توشك روسيا على التخلف عن سداد ديون لأول مرة منذ عام 1998، إذ يبدو أنها ستعجز عن الوفاء بموعد نهائي الأحد لدفع فائدة بقيمة 100 مليون دولار.

وتمتلك روسيا الأموال اللازمة كما أن لديها نية الدفع، لكن العقوبات المفروضة عليها تجعل من المستحيل إيصال المدفوعات للدائنين الدوليين.

ولقد عقد الكرملين العزم على تجنب أول تخلف عن السداد منذ عام 1998، وكذلك تفادي لطمة شديدة لهيبة البلد.

ووصف وزير المالية الروسي الوضع بأنه "مهزلة".

وبدت روسيا ماضية في مسار حتمي للتخلف عن السداد منذ أن فرضت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي العقوبات لأول مرة في أعقاب غزو أوكرانيا.

وأدى ذلك إلى تقييد وصول البلاد إلى الشبكات المصرفية الدولية التي تعمل على إيصال المدفوعات من روسيا للمستثمرين في شتى أنحاء العالم.

وقالت الحكومة الروسية إنها تريد تسديد جميع مدفوعاتها في الوقت المحدد، وقد نجحت حتى الآن. لكن حوالي 40 مليار دولار من ديون روسيا مقومة بالدولار أو اليورو، ونصفها محتجز خارج البلاد.

الغرب يقرر عزل بعض البنوك الروسية عن نظام سويفت

روسيا وأوكرانيا: كم تكلف هذه الحرب موسكو؟

وسيكون التخلف عن السداد هو الأول منذ عام 1998 الذي شهد النهاية الفوضوية لنظام بوريس يلتسين.

وكان دفع الفائدة البالغة 100 مليون دولار مستحقا في 27 مايو/ أيار. وتقول روسيا إن الأموال تم إرسالها إلى مصرف "يوروكلير" الذي يقوم بتوزيع المدفوعات على المستثمرين.

لكن هذه الدفعة توقفت لدى المصرف، وفقا لشبكة بلومبيرغ الإخبارية، ولم يتسلمها الدائنون.

ويقول جاي أوسلاندر، المحامي الأمريكي الذي عمل في العديد من قضايا الديون الحكومية، إن الدائنين: "لم يحصلوا على الأموال".

وأضاف أوسلاندر: "الاحتمال الكبير أنهم لن يحصلوا عليها. إذا لم تصل هذه الأموال في غضون 30 يوما من تاريخ الاستحقاق، أي مساء الأحد، فسيتم اعتبار ذلك على نطاق واسع بمثابة تخلف عن السداد".

وامتنع مصرف يوروكلير عن تحديد ما إذا كانت الدفعة حُجبت، لكنه قال إنه ملتزم بجميع العقوبات.

وبدا التخلف عن السداد حتميا عندما قررت وزارة الخزانة الأمريكية عدم تجديد إعفاء خاص في العقوبات يسمح للمستثمرين بتلقي مدفوعات الفائدة من روسيا. وانتهى العمل بهذا الإعفاء يوم 25 مايو.

ويبدو الآن أن الكرملين قد قبل هذه الحتمية أيضا، إذ أصدر مرسوماً في 23 يونيو/ حزيران ينص على أن جميع مدفوعات الديون المستقبلية ستتم بالروبل من خلال مصرف روسي، حتى إذا كانت العقود تنص على أن الدفع يجب أن يكون بالدولار أو بعملات دولية أخرى.

وأقر وزير المالية أنطون سيلوانوف بأن المستثمرين الأجانب "لن يتمكنوا من تلقي" المدفوعات، وفقا لوكالة أنباء ريا نوفوستي.

وأرجع هذا لسببين "الأول هو أن البنية التحتية الأجنبية... ممنوعة من إجراء أي عمليات تتعلق بروسيا. والثاني هو أن المستثمرين الأجانب ممنوعون صراحة من تلقي مدفوعات منا".

ونظرا لأن روسيا تريد الدفع ولديها الكثير من المال للقيام بذلك، فقد نفى الوزير أن يكون هذا بمثابة تخلف حقيقي عن السداد، والذي يحدث عادةً عندما ترفض الحكومات الدفع، أو عندما تكون اقتصاداتها ضعيفة جدا بحيث لا يمكنها العثور على المال.

ونقلت وكالة ريا نوفوستي عنه قوله: "المطلعون يدركون أن هذا ليس تقصيرا على الإطلاق. هذا الوضع برمته يبدو وكأنه مهزلة".

وزير مالية روسيا
Getty Images
وزير مالية روسيا يقول إنه ليس "تعثرا حقيقيا"

وليس من الواضح كيف سيتم الإعلان رسميا عن التخلف عن السداد.

وعادة ما تتولى وكالات التصنيف الائتماني، التي تُقيّم الجدارة الائتمانية للمقترضين، الإعلان الرسمي عن التخلف عن السداد. لكن هذه الوكالات ممنوعة من تغطية روسيا بموجب عقوبات الاتحاد الأوروبي.

وقضت لجنة تحديد مشتقات الائتمان بالفعل بأن روسيا فشلت في الدفع، بعدما أخفقت في دفع حوالي مليوني دولار فائدة مستحقة لتأخر عن السداد في مايو. وتحدد اللجنة ما إذا كانت المدفوعات قد فاتت ويمكن للمستثمرين المطالبة بعقود شبيهة بالتأمين، تُسمّى مقايضات التخلف عن السداد.

وبدلاً من ذلك، يمكن للدائنين أنفسهم إعلان التخلف عن السداد، ومطالبة روسيا بدفع كامل قيمة الديون على الفور. ويقول أوسلاندر إن الدائنين الآخرين لروسيا يمكنهم أيضا المطالبة بسداد فوري لديونهم، بموجب ما يُسمّى بأحكام التخلف عن السداد.

وإذا فشلت روسيا في الدفع، فيمكن للدائنين اللجوء إلى القضاء لمحاولة الحصول على أموالهم.

وعلى الرغم من أن التخلف عن السداد سيكون بمثابة ضربة رمزية، إلا أنه لن يكون له سوى القليل من النتائج العملية المباشرة على روسيا.

وعادة ما تجد الدول المتعثرة أن من المستحيل عليها اقتراض المزيد من الأموال، لكن روسيا ممنوعة بالفعل من الاقتراض في الأسواق الغربية بسبب العقوبات.

وعلى أي حال، يُقال إن روسيا تكسب حوالي مليار دولار يوميا من صادرات الوقود الأحفوري. كما أن سيلوانوف قال في أبريل/ نيسان إن البلاد ليس لديها خطط لاقتراض المزيد.