إلعاد كاسبين
Cânhamor

في عام 2010، شدّ إلعاد كاسبين الرحال وقرر التجوال حول العالم، بعد أن سئم من العيش في إسرائيل، واصفاً الحياة فيها بالمعقدة.

يقول مهندس الكمبيوتر كاسبين: "كنت على يقين بأنني لا أريد العيش هناك، رغم أنني كنت أتمتع بحياة ودخل جيدين".

بعد عامين من السفر وصل إلى كولوس، القرية الواقعى بين مدينتي أوديميرا وأوريك في جنوب البرتغال. أحب الشاب المكان كثيراً لدرجة أنه قرر الاستقرار فيه.

ويقول إنه ليس الوحيد الذي قرر الهجرة إلى هناك، بل شهدت المنطقة في السنوات الأخيرة موجة من المهاجرين، جذبتهم السهول والمساحات الشاسعة والمناظر الخلابة وأسلوب الحياة الهادئ والطقس الجميل والعقارات الرخيصة.

لكن هذه الشعبية لم تؤدِ إلى خلق وظائف جيدة ودائمة. لذلك وبمساعدة صديق الطفولة الفلسطيني عمر بن زفي، قرر كاسبين تأسيس شركة، كانهامور.

كانت فكرتهما هي الاستفادة من تخفيف البرتغال للقوانين الخاصة بزراعة القنب، أحد انواع الحشيش.

بموجب ترخيص باشرا بزراعة الحشيش والقنب عام 2018.

تم تعديل القوانين منذ ذلك الحين، ولكن بإذن من المديرية العامة للأغذية والشؤون البيطرية، يمكن للمزارعين زراعة الحشيش طالما كان هناك إشراف من الجهات الرقابية.

إن ذلك يمثل عودة الحياة إلى زراعة الحشيش في البرتغال.

كان نبات الحشيش، مادة أولية أساسية في صناعة الحبال والأقمشة والأشرعة ولعب دوراً كبيراً في توسيع الملاحة البحرية في البرتغال وتطويرها. وقد بدأت البلاد بزراعة الحشيش في القرن الخامس عشر.

ألياف الحشيش التي حظيت بالتقدير والاهتمام لمتانتها وجودتها لمئات السنوات، باتت اليوم محط اهتمام القائمين على صناعة البناء.

كان القنب يتمتع بأهيمة كبيرة لعدة قرون بسبب قوة أليافه
Getty Images
كان القنب يتمتع بأهيمة كبيرة لعدة قرون بسبب قوة أليافه

ليس فقط لأن الياف القنب متينة، ولكن لدى نبات القنب أيضاً قدرة كبيرة على الحد من انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون.

يمتص نبات القنب ثاني أكسيد الكربون عند زراعته وعند تحويله إلى طوب للبناء، يمكن أن يحل محل الخراسانة والطوب التقليدي، الذي يؤدي إنتاجه إلى إنبعاث كميات كبيرة من الكربون.

ووفقاً لتقرير المفوضية الأوروبية، فإن لنبات القنب قدرة رائعة على امتصاص الكربون من الهواء.

في غضون خمسة أشهر فقط، يمكن للهكتار الواحد (2.5 فدان) من القنب أن يمتص ما بين 9 و 15 طناً من ثاني أكسيد الكربون.

أراد كاسبين استغلال تلك الميزات من خلال إنشاء شركته الخاصة لانتاج طوب بناء من نبات القنب.

باستثمار أولي قدره مليون دولار، تم تأسيس شركة كانهامور في بداية عام 2021 ، وبدأت بالإنتاج بعد بضعة أشهر.

يتكون طوب البناء المصنوع من القنب من مزيج من نبات القنب والماء ومسحوق الحجر الكلسي.

وفقاً لكاسبين، يتمتع هذا الطوب بالعديد من المزايا مقارنة بمواد البناء التقليدية.

بالإضافة إلى أن انتاجه أقل استهلاكاً للطاقة فإنه أفضل على صعيد العزل الحراري والصوت من الطوب التقليدي والخرسانة، عدا عن أنه مقاوم للنيران بشكل كبير.

في عام 2019 ، أجرى باحثون في أستراليا اختبارات على جدران من طوب القنب، بما في ذلك محاكاة حرائق الغابات، ووجدوا أنه شديد المقاومة للحرائق.

ولكن، يجب أن ينافس طوب القنب الطوب المصنوع من الآجر والخراسانة الأرخص والأقوى والمعروف لدى البنائين.

تشمل كلفة إنتاج الطوب المصنوع من القنب نفقات زراعة القنب التي تتضمن مدخلات باهظة الكلفة مثل الأسمدة وغيرها.

في الأيام الأولى، اجه كاسبين مصاعب في إقناع الزبائن بشراء طوب القنب.

ويقول: "قطاع البناء، قطاع تقليدي للغاية والتغير فيه شبه معدوم. يقوم العديد من المهندسين المعماريين والبنائين بما اعتادوا أن يقوموا به دائماً. ليس من السهل إدخال أشياء جديدة".

