السينما الشابة تتميز تطرح قضايا جريئة لا تتطرق لها السينما السوري
حسن سلمان من دمشق: حين يريد الشباب إيصال اصواتهم إلى العالم، يبتكرون طرق جديدة، وأساليب حديثة ليتأكدوا بأنها تصلكمايريدون، لا كما يشتهي الآخرون،غير مكترثين بالأصوات التي تأتي من الخلف لتثبط عزائمهم، أو لتعيقهم، وهذا ما يسعى الشباب السوريإلى فعلهعلى الرغم من كل المعوقات.
فقد ظهر في السنوات القليلة الماضية نوع جديد من الانتاج السينمائي من خلال مجموعة من الشباب أرادوا تقديم نموذج فني مختلف من حيث الرؤية والجرأة في طرح قضايا حساسة كالسياسة والدين والجنس.

بعيدًا عن المشاكل الكثيرة التي تعاني منها السينما السورية والتي تبدأ بقلة الإنتاج السينمائي وعدم وجود دور عرض كافية، دون أن تنتهي بغياب النوادي السينمائية وعدم مساهمة القطاع الخاص في عملية الإنتاج السينمائي.

وبرز خلاف كبير حول وجود تسمية دقيقة لهذا النوع من السينما، حيث رأى بعضهم إمكانية تسميتها بسينما الموجة الجديدة على غرار quot;الموجة الجديدةquot; في فرنسا، فيما فضل آخرون تسميتها بالسينما الشابة لأن أغلب روادها من الشباب.
غير أن بعضهم كالناقد السينمائي بشار إبراهيم يميلون إلى تسميتها بالسينما المستقلة التي تبتعد إلى حدّ ما عمّا هو سائد، سواء من حيث آليات التفكير وزاوية الرؤية أو التعبير، في حين أنه يمكن للموجة الجديدة ndash;برأيه- أن تكون في سياق سينما القطاع الخاص التي تنتجها شركات تتوجه نحو السوق ومعادلة العرض والطلب، كما لها أن تكون في سياق سينما القطاع العام التي لا تأبه بمسائل العرض والطلب والربح والخسارة.

ويعتقد إبراهيم أن السينما المستقلة تتضمن طيفًا واسعًا من الحقول، تبدأ من تلك الأفلام السينمائية الاحترافية التي أنتجها مخرجون محترفون بشكل مستقل، ولا تنتهي عند أفلام الشباب من طلبة وهواة.
ويرى إبراهيم أن هذا النوع من السينما الذي يتميز بالجرأة والتطرق لموضوعات تذهب نحو التفاصيل الصغيرة وتبتعد عن القضايا الكبيرة والشعارات الضّاجّة سيكوّن مستقبل السينما في سوريا، في حال إلتزم المخرجون الشباب بخطهم ولم يحاولوا تقليد من سبقهم من المخرجين الكبار أمثال عبد اللطيف عبد الحميد ومحمد ملص وغيرهم.

ويضيف: quot;السينما السورية بحاجة لدم جديد، وهذا لن يكون إلا بفتح الآفاق أمام المخرجين الشباب، محترفين أو هواة، دارسين أو مجربين.. ولن يكون لهم ذلك إلا بإطلاق حرية التعبير، وفسح المجال أمام التنوع، مما كانت طبيعته.. ففي سوريا ثمة الكثير مما هو كامن، وكل ما نحتاج إليه هو إفلات هذه الطاقات من عقالهاquot;.

من جانبه يشير علاء عربي كاتبي إلى تجربة مؤسسة بيت الفن التي يديرها في إنتاج 37 مادة سينمائية (7 أفلام و 30 سكيتشًا) عبر ورشة أيلول التي أسسها عام 2004 بالتعاون مع عدد كبير من الشباب منهم سامر برقاوي وعدنان عودة وغسان زكريا وغيرهم.

ويؤكد عربي كاتبي أن بيت الفن تحوي عددًا من الشباب الراغبين بالعمل السينمائي ولا يستطيعون الدراسة بشكل أكاديمي في المعهد العالي للفنون المسرحية، مشيرًا إلى أن المؤسسة تتيح لهم تعلّم تقنيات الإخراج السينمائي من خلال ورشة تتراوح مدتها بين شهرين و6 أشهر يقوم الطالب خلالها بكتابة سيناريو لفيلم ثم يقوم بإخراجه في نهاية الورشة.

ويشير عربي كاتبي إلى أنه استعان بمخرجين وكتاب من داخل وخارج سورية لتقديم خبراتهم في مجال تعليم حرفة الفن السينمائي، مؤكدًا أن الأفلام المنتجة شاركت بعدد كبير من التظاهرات السينمائية المحلية والعالمية منها مهرجان سياتل للأفلام القصيرة عام 2005 ومهرجان الأفلام التسجيلية والروائية القصيرة الأول في مسقط، إضافة إلى مشاركتها ضمن تظاهرة السينما السورية في مرسيليا عام 2006.
ويؤكد عربي كاتبي أن أبرز ما يميّز سينما الموجة الجديدة-كما يسميها- وجود إمكانية كبيرة لتطويرها على مستوى الصورة والمضمون من خلال ابتكار أفكار جديدة وفق تقنيات سينمائية بسيطة.
ويشير إلى ضرورة وجود جمعية خاصة بالسينمائيين السوريين الشباب، داعيا المؤسسة العامة للسينما إلى إيجاد تجمعات سينمائية خاصة تقدم الدعم المادي لعدد من السينمائيين الشباب من خلال تمويل مشاريعهم السينمائية من حيث الإنتاج والتسويق.

ويعتقد عربي كاتبي أن السينما المستقلة في سوريا تحتاج إلى 10 سنوات لتمتلك هوية واضحة، مشيرًا إلى أن هذا الأمر يحتاج إلى جهة راعية (حكومية أو خاصة) تقدم جميع الخبرات والتمويل في مجال الإنتاج والإدارة.

فيما يرى الناقد السينمائي منصور الديب أن السينما المستقلة في سوريا أثبتت حضورها على الساحة السينمائية السورية من خلال المهرجانات التي أقامتها بعض الجهات الخاصة مثل مجلتي الوردة وشبابلك، إضافة إلى النادي السينمائي الطلابي والتي شغلت عدد كبير من الناقدين والصحافيين.
ويضيف: quot;في هذه المرحلة بدأت تتوضح هوية هذه السينما ويمكن توزيعها في تيارين الأول يجد نفسه في السينما فقط يمثله عمار البيك وهالة العبد الله في فيلم quot;أنا التي تحمل الزهور إلى قبرهاquot; الذي نال جائزة الوثائقيين الإيطاليين في مهرجان فينيسيا، والتيار الآخر يمثله سامر برقاوي في تجربته السينمائية التي اعتمدها كأساس للوصول إلى الدراما التلفزيونيةquot;.