تشير العديد من التقارير أن أزمة المساكن تزداد حدة في السعودية على الرغم من محاولات تطويقها بحلول ناجعة من عدة جهات حكومية مثل مؤسسة التقاعد وقروض التسليف وغيرها مثل البنوك المحلية التي تطرح قروضًا عقارية إن صح التعبير، لتملك مساكن بأقساط شهرية طويلة الأجل.

الرياض:لعل مشروع quot;مساكنquot; الذي تقف خلفه المؤسسة العامة للتقاعد، وهي مؤسسة حكومية مستقلة عن أي وزارة، يقع مركزها الرئيس في الرياض، ولها اثنا عشر فرعًا، وأربعة وثلاثين مكتبًا في مختلف مناطق السعودية، هو المشروع الحكومي الأبرز،حيث كان مجال استبشار الشارع السعودي وقت الإعلان عن قرب تدشينه. وبمجرد طرحاشتراطاته جاءت تعليقات مثل quot; جاء يكحلها عماها quot;، حيث اعتبرت شروطه وضوابطه صدمة كبيرة للمنتظرين من نواحٍ عدة .

* من الواقع

quot;إيلافquot; إلتقت بعض الراغبين في الاستفادة من قروض quot; مساكنquot; عند أحد فروع المؤسسة : يقول quot;عبد اللهquot; : قدمت طلبي على أساس أن راتبي عشرة آلاف ريال فجاءت الحسبة على أن الربح سيكون ( 200 ألف ريال ) ومبلغ التمويل (131762) والإجمالي( 331762) ومدة التمويل 17 سنة .فرحنا بالمؤسسة لكن الأمور جاءت على رؤوسنا ، من ناحية أخرى أنا مجبر فأنا لا أفضل البنوك المحلية وعمولاتها المركبة quot; .

أما يحيى المالكي فيبدو راضيًا وهو يصف أن حصوله على مبلغ 427 ألف ريال هو جيد، على الرغم من أن المرابحة 457ألف وإجمالي مديونية 884094 بأنها يمكن احتمالها على مدة تمويل 23 سنة .

أحد منسوبي الفرع ( ع . ع ) قال : هذه أنظمة حكومية لا مجال فيها للتخفيض أو الرفع أو الزيادة ، كل شيء محسوب بعناية ، وإذا كنت تريد أن تحصل على مبلغ 700 ألف ريال كما تقول فيجب أن يكون راتبك لا يقل عن 15 ألف وستحصل على تمويل بـ700 ألف على 25 سنة . ويكون عليك بإجمالي مليون وأربعمائة ألف ريال تقريبًا ، يعني بمرابحة فوق 700 ألف ريال .. نعم حوالى 100% .

يقول الكاتب نواف السبهان عن صدمة quot;التقاعدquot; : quot; لا أبالغ في القول إن جل موظفي الدولة وهم الفئة المستهدفة من قروض التقاعد، قد بنوا آمالاً وأحلامًا عريضة على هذا الإقراض، لكونه يوفر لهم مصدر تمويل مريح بغرض تأمين سكن، خصوصًا أنه مقدم من جهة هي بالتأكيد لن تتعامل معهم بمنطق تجاري بحت فاقد لروح المسؤولية الوطنية ، لكنها جاءت محبطة ولصالح القروض البنكية كخيار ربما أفضل quot; .

ومن المعروف أن الحد الأعلى للتمويل مليون ريال لمدة 25 عامًا وبحسب جريدة الاقتصادية السعودية فقد أعلنت المؤسسة عند إطلاق برنامجها عن أن quot; المشروع يهدف إلى تعزيز موارد المؤسسةquot; ويقوم برنامجها على أساس القسط المتناقص، إضافة إلى توفير التمويل طويل الأجل بأقساط ميسرة مع إعطاء المستفيد فترة سماح للسداد وحساب تكلفة التمويل على التكلفة إلى جانب إمكانية السداد المبكر. وهو متاح لـquot;جميع موظفي الدولة المواطنين في القطاع العسكري أو المدني الذين يشغلون وظائف ثابتة علمًا بأنه تم إجازة البرنامج من قبل الهيئة الشرعية. وتمثلت أهم شروطه في ألا تقل مدة الخدمة في الدولة عن عامين، ألا يقل العمر عن 25 سنة، ولا يزيد على 55 سنة عند تقديم الطلب، ألا يقل الراتب عن خمسة آلاف ريال .

