اسطنبول: سجلت الليرة التركية من جديد انخفاضا غير مسبوق الثلاثاء حيث تراجعت بنسبة 15 بالمئة أمام الدولار بعدما أصر الرئيس رجب طيب اردوغان أنه لن يغير سياسته النقدية وسيواصل "مقاومة الضغوط" التي تدعوه إلى رفع معدلات الفائدة.

فقد بلغ سعر صرف العملة التركية أكثر من 13 ليرة مقابل الدولار، قبل أن تستعيد قليلا من قيمتها بعد تراجع غير مسبوق.

تواجه تركيا أسوأ أزمة نقدية على الإطلاق منذ آب/أغسطس 2018، عندما بلغ سعر صرف الليرة أدنى مستوياته خلال خلاف مع الرئيس الأميركي آنذاك دونالد ترامب.

الخميس، خفض المصرف المركزي سعر الفائدة المرجعي مرة أخرى، وذلك للمرة الثالثة في أقل من شهرين، من 16% إلى 15%، بناءً على رغبة رئيس الدولة وعلى الرغم من ارتفاع التضخم وتراجع قيمة العملة بشكل متسارع.

سياسات البنك المركزي

وقال المحلل في شركة أواندا لتداول العملات كريغ إرلام لوكالة فرانس برس إن "المضاربين ضاقوا ذرعا كليا بسياسات البنك المركزي".

أضاف "هناك سبب لجعل البنوك المركزية مستقلة وهذا ما يحدث عندما يتم تجاوز الفاصل. ظروف مثالية لسياسات نقدية مدفوعة سياسيا، وتجاهل كامل للتضخم ولبنوك مركزية أخرى تتخذ نهجا أكثر عقلانية".

وإردوغان، المعارض الصريح لمعدلات فائدة مرتفعة، دائما ما يبني شعبيته على سمعة تحقيق نمو اقتصادي قوي وتحسين مداخيل العائلات في أنحاء البلاد.

فهو يعتبر أن معدلات الفائدة المرتفعة تسبب التضخم، ولا تسهم في تراجعه.

ودافع عن السياسات الحالية في خطاب للأمة بعد اجتماع حكومي الإثنين بقوله "يمكننا أن نرى تلاعب البعض بسعر الصرف والعملة الصعبة ومعدلات الفائدة ورفع الأسعار".

وأضاف "سنخرج منتصرين من حرب الاستقلال الاقتصادي هذه بعون الله وشعبنا".

خسرت الليرة التركية أكثر من 40 بالمئة من قيمتها مقابل الدولار منذ مطلع العام، فيما بلغ معدل التضخم السنوي قرابة 20 بالمئة، أي أكثر بأربع مرات من الهدف الذي حددته الحكومة.

والحد الأدنى للأجور كان يعادل نحو 380 دولارًا في كانون الثاني/يناير، وبعد تقلبات الثلاثاء بات الآن 224 دولارًا على أساس راتب 2825,90 ليرة تركية.

وقال خبير الاقتصاد في بلو باي أسيت مانجمنت تيموثي آشي في رسالة إلكترونية إلى عملاء "بالتأكيد أحدهم في القصر لديه الجرأة ليربت على كتف إردوغان ويقول: لقد فشلت حقا. ... اعترف بأنك أخطأت. ابتعد ودع شخصا يعرف كيف يعمل يدير البنك المركزي".

خفض البنك المركزي سعر الفائدة المرجعي بأربع نقاط مئوية وصولا إلى 15 بالمئة منذ آب/أغسطس.

بعد تدهور الليرة الثلاثاء اجتمع إردوغان بمحافظ البنك المركزي شهاب قاوجي أوغلو، بحسب وسائل إعلام محلية لم تكشف عن مزيد من التفاصيل.

ودافع البنك في وقت لاحق الثلاثاء عن سياساته قائلا إن "أسعار الصرف تحددها ظروف العرض والطلب وفقا لديناميات السوق الحرة".

أضاف "يمكن للبنك وفي ظروف معينة، أن يتدخل فقط في التقلبات المفرطة من دون السعي لأي اتجاه دائم".

ويعتقد المحللون بأن الازمات الاقتصادية في تركيا يمكن أن تؤثر على استعدادات الرئيس لانتخابات 2023، وسط مؤشرات على رص الصفوف داخل المعارضة التي فشلت حتى الآن في تحديه.