نزار الرياني: هذا الشعار الخالد الذي لم يفقد بريقه أبدا ً يؤكد مصداقيته كل يوم ، لأن كل قوة إذا ما تفرقت إلى قوى متعددة سهل القضاء عليها والنيل منها ولا أدل على ذلك من قول الشاعر :
تأبى الرماح إذا اتحدن تكسرا ًوإذا افترقن تكسرت آحادا
وبإسقاط هذا القول على أمتنا العربية نجد بأنه القاسم المشترك لكل رزايا ومصائب هذه الأمة ، والتي بدأت إبان الثورة العربية الكبرى يوم مشى العرب جميعا ً تحت راية واحدة سرعان ما تحولت إلى رايات ورايات .

حتى أنه لم يشأ لهذه الأمة أن ترزح تحت نير استعمار دولة واحدة كي لا تكون في الهم سواء ، بل تم توزيعها كقطع الكيك على دول استعمارية متعددة ومتناحرة مما عزز فرقتها بعد أن نالت استقلالها المزعوم .

واليوم نحن أمام نمط أكثر خطورة وأكثر إمعانا ً في التجزئة ، نحن أمام نموذج تفتيت البلد الواحد ، طائفيا ً كما في النموذج العراقي حيث بدا المشهد واضحا ً في الصراع بين طائفتين هما بالأصل دين واحد الأمر الذي قد يقود العراق إلى مجازر طائفية لا تتوقف الا بمشروع تجزئة جديد .

وفي النموذج الفلسطيني أفضى الصراع السياسي إلى فتح المجال أمام العدو الصهيوني لكي يضرب السلطة الفلسطينية بحكومتها عبر تناقض الأهداف والغايات والسبل رغم أن هذه الحكومة جاءت من رحم الشعب الفلسطيني الأمر الذي لم يرق للكيان الصهيوني فلعبت على وتر التناقض الموجود بين القوتين ما أدى إلى تحويل الساحة الفلسطينية إلى ساحة صراع فلسطيني فلسطيني .

واليوم يجرب الكيان الاسرائيلي تطبيق نفس النهج في لبنان حيث أذكى التناقض بين المقاومة اللبنانية المتمثلة بحزب الله وبين الحكومة اللبنانية فحمل الأخيرة مسؤولية اختطاف الجنديين الاسرائيليين في محاولة للضغط عليها لتقوم بدورها بالضغط على حزب الله للافراج عن الجنديين الأسيرين وهي تعلم أن حزب الله لن يفرج عنهما إلا باتفاقية تعيد بموجبها اسرائيل كل الأسرى العرب المعتقلين في السجون الاسرائيلية .ولا نعلم إلى أي مدى سوف تنجح هذه الأساليب في تعميق التجزئة بين العرب المجزئين أصلا ً .