انتفاضة الكرتونة

نزار الرياني: ينقسم الشارع اللبناني منذ حادثة اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري إلى فئات تتعدد بتعدد المواقف السياسية ، وجماعات تتنوع بتنوع الانتماءات الطائفية ، وزمر يمتاز بعضها الآخر بولائه لغير جهة خارجية ، كل هذا يضع مستقبل لبنان على كف quot;عفاريتquot; .ولكن من بين كل تلك الاصطفافات والتكتلات لم يقنعني إلا شبان اتخذوا من الأرصفة منابر لطروحاتهم ، وكتبوا شعاراتهم بخط عادي على قطع من الكرتون المقطوع بشكل عشوائي ، معبرين عن حب حقيقي للبنانهم الجميل تحت شعار quot; وين آخدين البلد ؟؟؟quot;) أو quot; وين آخدينا ؟؟؟ quot; وهي الأسئلة ذات الأولوية في هذا الظرف الحرج الذي يمر فيه لبنان ، والتي لا أعتقد أن لدى أعتى سياسيي لبنان جوابا ً واضحا ً عنها .

حوت لندن

تملكتني مشاعر الحسد والغيرة معا ً من ذلك الحوت التائه الذي اختار شوارع بريطانيا المائية لتكون مثواه الأخير ، ومرد غيرتي وحسدي هو الاهتمام البالغ إعلاميا ً في تغطية ذلك الحدث والتسابق بين كل المؤسسات المعنية لمحاولة إنقاذه من هذا الممر الصعب الذي فرضه على نفسه ، حتى أنني ظننت أن ملفه سوف يحال إلى مجلس الأمن لمعاقبة تيار المياه الذي بتهمة جرفه إلى هذا المنزلق الخطر .
يحق لنا أن نحسد ذلك الحوت نحن فقراء هذا العالم الذين نتوسل كل يوم للمنظمات الدولية كي تأخذ بيدنا وتساعدنا على تجاوز مشاكلنا .
نحن حيتان العالم الفقير المشرد المتخلف نتوجه إلى كافة المنظمات الدولية بأن تحاول إنقاذنا من حروب ومجاعات وأمراض تقضي علينا ، وأن تنقذنا من الممر الحرج الذي تمر فيه قطعاننا ، بالموازاة مع الاهتمام البالغ بمعالي الحوت حتى ينتفي الحسد وتسقط الغيرة .