كتبت جنان بهزاد:
كشفت قياسات الهيئة العامة للبيئة عن ارتفاع نسبة تركيز الغازات السامة في الطبقات الجوية السفلى من المناطق السكنية في الكويت، وأظهرت قيما لتركيزات عالية من غاز أول أكسيد الكربون الناتج من الاحتراق غير الكامل للوقود وانبعاثات محطات توليد الطاقة.وتعدت قيم المقاييس الآمنة للغاز معدلاتها الطبيعية في الكويت، فارتفعت عن الحد المسموح به عالمياً، حيث وصلت التركيزات الى 12 جزءا من المليون في الساعة في منطقة المنصورية عام 2006 عند قياسها على ارتفاع 6 أمتار تقريباً فوق سطح الأرض، وعند تقدير القيمة الفعلية للغاز عند الانبعاث، أي على ارتفاع مترين وهو الحد الأعلى لطول الانسان الطبيعي تقريباً، تصل الانبعاثات الى 36 جزءا من المليون في الساعة.
وتساهم الانبعاثات الغازية اليومية من وسائل النقل، ونواتج عمليات التدفئة والتبريد، والمصانع ومحطات توليد الطاقة الكهربائية، في زيادة الضغط على الغلاف الجوي، وترصد الهيئة العامة للبيئة الملوثات في الكويت عن طريق أجهزة قياس موزعة على مناطق مختلفة، اخترنا منها ثلاثة مناطق هي الرابية، المنصورية، والجهراء لعامي 2006 و2008.
ويختلف تركيز أول أكسيد الكربون بين المناطق بصورة ملحوظة، حيث كانت القيم عام 2006 مرتفعة لمنطقتي الرابية والجهراء، في حين انخفضت الى أقل من النصف في منطقة المنصورية لزيادة مصادر التلوث في المنطقتين السابقتين أو اختلاف مواقع محطات الرصد.
أما في عام 2008 فكانت القيم متقاربة الى حد ما، والانعطاف الشديد في القيم ليس له أي مسبب واضح، حيث يعود الى أخطاء في تسجيل القيم أو اختلاف في درجات الحرارة أو اتجاه الرياح المحملة بملوثات من مختلف المناطق المحيطة.
الارتفاع الشديد في القيم لم يتعد في كل الحالات معيار جودة الهواء المحدد من الهيئة العامة للبيئة لارتفاعه على 6 أمتار، ولا يعني ذلك عدم خطورة وجدية الغاز، فالخلل يكمن في عدم اجراء عملية القياس بالطريقة المعتمدة عالمياً، وهناك العديد من القراءات لم تسجل لأسباب مجهولة برر فقدانها الى أخطاء في الرصد أو أعطال في الأجهزة!
وينتج أول أكسيد الكربون من الاحتراق غير الكامل للوقود، وهو مكون للغازات المحملة من عوادم السيارات والتي تمثل أكثر من 56% من مصادر الغاز، كما تؤثر حرارة الجو والرياح على سلوك الغاز المنبعث من عادم السيارة، فتصبح عملية انتقاله الى الانسان سريعة، في حين يقل تركيزه بسبب سرعة انتشاره.
وتقل خطورة الغاز في موسم الصيف، وتكثر شدته في الشتاء بسبب البرودة وبطء عملية صعود الغاز في الجو، ويزيد تركيزه بالقرب من سطح الأرض فيسهل استنشاقه.
ولو افترضنا قياس الانبعاث الغازي عند ارتفاع مترين، حيث ان معدل ارتفاع طول الانسان الطبيعي يتراوح بين متر ونصف المتر الى مترين كحد أقصى، نجد تضاعف تركيز الغاز المنبعث من عوادم السيارات بكميات أكبر تصل الى ثلاثة أضعاف وهي الأقرب الى الصحة، حيث أن الغاز يرتفع من أسفل الى أعلى ويقل تركيزه بالانتشار.
وحسب ما نشرت المجلة الأميركية للعلوم البيئية للدكتورين نايف المطيري وكوشكي، تصل الكثافة السكانية في الكويت الى 2.65 مليون نسمة، بينهم 1.7 من غير الكويتيين، ويصل عدد العاملين ما يقارب 1.6 مليون شخص، ويبلغ متوسط استخدام الفرد للسيارات الخاصة هو 6.1 رحلات يومياً بطول 13.6 كيلومتر، ويبقى في ازدحام المرور يومياً لمدة 68 دقيقة.
