نسرين عزالدين: quot;نصرك هز الدني...شعبك ما بينحنيquot; ، لا تنفك كلمات الانشودة التي يبثها تلفزيون المنار تتكرر .. quot;إن الحكومة اللبنانية لم تكن على علم وهي لا تتحمل مسؤولية ولا تتبنى ما جرى ويجري من أحداث على الحدود الدوليةquot;..مقدمة البيان الصادر عن مجلس الوزراء لا تلبث تتكرر هي الاخرى على سائر المحطات .
يمكنك ان تتحمس للتجيش في الحالة الاولى ، ويمكنك ان تلتزم quot;الحيادquot; المتجهم في الحالة الثانية.. لكن لا يمكنك بأي شكل من الاشكال عدم الاكتراث.
فالمعضلة عادت ، حزب الله الذي كان موضع خلاف وصراع من اجل تطبيق او عدم تطبيق الـ 1559 بحقه قام بخطف جنديين إسرائيليين وقتل ثمانية جنود وجرح ما يقارب العشرين .
عملية تبدو _ منفصلة عن كل ما يحدث في لبنان وعن رد الفعل الإسرائيلي _مثالية .. مثالية بما تمكنوا من تحقيقه .فحزب الله حقق ما لم تتجرأ دول عربية حيدت او حيدت نفسها عن القيام به . اما اذا اضفنا الرد الاسرائيلي فان الوضع سيكون اشبه بـ quot; انتم quot; وquot; نحن الازلية في لبنان . فان كان احدهم قد علق غاضبا بعيد الرد الاسرائيلي quot; ما بهم حزب الله .. ستقصف إسرائيل البنى التحتية ، ونحن لا نريد تحمل عبء اصلاحها . هل ستتحمل الدول نتيجة اعمال الحزبquot; ، فان الاخر عاجله برد اكثر غضبا quot; وما دخلك انت ، انهم يقصفون الجنوب ونحن لا نمانع ، اضافة الى ذلك ،نحن أيضا لا نريد تحمل اعباء محكمة الحريري الدولية quot; .
انقسام ليس بالجديد ، فالحريري ومحاكمته باتت لفئة ما تقابلها فئة اخرى التزمت بإسرائيل والصراع معها وهي شيعية بمعظمها.
وبين نحن وانتم ، لم يعلق اي من السياسيين على ما يحدث ، اعتمدوا البيان الوزراي الحيادي الى حد ما بشكل متحفظ ، لكن الخير لقدام . وسنتشاجر عاجلا ام اجلا وستنهمر التصريحات والتصريحات المضادة كالمطر من كل حدب وصوب. فهم لم يخفوا استيائهم مما حدث ، سربوا عينات عنه وانما لم يجاهروا به .. فالوضع دقيق واسرائيل تفرغ غضبها في لبنان.
انها ليست المرة الاولى التي تقصف فيها إسرائيل لبنان ، فهي قامت بذلك في العامين 1993 و 1996 .تكرر استهداف الاماكن ذاتها في كل مرة .. مع بعض الاضافات.
يمكنك ان تغضب لان حزب الله اسر جنديين ويمكنك ان تفخر بهم لكن في كلتا الحالتين تجد نفسك حزينا لانه لن يردعها احد .. فكل ما عليك القيام به هو الانتظار .
يحلو لاسرائيل تفريغ غضبها دفعة واحدة .. غزة ما زالت محاصرة تموت ببطء ولم يحرك احدا ساكنا .
quot;لا اخاف من الموتquot; جملة ما ينفك صديقي الغزي يكررها، لا اصدقه وان كان يفسر انها ليست تصريحا عنتريا وانما عادة لمن ولد وتربى والموت يحيط به.
يسالني quot; شو الاكل اليومquot; فيأتيه جوابي المعتاد quot; لا شيءquot; هو يعلم انني لا اجيد الطهو . يضحك ، هو لا يخبرني انه لعله لم ياكل ما يكفيه منذ اسابيع لكنني اعلم ذلك ، ولا يخبرني انه لم يتمكن من الاستحمام لشح المياه ، لكنني اعلم . هو فقط يخبرني ان هناك حيث تقطن اسرائيل البقاء على قيد الحياة ضرب من ضروب الحظ.. وهو ما زال محظوظا الى الان .
لم تعد الحياة هنا ضربة حظ ،ستكلمني اليوم وتسألني عن امي . ساخبرك انها ما زالت في الجنوب ولا اتمكن من الاتصال بها او ببقية اقاربي منذ ليل امس . ساسالك عن احوالك ستخبرني عن غارة ما ومقتل من تعرفهم وستتجاهل كعادتك الجوع ..ستتحدث فقط عن حياة الذل وغضبك اللامحدود من ما يحدث.
اتعلم يا صديقي..لا دخل لحماس التي لم تتحمس لها يوما في كل ما يحدث عندكم .ولا دخل لحزب الله في كل ما يحدث عندنا .المشكلة تكمن في دولة قررت القيام على دولة شعب اخر ..وامة عربية كاملة لم يعنيها ذلك فخنعت وتعاونت واحدة تلو الاخرى .
اليوم سنتواصل سأسألك عن احوالك وستسألني عن احوالي. ساخبرك انني اشبهك اليوم ، فلا اشعر بالخوف .لن اردد لازمة quot; لا ينبغي ان يكون قرار السلم او الحرب بيدهم quot; ولن اردد quot;ضربوا الموسم السياحيquot; ، فالموسم السياحي لا يعنيني ولم يعد علي بفائدة يوما ، اموال تدخل جييوب الدولة وتستقر هناك ، ساردد لك فقط اننا في لبنان فخر لمن لم يعرف الفخر يوما .اخاف على من احب وحتى من لا احب من الموت والقصف ،لكن لا يمكنني تجاهل ذلك الشعور الخفي بالفخر.. ساحزن على كل منزل يقصف وكل لبناني يقتل.
لكنني سأحزن بفخر .




التعليقات