع مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أو المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل في بروكسل.

والثلاثاء يعقد كبير المفاوضين الأوروبيين ميشال بارنييه ونظيره البريطاني ديفيد فروست جولة محادثات جديدة في بروكسل للوقوف على التقدّم الذي تحقق وإعداد تقرير لمرجعيتيهما.

وبعدما أطلع وزراء الاتحاد الأوروبي على آخر المستجدات أكد بارنييه أن موقف التكتل موحد، وجاء في تغريدة أطلقها "لن نضحي بمستقبلنا أبدا من أجل الحاضر. الوصول إلى سوقنا يأتي بشروط".

وفي خضم محاولات لندن وبروكسل التوصل لاتفاق تجاري ينظّم العلاقة بينهما في المرحلة اللاحقة لخروج بريطانيا من التكتل بعد نحو خمسة عقود من الاندماج الاقتصاد الوثيق، بقي ملف إيرلندا الشمالية حاضرا.

وستكون إيرلندا الشمالية المنطقة البريطانية الوحيدة التي تربطها حدود برية مع الاتحاد الأوروبي اعتبارا من العام المقبل، ويجب أن تبقى هذه الحدود مفتوحة حفاظا على اتفاق السلام المبرم في العام 1998 والذي وضع حدا لأعمال عنف استمرت عقودا على خلفية الحكم البريطاني.

وفي موازاة المحادثات الجارية يبحث الوزير البريطاني مايكل غوف ونائب رئيسة المفوضية الأوروبية ماروس سيفكوفيتش سبل إبقاء العلاقات التجارية من دون عوائق حدودية وضمان عدم وجود أي تقييد للتنقل والتواصل بين إيرلندا الشمالية وبريطانيا.

وبعد لقاء جمعهما في بروكسل الإثنين، قال الرجلان إنه تم التوصل لاتفاق "مبدئي" حول الترتيبات الحدودية لإيرلندا الشمالية يشمل عبور البضائع من بريطانيا إلى المقاطعة ومنها إلى السوق الأوروبية الموحدة عبر إيرلندا.

وبموجب هذا الاتفاق ستلغي لندن ثلاثة بنود مثيرة للجدل في مشروع القانون المطروح على البرلمان تحرم بروكسل من أي دور في الاتفاقات التجارية المقبلة بين المقاطعة وإيرلندا.

ومن شأن هذا الأمر أن يسهّل مهمة جونسون خلال زيارته بروكسل بعدما طالب الوزير الألماني للشؤون الأوروبية ميك روث بأن تعيد لندن بث "الثقة" في العلاقات.

وقال وزير الخارجية الإيرلندي سيمون كوفيني إن الاتفاق حول الترتيبات المتعلقة بإيرلندا الشمالية "خطوة إيجابية جدا" تفيد بأن الخلافات التي كانت قائمة حول الحدود قد حلت.

وصرّح لشبة "ار.تي.اي" الرسمية "آمل أن يشكل ذلك مؤشرا إلى أن الحكومة البريطانية تسعى لإبرام اتفاق" وهو ما يمكن أن يشكل عاملا مساعدا في المحادثات التجارية الأوسع نطاقا.

ووافقه الرأي رئيس الوزراء الإيرلندي مايكل مارتن لكنه أكد وجود مسائل يصعب جدا إيجاد حلول لها وقال "نحن أمام احتمال خورج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي من دون اتفاق تجاري إن لم يحصل ما يغيّر هذا الاتجاه في اليوم أو اليومين المقبلين".

وخرجت بريطانيا من الاتحاد الأوروبي في 31 كانون الثاني/يناير الفائت ودخلت مذّاك في فترة انتقالية بهدف إفساح المجال أمام المفاوضات حول اتفاق تجاري خال من الرسوم والحصص.

ويقول جونسون إن مستقبل بريطانيا سيكون مزدهرا أيا كانت نتيجة المحادثات وقد رفض تمديد الفترة الانتقالية أو تمديد المفاوضات إلى العام المقبل.

والثلاثاء قال جونسون "قد نبلغ مرحلة يجب أن نقر فيها بان الوقت قد حان لوضع حد" للمحادثات، مؤكدا أن البلاد ستحقق "ازدهارا كبيرا" بكل الحالات.