وذكرت أن حركة المرور ولدت خلال عام 2005 ما يقارب 31275 طنا من المركبات العضوية المتطايرة، و247764 طنا من أول أكسيد الكربون، و19594 طنا من أكاسيد النيتروجين، و1703 اطنان من ثاني أكسيد الكبريت، وأكثر من 6 ملايين طن من ثاني أكسيد الكربون.
ولعوامل الطقس من رياح، رطوبة، درجة حرارة، وغبار تأثير كبير على عملية انتقال الملوثات وتأثيرها على الانسان، ففي الصيف تساهم درجات الحرارة المرتفعة جداً بالانتشار السريع للملوثات وتوزيعها على مساحات أكبر، في حين أن الحرارة المنخفضة تقلل من نشاط الملوث، ولا تخفي أهمية الرياح والعوالق (الغبار) ومساعدتها الكبيرة على انتشار الملوثات وايصالها الى جميع المناطق.
ويواجه العالم معضلة في المحافظة على نقاوة الأجواء وذلك لانتشار وسائل النقل والمصانع الكبيرة بالقرب من المناطق السكنية والحضرية.
وأبسط الطرق لتقليل الانبعاث الغازي هي تحديد معايير نوعية الهواء المحيط في هذه المناطق، ولا يطبق هذا المقياس المحدد من الهيئة العامة للبيئة في جميع المناطق، حيث نرى أن الهيئة حددت مراكز ثابتة للقياس في مناطق سكنية بعيدة كل البعد عن الصناعات الملوثة، فلا يوجد مقياس دقيق لمعرفة نوعية الهواء وكمية الملوثات الحقيقية المنتشرة.
المخاطر الصحية
تعتمد شدة تأثيره على التركيز وطول فترة التعرض وصحة الفرد، وفي ما يلي بعض التوضيحات المتعلقة بصحة الفرد:
يقلل غاز أول أكسيد الكربون من الأكسجين في الدم مما يؤثر مباشرة على صحة الدماغ، القلب والأنسجة البشرية كما له تأثير على البيئة. لا تقتصر تأثيرات الغاز على الجهاز التنفسي ومرضى الربو، فهو يمتد الى تشكيل خطر أكبر على الأشخاص الأصحاء اذا استمر في الانبعاث بتركيزات عالية.
يؤثر الغاز على المصابين بأمراض القلب بشكل كبير خاصة من له تاريخ في المرض، تعرض المريض لتركيزات قليلة من الغاز تسبب له آلام في الصدر، تقليل قدرته على الانجاز والنشاط الجسماني، أما التعرض المتكرر فله تأثير على الأوعية الدموية والقلب بشكل أكبر.
حتى الأشخاص الطبيعيين قد يتأثرون بالكميات الكبيرة من الغاز، واستنشاق الغاز يؤثر على عملية التعلم وتقليل الابداع والمهارات الذهنية. والكميات الكبيرة من غاز أول أكسيد الكربون تؤثر بشكل كبير على الجهاز العصبي والتركيزات العالية سامة جداً قد تؤدي الى الموت.
دور الازدحام
التركيزات العالية من غاز أول أكسيد الكربون تزداد بصفة عامة في المناطق المزدحمة مرورياً، حيث تساهم السيارات ووسائل النقل المعتمدة على الحرق غير الكامل للوقود بنسبة 60% من اجمالي الانبعاث الغازي.
الطقس
تزداد انبعاثات أول أكسيد الكربون من السيارات في الطقس البارد، لزيادة الحاجة الى الوقود للتشغيل.
والاقتراب من عوادم السيارات واستنشاق الهواء المحيط فيها له خطورة كبيرة على الجهاز التنفسي.
الهيموغلوبين
من أهم الآثار الصحية المرتبطة بالتعرض لأول أكسيد الكربون هي قدرة الغاز على الاندماج مع جزيء الهيموغلوبين في الدم مشكلاً عائق لانتقال الأكسجين في الجسم.
التعليقات