بيروت: تستأنف شركة "ألفاريز ومارسال" الخميس عمليات التدقيق الجنائي في حسابات المصرف المركزي في لبنان، وفق ما أعلنت الرئاسة اللبنانية الأربعاء، بعد نحو عام من تعليقها لتعذر حصول الشركة على كافة المستندات المطلوبة.

وأوردت الرئاسة أن رئيس الجمهورية ميشال عون التقى الأربعاء المسؤول في شركة "الفاريز ومارسال" جايمس دانيال، الذي أطلعه "على مباشرة الشركة غداً التدقيق المالي الجنائي في حسابات مصرف لبنان بعد إنجاز كل الترتيبات المتعلقة بذلك".

وقال مدير عام وزارة المالية اللبنانية جورج معراوي لوكالة فرانس برس إن "فريق الشركة وصل أمس وباشر الترتيبات"، مشيراً إلى أنه "بحسب العقد، لدى الشركة 12 أسبوعاً لجمع المعلومات وإعداد تقريرها".

جدلٌ واسع

وقد أثار التدقيق الجنائي في حسابات المصرف المركزي العام الماضي جدلاً واسعاً في لبنان.

في تشرين الثاني/نوفمبر 2020، أنهت شركة "ألفاريز ومارسال" عقدها الموقع مع لبنان للتدقيق الجنائي في حسابات المصرف المركزي، بعد تعذر حصولها على كافة المستندات المطلوبة منه. وقال المصرف المركزي وقتها إن الحصول على تلك المعلومات يعارض قانون السرية المصرفية.

وفي كانون الأول/ديسمبر، أقرّ مجلس النواب قانوناً نص على تعليق العمل بالسرية المصرفية لمدة عام لفتح المجال أمام إعادة إطلاق التدقيق الجنائي.

وبعد أشهر من المماطلة والجدل بين الأطراف المعنية، وقع وزير المالية يوسف خليل الشهر الماضي عقد التدقيق الجنائي مع الشركة المذكورة.

إلا أن خبراء يشككون في إمكانية تمكن مدققي الشركة من إتمام مهمتهم، نظراً الى شروط العقد والوقت المحدد لهم، في بلد يغيب فيه مفهوم المساءلة والمحاسبة.

وقال المحلل المالي مايك عازار لفرانس برس "طالما أنه ليس لدى المدققين وصول مباشر الى الخوادم وأنظمة المعلوماتية والمحاسبة، ولا يخضع العمل لإشراف الجهات المختصة، فإنني لا أتوقع شيئاً" من عملية التدقيق.

يُعد التدقيق الجنائي في حسابات مصرف لبنان خطوة أساسية كونه أحد الشروط التي حددها المجتمع الدولي لمساعدة لبنان على الخروج من دوامة الانهيار الاقتصادي المستمر في البلاد منذ أكثر من عامين.

كما يطالب به صندوق النقد الدولي، الذي يُفترض أن يستأنف لبنان قريباً مفاوضاته الرسمية معه بعد توقفها العام الماضي بعد جلسات عدة جراء خلافات بين المفاوضين اللبنانيين حول حجم الخسائر.

وتجري الحكومة حالياً لقاءات فنية مع صندوق النقد، الذي يزور مديره التنفيذي وممثل مجموعة الدول العربية لدى المجلس التنفيذي محمود محي الدين لبنان ويلتقي تباعاً المسؤولين.

انهيارٌ اقتصادي

وقال ميقاتي بعد لقائه محي الدين الثلاثاء إن "لبنان يعوّل كثيرا على إقرار خطة تعاون مع صندوق النقد الدولي لمساعدته على تجاوز الأزمة المالية والاقتصادية التي بلغت مستويات غير مسبوقة". وأضاف "نأمل إنجاز برنامج التعاون قبل نهاية العام الحالي".

استنزف الانهيار الاقتصادي الذي صنّفه البنك الدولي من بين الأسوأ في العالم منذ العام 1850، احتياطات مصرف لبنان وأفقد الليرة أكثر من 90 في المئة من قيمتها ووضع 78 في المئة من اللبنانيين تحت خط الفقر، وسط هجرة بالآلاف للمقتدرين والميسورين.

وتعمل حكومة ميقاتي، التي تشكّلت في العاشر من الشهر الماضي، بموجب توافق صعب بين الأفرقاء السياسيين بعد 13 شهراً من الفراغ، على استعادة ثقة المجتمع الدولي الذي ينتظر منها القيام بإصلاحات جذرية من أجل حصول لبنان على دعم مالي.