الطائف: ساعد الثبيتي
بات لمس الجمهور للمجسمات الفنية واللوحات التشكيلة ظاهرة مقلقة لبعض التشكيليين الذين يرون أن أعمالهم الفنية quot;تتأذى بأصابع المتطفلين الذين لا يحسنون التلمس البصريquot; ويلجؤون للتلمس الحسي لإدراك جمال العمل الفني. ويؤكد هؤلاء التشكيليون أن هناك quot;ضعفا في ثقافة التلمس البصريquot; لدى فئات عدة من الجمهور للأعمال الفنية، مما يدفع بهم أثناء عرضها في المعارض العامة إلى تلمسها باليد، الأمر الذي يدفع بكثير من الفنانين إلى العزوف عن المشاركة في المعارض المفتوحة خشية على أعمالهم من الضرر الذي يلحق بها نتيجة لمسها باليد.
وحول هذه الظاهرة يؤكد التشكيلي على الرزيزاء أن هناك quot;فجوة quot;بين المتلقي والفنان التشكيلي، مشيرا إلى أن الزائر للمعرض حريص على أن يلمس العمل بيده لأنه quot;لم يثقف في كيفية التعامل مع اللوحات الفنيةquot;.
ويرى الرزيزاء quot;أن الثقافة التشكيلية لدى المجتمع نمت نموا سريعا جدا ولكن لم يواكب هذا النمو ضخ إعلامي من قبل وسائل الإعلام المختلفة لتبني هذه الثقافة وتوجيهها الوجهة السليمة من خلال الندوات الثقافية والقراءات النقدية للوحات التشكيليةquot;، متهما محطات التلفزيون والصحافة بالتقصير في توجيه هذه الثقافة.
وذكر أن الوقت الحالي هو quot;صحوة الفن التشكيليquot;, مشيرا إلى أن تعدد الجمعيات في المملكة والأنشطة والجماعات التشكيلية جعلت من المملكة مركزا ثقافيا له ثقله إلا أن هناك حاجة ماسة لتنوير المواطن من قبل وسائل الإعلام ليشعر بقيمة العمل الفني،مشيرا إلى أن التلفزيون السعودي بكل قنواته شحيح في تقديم ثقافة تشكيلية للمجتمع.
وبين الزريزاء: أنه ليس هناك نقد تشكيلي بمعنى النقد بل هناك تحليل من أشخاص مجتهدين مؤكدا أن النقد مرحلة صعبة ولا بد أن يكون من شخص مثقف في جميع مجالات الفن التشكيلي ولديه دراية بالعلم البصري لكل فروع الفن التشكيلي وموسوعة ثقافية في سيادة الفن العالمي وما وصل إليه بحيث يعطي الفنان حقه في نقده.
وانتقد الرزيزاء معارض الفن التشكيلي التي تقام في الأسواق العامة, مشيرا إلى أن الأسواق quot;ليست صالات عرضquot;. وطالب بتكثيف صالات الفنون ودعم المعارض بالفعاليات الثقافية والنقدية المصاحبة.
وعن عزوف الفنانين عن المشاركة في بعض المعارض خشية تلف لوحاتهم وأعمالهم، أشار إلى أن هناك عوامل كثيرة تعرض اللوحات للتلف منها النقل والتغليف وتلمس الأعمال وتحسسها باليد وقال quot;يجب أن يكون هناك تحذيرات ولوحات تحذر من تحسس اللوحات الفنية والمجسمات في المعارض باليد ومراقبة من قبل المشرفين على صالة العرض وتوعية بقيمة العمل الفني بأنه عمل ذو قيمة فنية، حيث إن بصمة اليد والدهنيات وعدم النظافة يمكن أن تؤثر على العمل حتى لو على المدى الزمني البعيدquot;.
من جهته قال مدير فرع جمعية الثقافة والفنون في محافظة الطائف الفنان التشكيلي فيصل الخديدي quot;ما زال مجتمعنا يعاني من ضعف التلمس البصري ويرى أنه لا بد من حاسة اللمس باليد مما يؤذي كثيرا من الأعمال وهذا نعاني منه كثيرا وخاصة عند تنظيم المعارضquot;.
وذكر الخديدي أن الأعمال الفنية معظمها مصنوعة من قماش من نوع quot;كنفس مشدود على شاصيهquot; ومع الضغط يتمدد ويترهل ويرجع للفنان على حالة غير التي كان عليها، ولذلك فعدد من الفنانين يتضايقون من ذلك ويحجمون عن المشاركة في بعض المعارض لأن عمله يتلف، والعمل التشكيلي عند الفنان كأحد أبنائه، فهذا يعود إلى قلة الوعي التشكيلي. وأكد الخديدي أن التعامل اليدوي مع الللوحة, لن يتلاشى إلا مع تنمية الثقافة البصرية.
أما النحات محمد الثقفي فيرى أن الفضول هو الذي يدفع بالكثير من زوار المعرض الفنية إلى تحسسها باليد، مشيرا إلى أعمال النحت والمجسمات يفترض أنها لا تلمس لأن البصمات تؤثر على المجسمات المنحوتة والبصمات فيها مادة زيتية تؤثر على لمعة العمل لأنه مصقول إلى درجة اللمعان.
وبين الثقفي أن quot;الدهشةquot; ربما يكون لها دور في تحسس العمل باليد وخاصة عندما يكون هذه العمل جديد على المتلقي مثل أعمال النحات الذي ما يزال في بداياتهquot;، مؤكدا أن هناك إحجاما من قبل النحاتين عن المشاركات الشعبية خشية على أعمالهم.
أما الفنان التشكيلي حمدان محارب فذكر أن هناك لوحات ذات أبعاد وملمس جميل لذلك يتحسسها الجمهور كنوع من التفاعل.
وقال quot;جميل أن يكون بين الجمهور واللوحة حوار ولو من خلال اللمس, فإذا كان مقصر بصريا فإنه يحاول عن طريق اللمس, وليست جميع الأعمال تتأذى باللمس حيث لا يتأذى سوى الأعمال الناعمةquot;.
وأشار محارب إلى أن اللوحة حق للجمهور فينبغي على الفنان ألا يحجبها، والقائمون على المعرض يتحملون مسؤولية الحفاظ على العمل الفني، والذي أعتقده أنه من حق الجمهور أن يتمعن فيه بصريا وحسيا، فمثلا الأعمال المفاهيمية والحداثية تدعو إلى التعايش معها بمساحات أكبر من المساحة البصرية.
وذكر أنه لا يحبذ العرض في الهواء الطلق لأن أعمال الفنانين عزيزة عليهم وقد تتعرض للتلف، مؤكدا أن هناك قصورا حتى في تذوق الجمهور.