نزار الرياني : أغنية لطالما رددت في العقدين السادس والسابع من القرن المنصرم ، حتى بات مطلع هذه الأغنية مثلا ً يتداول بين الناس للدلالة على أن مشكلة كبيرة جاءت نتيجة لسبب بسيط وتافه .حماس وهي حركة المقاومة الاسلامية التي ترأس الحكومة الفلسطينية ، قررت أن تبدل أسلوبها في المقاومة وتوقفت عن القصف وإطلاق الصواريخ وقتل الاسرائيليين والعمليات الاستشهادية ، ولجأت إلى أسلوب ليس فيه إطلاق رصاصة واحدة فاعتقلت quot; جلعاد quot; ا لجندي الاسرائيلي سعيا ً منها وراء تحرير ما يقارب العشرة آلاف معتقل فلسطيني بين رجال ونساء صغار وكبار ، ولكن الدنيا قامت ولم تقعد وعادت جيوش الكيان الصهيوني إلى اجتياح غزة من جديد وسقط عشرات القتلى الأبرياء في غطرسة ليس لها مثيل وتحد سافر للانسانية وسقوط أخلاقي ذريع .

وفي نفس الطريق سار حزب الله المقاومة اللبنانية حيث تمكن من أسر جنديين طالب مباشرة مبادلتهما بأسرى لبنانيين وعرب آخرين ، لكن آلة الحرب الاسرائيلية لم تترك للحوار مكانا ً وبادرت بقصف بنى تحتية لبنانية وقتل المئات انتقاما ً quot; لكبريائها المخدوش quot;

هذا في الحدث أما عن ردود الفعل فحدث ولا حرج ، فالعرب صمتهم مطبق وشوارعهم خلت من أية مظاهرة حتى أنهم لم ينددوا ولم يستنكروا في موقف لا يفسره سوى انعتاق كامل من العروبة وتخل تام عن المبادئ وخضوع واضح لإرادة أميركا وإسرائيل والأدهى والأمر أن العرب يلعبون دور الوسطاء لإقناع حماس وحزب الله بتحرير الأسرى دون شروط ، ومن ناحيتها لم تتوقف جوقة quot; عنان quot; عن التنديد بالعمليتين وحث حزب الله وحماس على إطلاق سراح الأسرى ، وكأن دماء البشر ليس كلها أحمر وكأن جلعاد ابن تسعة أشهر نحن أبناء خمسة ، وكأن جلعاد رضع حليب أمه ونحن رضعنا حليب النوق .

آن لهذا العالم أن يسمع صراخنا ويلتفت لقضايانا ويلقي بالا ً لدمائنا التي تصبغ شوارعنا كل يوم ، ما ذنب غزة يدمر كل أبنيتها الحكومية ، ما ذنب بيروت الجميلة التي تزينت بأبهى الحلي بانتظار زوارها صيف هذا العام كما كل عام .ولكن ليس مصادفة ً أن تعرض فيروز وبعد أكثر من ثلاثين عاما ً مسرحية quot; صح النوم quot; على مدرجات بعلبك هذا الصيف quot; صح النوم quot; كبيرة لهذا العالم الخانع quot; صح النوم quot; كبيرة جدا للعرب المختبئين في زوايا الذل.
إن ما فعله حزب الله وما أنجزته حماس لهو سبب منطقي لتوحيد مشاعر العرب خلف هذين الفصيلين ولتوجيه الوجدان العربي في اتجاه البندقية .