ولكن بعد عدة تجارب، نجحوا في اقناع بعض الزبائن الذين يساعدون في تنمية أعمال الشركة.

تنتج شركة كانهامور حالياً ما بين 4 إلى 10 آلاف طوب شهرياً، وهو ما يكفي لبناء حوالي ثلاثة منازل.

الطلب مرتفع جداً و تخطط الشركة لفتح مصنع جديد سيصل إنتاجه إلى حوالي 120 ألف طوبة شهرياً.

لذلك فإن المشكلة التالية هي الحصول على ما يكفي من القنب لإمداد المصنع الجديد.

في الوقت الحالي ، تستورد الشركة القنب من الخارج مما يجعل تكلفة انتاجها عالية. وتهدف الخطة إلى إقناع المزيد من المزارعين المحليين بزراعة هذا القنب.

يقول كاسبين: "لم يكن هناك مصنع لأنه لم تكن هناك زراعة، ولم تكن هناك زراعة لأنه لم يكن هناك مصنع. لدينا الفرصة لكسر هذه الحلقة".

طوب القنب مصنوع من ألياف القنب ومسحوق الحجر الكلسي والماء
Cânhamor
طوب القنب مصنوع من ألياف القنب ومسحوق الحجر الكلسي والماء

ويتوقع أنه "مع توفر المواد المحلية وزيادة طاقة الإنتاج، ستنخفض تكاليف الإنتاج بشكل كبير. في عام 2024 سنكون قادرين على منافسة طوب الخرسانة وستكون اسعارنا أقل".

وحسب تقدير كاسبين، هناك حاجة لزراعة مساحة ألف هكتار بالقنب، لإنتاج ما يكفي من ألياف القنب.

"نجري محادثات مع العديد من المزارعين، لقد عرضنا عليهم شراء محصولهم بالكامل، ونعلم أن هناك أشخاصاً يرغبون في شراء ليس فقط الطوب الذي ننتجه بل كل منتج ثانوي من القنب الذي نستخدمه في المصنع الجديد".

بدأوا الاختبارات في كانون الثاني/ يناير مع مجموعة من المزارعين المحليين ذوي الخبرة، حيث يزرعون نبات القنب في منطقة زراعية تصل مساحتها إلى 10 هكتارات "من باب التجربة ولتقييم النتائج" كما يقول كاسبين.

ويتوقع كاسبين أن يكون قادراً على الاستفادة من إنتاج مساحة 150 هكتاراً من القنب محلياً بحلول نهاية هذا العام.

والهدف هو الو صول بحلول عام 2024، إلى زراعة 500 هكتار، لكن ذلك يتوقف على رغبة مزارعي منطقة ألينتيجو في تغيير موقفهم من هذا النبات.

يمكن أن يحل طوب القنب محل طوب الآجر أو الخرسانة في البناء
Cânhamor
يمكن أن يحل طوب القنب محل طوب الآجر أو الخرسانة في البناء

سيتعين على شركة كانهامور التنافس مع الشركات الأوروبية الأكبر مثل Isohemp البلجيكية.

تبلغ الطاقة الإنتاجية لمصنعها الواقع في وسط بلجيكا خمسة ملايين طوبة في السنة، أي ما يكفي لبناء حوالي منزلين في اليوم الواحد.

على عكس كانهامور، يمكنها الحصول على ماتحتاجه من قنب محلياً أو من شمال فرنسا وجنوب هولندا.

لكن الشركتان تواجهان تحدياً و في تحد واحد مماثل.

تقول شارلوت دي بيلفرويد من شركة إيسو هيمب: "يعتبر قطاع البناء بالفعل سوقاً تقليدية للغاية، وتغيير العادات والتقاليد في هذا القطاع يستغرق وقتاً طويلاً. والعقبات الحالية هي الافتقار إلى المعرفة حول المنتج الجديد".

بذور القنب
Cânhamor
يتم إحياء زراعة القنب في جميع أنحاء أوروبا

بالعودة إلى جنوب البرتغال، من المقرر أن تصبح كانهامو، واحدة من أكبر الشركات المحلية، حيث رفعت عدد عمالها إلى 30 مقارنة بالستة الحاليين الذين يعملون في خط الإنتاج.

وقال مارسيلو غيريرو، عمدة أوريك لبي بي سي: "لم نكن على دراية بإمكانيات القنب لكننا تعاملنا مع المشروع بذهنية منفتحة".

أعطى المجلس المحلي شركة كانهامور الأرض التي تحتاجها لبناء المصنع الجديد. وجمعت كانهامور الأموال اللازمة لبنائه والتي تقدر بخمسة ملايين يورو.

يقول رئيس البلدية: "ثلاثون وظيفة مهمة جداً لأوريك، وستصبح كانهامور أحد أكبر أرباب العمل في المدينة".

ويضيف: "نحن راضون عن التطورات الأخيرة فيما يتعلق بزراعة القنب في البرتغال، ليس فقط من الناحية التشريعية ولكن من حيث تقبل المجتمع أيضاً".