كما يشترط عدم وجود التزامات مالية أخرى تحول دون استقطاع النسبة المسوح بها نظاما للموظفين أو المتقاعدين، و من شروط التمويل أن يتم شراء المسكن وإفراغه باسم المؤسسة ومن ثم بيعه ونقل ملكيته للمستفيد مع رهنه للمؤسسة إلى أن يتم سداد كافة المبالغ المستحقة على المستفيد. مع تسديد دفعة مقدمة 10 في المئة حدًا أدنى من قيمة المسكن .

* quot;الخراشي .. الشروط القاسية رسمية وليست بيدنا quot;

الانتقادات على برنامج quot;مساكنquot; كثيرة جدًا وهذا ما دفع محافظ المؤسسة العامة للتقاعد محمد الخراشي للدفاع عنها ndash; عند طرح البرنامج - في وسائل إعلام متعددة . حيث ظهر في إحدى قنوات التلفزيون السعودي الرسمية وهو يؤكد أن العديد من الشروط التي وصفت بالقسوة في البرنامج هي إجراءات رسمية quot; تفوق سلطة المؤسسة quot; ، وهي مضطرة إلى أنه عند تعثر المقترضين لدى جهات أخرى quot; إلى عدم السماح لهم بالاستفادة منه quot;.

غير أن الدفاع عن البرنامج لم يشفع في تحسين صورة بعض الشروط التي يصعب تمريرها مثل أن تسديد الدفعة الأولى لن يستفيد منه المقترض ، والتحجج بشروط شركات التأمين لحصره على من تحت 55 عامًا غير مبرر من جهة حكومية قامت أساسًا على أموال المقترضين من الموظفين. وكذلك بقاء المسكن باسم المؤسسة ورهنه لها بعد نقله حتى الاستيفاء وحصره في الأراضي وعدم مراعاة من لا يملك الدفعة الأولى ، في ظل تأكيد المتابعين على من يسعى مثلا للحصول على قرض المليون يجب أن يكون راتبه في حدود 20 ألف ريال وهو ما يبدو مستحيلاً على الراغبين .

* الجمعية ..تستنكر

من جهتها استنكرت الجمعية الوطنية للمتقاعدين البرنامج الذي هو أساسًا من مدخرات المتقاعدين ليأتي مستبعدًا أغلبهم وهم من فوق 55 عامًا الذين تقول الجمعية أن 40% لا يملك مساكن خاصة، و31% منهم تقل معاشاتهم الشهرية عن 2000 ريال سعودي، و22% ممن تزيد معاشاتهم عن ألفي ريال وتقل عن أربعة آلاف ريال. إضافة إلى اتهامات مبطنة مثل ظهوره كمشروع استثماري يخدم أصحاب العقار. إذ تحول المواطن الذي هو المساهم والمستفيد معًا إلى متضرر بسبب تحمله لفوائد أعلى حيث بمجرد الإعلان عنه قفزت أسعار الأراضي والوحدات السكنية بنسبة تجاوزت الـ 30% ففائدة قرض quot;مساكن quot; في مجملها اقل بنسبة بسيطة من فائدة البنوك ، مع عدم إغفال أن من يسدد حاليًا أقساط قرض بنكي لن يستفيد من هذا المشروع !.

المدافعون قليلون وأبرزهم على شريحة نخبوية مثلما كتبه عبد الرحمن الزامل في صحيفة quot;الاقتصاديةquot; يقدم البرنامج قرضًا بفوائد ميسرة، ومتناقصة، وهو أمر غير مسبوق من جانب المؤسسات المالية التقليدية ، البرنامج ليس موجهًا إلى غير القادرين على الاقتراض، أو ذوي الدخل المحدود، فهؤلاء أتيحت لهم فرصًا في صندوق التنمية العقاري، ومشاريع مؤسسة الملك عبد الله بن عبد العزيز لوالديه للإسكان التنموي ، ونتمنى تكرار تجربة مساكن من خلال المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية، لموظفي القطاع الخاص quot;.

فيما قال ناصر العبودي في صحيفة الرياض quot;المشكلة نشأت عن التصور غير الدقيق الذي وصل إلى الإعلام، والجمهور العام، بأن المؤسسة العامة للتقاعد تسعى من خلال مساكن إلى تقديم خدمة اجتماعية، بينما الواقع أن البرنامج يهدف إلى تقديم خيار إضافي لسوق الإقراض المحلي quot; .

وفي حين يقارن بعضهم بين نسب التملك عند السعوديين مع أشقائهم في دول الخليج الأخرى يعلل آخرون بأن الأخيرة لديها أنظمة ذات كفاءة عالية مثل مؤسسة الشيخ محمد بن راشد للإسكان في الإمارات ونظيرتها في الكويت المؤسسة العامة للرعاية السكنية الملتزمة بتنفيذ طلب الحصول على قرض سكني خلال خمس سنوات كحد أعلى .