سان أنجيلو: في تكساس، قرّر أصحاب مزارع الانتقال من النفط الذي يستخدمونه على أراضيهم الى طاقة الرياح التي باتت تمثل 23 في المئة من الإنتاج الكهربائي في هذه الولاية الأميركية.
هل كان جي آر وبوبي يوينغ، بطلا مسلسل "دالاس" الشهير في ثمانينات القرن الماضي، ليستبدلا آبارهما النفطية بتوربينات رياح لو أنهما موجودان اليوم؟ هذه الفرضية استحالت واقعا لدى "بوبي" آخر في تكساس قرب سان أنجيلو على بعد حوالى أربع ساعات بالسيارة غرب دالاس.
ففي أحد أيام نيسان/ابريل 2021، يسمع بوبي هلمرز (79 عاما) همس مراوح العنفات وهي تدور وسط الرياح في حقل بقطر 120 مترا داخل مزرعته. وهو يقف مذهولا أمام قلة الضجيج الناجم عن هذه التوربينات والطابع التحديثي الذي أضفته منذ وضعها قبل ثلاث سنوات في مزرعة تملكها عائلة زوجته ساندرا منذ أجيال.
وهو يقول "استبدلنا قبعات ستيتسون (العريضة المحببة لدى رعاة البقر) والخيول بقبعات صغيرة وشاحنات بيك-اب".
أما الأبقار فلا تزال موجودة، إذ يربي الزوجان بمساعدة موظف 125 حيوانا من مجترات "برانغوس"، وهو جنس هجين ينجم عن تزاوج بقر الأنغوس (نوع معروف بلحمه الطري) وبراهمان (المعروف بمقاومته للحرارة).
لكن اليوم، نصف الإيرادات التشغيلية مصدرها طاقة الرياح.
وعلى مسافة كيلومترات من المزرعة، داخل مبنى صغير وسط نباتات العرعر والصبار، يدير كيفن دوفور (48 عاما) حوالى عشرة موظفين مكلفين صيانة الموقع الذي يضم توربينات الرياح الـ76 في مزرعة بوبي وساندرا هيلمرز.
ويوضح الموظف في مجموعة "إنجي" العملاقة في مجال الطاقة، المشغلة للموقع أن "المنطقة تطورت بفضل الزراعة وتربية المواشي والنفط".
وقد اكتشف حارس السجن السابق هذا متأخرا أن الثروات المحلية لا تقتصر على الموارد الأرضية.
وفي 2007، قرر العمل في قطاع طاقة الرياح، في خطوة لم يسبقه إليها أحد في عائلته.
ومذاك، لا يكف هذا الرجل عن الثناء بالمردود الكبير لهذه التوربينات. ويقول "عنفاتنا تدور 50 % من الوقت" بفضل مستوى الرياح القوي، "وهذا أداء جيد في القطاع".
ولوعود الرئيس الأميركي جو بايدن بشأن الانتقال إلى مصادر طاقة مراعية للبيئة، وقع خاص في تكساس. فرغم أنها معروفة بمصادر الطاقة الأحفورية، استثمرت الولاية مبالغ طائلة في مطلع العقد الأول من القرن الحالي لتتصدر قائمة الولايات الأكثر إنتاجا لطاقة الرياح في البلاد، والمركز الثاني على صعيد الطاقة الشمسية.
ويقول جوشوا لونغ الأستاذ المتخصص في البيئة بجامعة ساوثويسترن قرب أوستن، "خلافا للأفكار المتوارثة، لم يكن الحاكم جورج بوش الابن (1995-2000) وخلفه ريك بيري (2000-2015) يريدان أن تعتمد تكساس حصرا على النفط. لقد أرادوا أن تكون ولاية كل الطاقات".
وتتعايش مصادر الطاقة الأحفورية مع تلك المتجددة منذ زمن بعيد في تكساس حيث لم يكن انتقال بوبي هلمرز من النفط إلى طاقة الرياح مدفوعا بأي قناعات بيئية.
فقد تراجع في السنوات الأخيرة إنتاج آباره النفطية المقامة في تسعينات القرن العشرين، ما دفع بالشركة المشغلة لها إلى التخلي عنها.
وكانت مجموعة "إنفينيتي رينيوابلز" للطاقة المتجددة أعطت قبل سنوات موعدا لبوبي هلمرز وجيرانه داخل مطعم في مزرعة مجاورة. وقد اقتنع سريعا بالإيرادات المحتملة التي يمكن أن يتقاضاها.
ويذكّر هلمرز بأن النفط مورد غير متجدد، لذا فإن "مردود البئر يتراجع حتما بين عام وآخر".
ويقول "الإنتاج ثابت على صعيد طاقة الرياح. أما لناحية النسبة المئوية المستقاة، فهي ترتفع بعد خمس سنوات ثم بعد عشر سنوات".
وقد مرّ عقد كامل بين المفاوضات الأولية وبناء أول عنفة على أراضي عائلة هلمرز. وفي هذا الوقت، اشترت "إنجي" شركة "إنفينيتي رينيوابلز" وحسنت التكنولوجيا المستخدمة فيها.
ويقول هذا "الكاوبوي"، "كان من المفترض أن تبلغ طاقة التوربينات 1,5 ميغاواط في الساعة، لكنها باتت تبلغ 2,625"، ما يزيد الإيرادات.
في حين تقلب دخله من النفط مع تغيرات السوق، يتمتع هلمرز حاليا بدخل أكثر ثباتاً تحفظ عن كشف قيمته.
وعلى الرغم من النجاحات، عانى الرجل من خيبة أمله الأولى في مجال طاقة الرياح قبل بضعة أشهر عندما توقفت توربيناته عن الدوران لمدة 10 أيام خلال موجة برد تاريخية أصابت المنطقة بالشلل.
التعليقات