82 بالمائة منها تمت قبل مرور سنة على عمر الزواج

أمال الهلالي من تونس : quot;الانفصال كان السبيل الوحيد للإبقاء على تلك المشاعر الجميلة. لم يكتب لعمر زواجي أكثر من ستة أشهر، دبت بعدهارياح الخلاف واقتلعت الحب والاستقرار من جذورهما.لقد صرت أكره كلمة زواج وأكره أكثر كلمة مطلقةquot;. بهذه الكلمات الحزينة المنبعثة من قلب مكسور مليء بالإحباط والتشاؤم، هذا ماباحت لنادرة (28 سنة أستاذة جامعية) بمكنون صدرها بعد أن خرجت لتوها من تجربة زوجية فاشلة لم تستمر سنة.
حالة درة ليست سوى نموذج لظاهرة اجتاحت خلال السنوات الأخيرة الجيل الجديد من المتزوجين في تونس أو مايسمى بظاهرة quot; الطلاق المبكرquot; والتي دعمها وأكدها رقم مثير صدر عن الديوان الوطني للأسرة والعمران البشري ( هيكل حكومي يعنى بشؤون المرأة والأسرة) كشف أن 82 بالمائة من نسبحالات الطلاق تمت قبل بلوغ السنة من الزواج في حين سجلت هذه النسبة إنخفاضها بعد مرور عام وعامين بنسبة تقدر ب 28 بالمائة.
كما أظهرت الإحصائيات أن الأزواج هم الأكثر رغبة في طلب الطلاق بالمقارنة مع زوجاتهن بنسبة 53بالمائة. وفي ما يتعلق بدوافع وأسباب الإنفصال بينت الأرقام أن العنف بين الزوجين هو المحرك الأساسي والأول لأخذ قرار الطلاق بنسبة 28 بالمائة في حين تسبب عامل إدمان الزوج في حدوث 11 بالمائة من حالات الإنفصال وارتبطت بقية النسب بدوافع ومبررات أخرى كالبطالة والإعاقة والعقم إلخ...
تقول سنية( 23 سنة سكرتيرة في شركة خاصة) :quot;لقد مللت من تدخل أهل زوجي المستمر في شؤوننا الخاصة فأمه المصون لا تترك شاردة أو واردة إلا وأبدت رأيها دون علمي أحيانا والمشكل أن طليقي يمتلك مع الأسف شخصية ضعيفة وينصاع بسهولة لقرارات والدته حتى وان كان ذلك على حساب كرامتي لذلك لم أطق العيش معه أكثر من ثمانية أشهر ثم كان الفراق المر على مضض مني ومنهquot;
وليد( 28 سنة مهندس بترول) لم يكتب لعمر زواجه أكثر من شهرين ونصف بالتمام والكمال رغم تعلقه المستمر بزوجته السابقة غير أن الفراق كان أرحم من العيش في الجحيم.
يقول وليدquot;لقد اتفقنا خلال فترة الخطوبة على جميع أمورنا الحياتية ولم نترك شاردة أو واردة إلا وتطرقنا لها في كل جلساتنا وقد كنا أسعد مخلوقات الله غير أنها سامحها الله تغيرت بعد الزواج مائة وثمانين درجة وأصبحت لا أعنيها من قريب أو من بعيد وصار كل همها منصبا على نفسها وزينتها وعملها أما أنا فكنت آخر همها وحين طلبت منها البقاء في المنزل والاهتمام بي خاصة وأن وضعيتي المادية حسنة والحمد لله رفضت ذلك قطعا بل زادت تعنتا وعنادا فكان الطلاق آخر وسيلة لفض النزاعquot;.

من جهته يحذر الأستاذ المنذر جعفر( الأخصائي الاجتماعي ) من استفحال ظاهرة الطلاق المبكر ما قد يشكل تهديدا حقيقيا لمؤسسة الزواج وبالتالي زعزعة كيان المجتمع و تقويض استقراره. كما يعتبر هذه الظاهرة من أبرز عيوب العصر الحالي الذي يتسم بالسرعة في كل شيء حتى في اتخاذ القرارات المصيرية . ويرى أن شباب هذا العصر بدأ يعيش تحت وقع الزواج السريع الذي هو نتيجة للعوامل النفسية والاجتماعية المهزومة والمتذبذبة التي أفرزها العصر الأمر الذي جعل الجيل الجديد من المتزوجين أو القادمين عليه يتعاملون باستهتار وتسرع مع هذه المسألة . كما يضع الدكتور الخلافات الزوجية في سلم الأسباب المؤدية للطلاق المبكر كعصيان الزوجات لأوامر الأزواج إضافة إلى أسباب أخرى كإهمال الزوجة لشؤون المنزل ومشكل الإنفاق وسوء علاقة الزوجة بأهل الزوج وعموما فان معظم المتزوجين ينقصهم الحوار في ما بينهم لفض خلافاتهم .
وعن الأسباب النفسية، يقرالدكتور النيفر أن عدم فهم كلا الزوجين لنفسية الآخر من أهم العوامل المؤدية إلى الطلاق ويعتبر فترة الخطوبة مرحلة مهمة جدا في حياة الزوجين لفهم بعضهما البعض ومعرفة نقاط الاتفاق ونقاط الاختلاف ومنثمّ تحقيق الانسجام . كما يشير إلى أن نزعة الأنانية والفردانية التي سيطرت على نفسية شبابنا اليوم تجعلهم يرفضون التضحية ويعتبرونها حدا من حرياتهم وإهانة لكرامتهم لاسيما عند الرجل الذي يعتبر نفسه دائما سيد القرار كما هو سيد البيت ويحاول أن يترجم هذه النزعة عبر لغة الجسد و العنف كآخر وسيلة لإبراز فحولته خاصة إذا أحس بعجزه المادي أو الجنسي ويحاول تدراكه بالعنف.

من جهتها انطلقت وزارة شؤون المرأة والأسرة في القيام بعمل ميداني يهدف إلى تحديد تمثلات الشباب لمسألة الزواج سينتهي بإصدار دليل الزواج للشبان كما تم إطلاق برنامج خاص يهدف إلى إعداد الشباب للحياة الزوجية من أجل تسهيل مفهوم المشاركة لدى المتزوجين الجدد علما وأن نسبة العزوبية تزايدت في تونس لتبلغ 38 بالمائة في صفوف النساء و 47 بالمائة عند الرجال.