البحرين ترشح الشيخة مي بنت محمد آل خليفة لمنصب أمين عام منظمة السياحة العالمية بفضل سجل حافل بالإنجاز في ميدان السياحة، آخرها وضعها سبع ركائز للنهوض بالسياحة عالميًا.

إيلاف من المنامة: حققت البحرين العديد من الإنجازات في مختلف المجالات وعلى كافة الأصعدة والمستويات، ومنها ما يتعلق بالجانب المعماري، حيث تتميز المملكة ببيئة حضارية متطورة هي محل إعجابٍ وتقدير دولي، وقد توجتها تلك الميزة للحصول على العديد من الشهادات الدولية، كجائزة الأسد الذهبي للعمارة في بينالي فينيسيا، وجائزة إكسبو ميلانو للتصميم المعماري، وجائزة الأغا خان للعمارة عن مشروع "إحياء منطقة المحرق"، إلى جانب تميز مدينة المنامة ونيلها عدة ألقاب دولية أبرزها: عاصمة الثقافة العربية (2012)، وعاصمة السياحة الآسيوية (2014).

كما لقبت المنامة أيضًا بعاصمة السياحة العربية مرتين: في عام 2013 وخلال العام الجاري أيضًا، فيما حصدت المحرق لقب عاصمة الثقافة الإسلامية لعام 2018.

جهود ملموسة ومسؤوليات عديدة

ما ذكر أعلاه، وسُجل باسم مملكة البحرين، كان حصاد جهود كبيرة من الشيخة مي بنت محمد آل خليفة رئيسة هيئة البحرين للثقافة والآثار، والتي مكنتها لتصبح مرشحة من مملكة البحرين لمنصب أمين عام منظمة السياحة العالمية، تقديرًا لمنجزاتها العديدة التي حققتها في مجال صناعة السياحة المستدامة وتعزيز العلاقة بين السياحة والثقافة من أجل تحقيق الازدهار والتنمية.

هذا الترشيح يؤكد المكانة الرفيعة للبحرين، بما تمتلكه من قيادات وخبرات وكفاءات متميزة تؤهلها لتولي المسؤوليات والمناصب المهمة في مختلف المنظمات والهيئات الدولية، ويعكس كذلك إيمان المملكة بأن ترشيح معاليها لهذا المنصب سوف يسهم في دعم جهود المنظمة لتعزيز تعافي قطاع السياحة من الصعوبات والعثرات الكثيرة التي خلفتها جائحة فيروس كورونا.

تعد معالي الشيخة مي بنت محمد آل خليفة شخصية رائدة في المشهد الثقافي العربي حيث عملت في مجال الثقافة والفنون منذ عام 2008، وتقلدت العديد من المناصب الرسمية في مملكة البحرين منها منصب الوكيل المساعد للثقافة والتراث الوطني (2002-2008)، ثم وزيرة للثقافة والإعلام (2008-2010)، وصولًا إلى منصب رئيسة هيئة البحرين للثقافة والآثار منذ عام 2010 حتى الآن، بالإضافة إلى كونها رئيسة مجلس إدارة المركز الإقليمي العربي للتراث العالمي (ARC-WH)، وهو مركز تحت رعاية اليونسكو من الفئة الثانية.

كما تعتبر المؤسس ورئيس مجلس أمناء مركز الشيخ إبراهيم بن محمد آل خليفة للثقافة والبحوث منذ تأسيسه في عام 2002، وعينتها منظمة السياحة العالمية سفيرًا خاصًا للسنة الدولية للسياحة المستدامة من أجل التنمية (2017)، ونالت عددًا من الجوائز والأوسمة التقديرية، ومن بينها على سبيل المثال لا الحصر، وسام جوقة الشرف الفرنسي بدرجة فارس، جائزة "ووتش أوارد" من الصندوق العالمي للآثار وجائزة "كولبير" للإبداع والتراث.

ركائز هامة للسياحة

تستند رؤية الشيخة مي بنت محمد آل خليفة للنهوض بالقطاع السياحي إلى المستوى العالمي على سبع ركائز أساسية.

تعنى الركيزة الأولى من رؤية معاليها بإدارة الأزمات والتخطيط للمستقبل، من خلال السعي لتقديم المنظمة المساعدة اللازمة للأعضاء، للتخفيف من حدة تأثيرات جائحة كورونا، عبر تقديم النصح والمشورة بشأن استراتيجيات الإغاثة المناسبة، والمساعدة في إنقاذ الاستثمارات القابلة للديمومة، والحرص كذلك على تحقيق التعاون الوثيق بين منظمتي السياحة والصحة العالميتين والمؤسسات الأخرى ذات الخبرة في المجال الصحي، لضمان الوصول إلى توافق دولي بشأن إجراءات السفر الآمن، وكذلك دراسة البرامج التي اتخذتها الحكومات للتخفيف من الضغوط المالية المباشرة وتعميم أفضل الممارسات وتقديم المشورة عند الحاجة.

كما يستند هذا المحور الى إطلاق حملة لدعم السياحة المحلية، التي من شأنها أن تحقق الاستدامة الاقتصادية والبيئية، وتقديم المساعدة للدول الأعضاء في منظمة السياحة العالمية بهدف دمج السياحة في الخطط الوطنية لإدارة الأزمات وتخفيف المخاطر، وإنشاء صندوق مساعدات تابع للمنظمة لدعم كل الدول الأعضاء كاملي العضوية لتلبية التدخلات الطارئة لقطاع السياحة.

أما الركيزة الثانية فتؤكد أن السياحة جزء لا يتجزأ من أهداف التنمية المستدامة، والتي يتطلب معها أن ترصد بانتظام مدى امتثال القطاع السياحي والأطر التنظيمية الحكومية لهذه الأهداف، وكذلك التأكيد على أن السياحة جزء أساسي من الأهداف الرامية إلى " القضاء على الفقر" و"ضمان المساواة بين الجنسين" و"توفير العمل اللائق والنمو الاقتصادي".

تهتم الركيزة الثانية أيضًا بتأثير السياحة على تغيير المناخ، من خلال صياغة استراتيجيات طويلة الأجل لتحفيز السفر بالسكك الحديدية، وتوجيه البحث والتطوير نحو تقليل الانبعاثات، واستخدام الطاقة البديلة، وإدارة المياه والتقليل من النفايات، لتكون هذه المبادرات ضمن تراخيص الجودة للمشاريع السياحية الجديدة والقائمة، ويعد دمج أهداف التنمية المستدامة والميثاق العالمي لأخلاق السياحة في الأطر التنظيمية الوطنية في هذه الركيزة بمثابة مؤشر أداء رئيسي أساسي للمرحلة القادمة لمنظمة السياحة العالمية.

التمويل والابتكار والتكنولوجيا

تطرقت الركيزة الثالثة إلى التمويل والعضوية، ويتمثل ذلك بإعادة النظر في قدرة منظمة السياحة العالمية على تقديم القيمة المنشودة مقابل المال في ما يتعلق بالاشتراكات التي تفرضها والخدمات التي تقدمها، وإعادة النظر كذلك في حالة العضوية بالانتساب، إلى جانب توسيع قاعدة العضوية في المنظمة واعتباره أولوية، وتشجيع الدول غير الأعضاء على الانضمام وتقديم عدد من المزايا لهم، بالإضافة إلى توسيع قاعدة العضوية بالانتساب وتنويعها وإعادة وضع تصور لها.

الابتكار والتكنولوجيا يشكلان الركيزة الرابعة، التي تؤكد جعل إبقاء الوجهات الذكية والتحول الرقمي من أولويات منظمة السياحة العالمية، مع أهمية استكشاف الفرص بالنسبة للوجهات الذكية، وضرورة تصميم نماذج تعاونية لأفضل الممارسات وتعميمها والتشجيع على تبنيها، بالإضافة إلى المراجعة المفصلة لموضوع الابتكار ابتداءً من داخل المنظمة كونه أحد شروط إدارة أي منظمة حديثة.

تؤكد الركيزة الخامسة على أهمية زيادة التعاون مع المنظمات الدولية، من خلال تعزيز أوجه التداخل بين صلاحيات المنظمة وصلاحيات غيرها من المنظمات الدولية عبر تقوية العلاقات الدبلوماسية والتعاون، إضافة إلى تعزيز قنوات التواصل مع كبرى وكالات التمويل، لما لها من دور كبير في تطوير التوجيهات والبروتوكولات التي ستسهل على الدول الأعضاء الحصول على الحوافز المالية.

تعليم وشراكة بين عام وخاص

جاءت الركيزة السادسة من رؤية معالي الشيخة مي بنت محمد للنهوض بالقطاع السياحي إلى المستوى العالمي، بشأن التعليم والتدريب والتوظيف، والهادفة إلى رفع مستويات المؤهلات الخاصة ببعض القطاعات من خلال البحوث والابتكار، عبر إنشاء برنامج الدراسات العليا لمنظمة السياحة العالمية، وإنشاء برنامج للمقاعد الأكاديمية (على غرار نموذج اليونسكو القائم)، الذي من شأنه أن يخلق شبكة من الباحثين العالميين، إضافة إلى دعوة هذه الركيزة إلى إطلاق برنامج تدريبي خاص بمنظمة السياحة العالمية يشجع على اكتساب خبرة العمل العالمية، مع أهمية تنويع سياسة التوظيف داخل المنظمة العالمية للسياحة من خلال تشجيع برامج الإعارة من الدول الأعضاء، وطلبات المرشحين من مختلف الخلفيات خاصة فيما يتعلق بالعمر والجنس والجنسية.

أما الركيزة السابعة والأخيرة فتتعلق بالشراكة مع القطاع الخاص، من خلال تيسير النشاطات بين الشركات، عبر حشد فرص الاستثمار بين الدول الأعضاء فيها، وكذلك التفاوض على الشروط المواتية مع المؤسسات المالية الحكومية والدولية، والسعي لجذب وإشراك مختلف الشركات سواء من قطاع السياحة أو غيرها من القطاعات والتي لديها منح وبرامج مسؤولية مجتمعية سخية ، بهدف ضمان وجود منصة مشتركة تشكل حلقة وصل بين المبادرات المتعلقة بالسياحة المسؤولة، مع التركيز بشكل خاص على الشركات الصغيرة والمتوسطة، وتسهيل الحصول على التمويل، والوصول إلى الأسواق، والتدريب وبناء القدرات، والتنويه إلى أهمية دراسة فكرة إطلاق مشروع مشترك بين الشركات الكبيرة والشركات الصغيرة والمتوسطة يضمن نقل المعرفة والوصول إلى الأسواق، وأخيرًا إعادة بناء العلاقة القوية بين المجلس العالمي للسفر والسياحة ومنظمات القطاع الخاص المعنية على المستوى الوطني.

دور فاعل محليًا

جاء ترشيح مملكة للشيخة مي بن محمد آل خليفة نتيجة لدورها الفعال وتأثيرها على القطاع السياحي والثقافي في مملكة البحرين التي شهدت تنفيذ العديد من المشاريع التي ساهمت في تحفيز التنمية الحضرية وتوفير فرص العمل وجذب المستثمرين والزوار من خلال الاستثمار في البنية التحتية الثقافية وجعلها رافدًا لصناعة السياحة الثقافية التي تعكس توجهات المجتمع الدولي ومنظمة الأمم المتحدة في الوقت الراهن.

وهي سامهت بشكل فعال في قيادة الجهود الوطنية لتنفيذ السياسات الثقافية وتطبيق استراتيجيات طويلة الأمد لتطوير البنية التحتية الثقافية المستدامة وتنميتها، وإيمانها التام بقوة الثقافة ودورها في دفع عجلة التنمية، إلى جانب حرص معاليها للحفاظ على التراث الثقافي للمملكة بكل أشكاله، والترويج له على الصعيدين المحلي والدولي، حيث غيّرت رؤية وقيادة الشيخة مي بنت محمد ملامح المشهد الثقافي في البحرين، وأثمرت جهودها عن اعتراف عالمي بمكانة البحرين التاريخية والثقافية، كما حصدت المملكة على العديد من الاعترافات الدولية والجوائز والألقاب التي ساهمت في وضع اسم المملكة على خارطة المراكز الثقافية والسياحية العالمية.