يبدو أن من المنطقي أن توصف العلاقة بين المبدع و مستهلك النتاج الإبداعي بأنها عقد بين طرفين . ربما من بعض الوجوه مثل عقد روسو الاجتماعي مع اختلاف في المحتوى والأهداف و الأطراف المتعاقدة . إذن العمل الإبداعي: اللوحة، الرواية، القصة.... الخ هو عقد بين منتج و مستهلك . المنتج هو: كاتب الرواية أو القصة أو الرسام الذي رسم اللوحة...الخ . المستهلك هو القارئ أو المشاهد أو زائر المعرض التشكيلي . لتوضيح محتويات العقد و الشروط التي يعمل بها نأخذ أحد المبدعين، ليكن كاتب الرواية مثلا كممثل لأحد الأشكال الإبداعية، لنتصور حوارا بينه و بين قارئ مفترض يقول الروائي فيه للقارئ المفترض:
ـ اعطني بضع ساعات من وقتك مقابل رواية ممتعة اقترحها عليك، أنا الكاتب .
يسأله القارئ
ـ عم تتحدث هذه الرواية ؟
ـ عن أبطال قصتي، شابة جميلة تتزوج من شاب أحبها منذ الصغر ثم .....
ـ مهلا! لا تواصل! .. يقاطعه القارئ ...وقتي ضيق ولدي عمل . ما شأني أنا بأبطال قصتك لكي اصرف عليهم وقتي الثمين و أنا رجل أعمل و أحول الوقت إلى مال ؟ و حين أعطيك شيئا من وقتي فإن هذا يعني إنني أعطيك شيئا من مالي . في هذا العصر الذي أصبح فيه الوقت مالا .
عندئذ سيجيبه الكاتب:
ـ ولكنني سأعطيك نتاجا فنيا رفيعا يجمل حياتك و يجدد نشاطك و يساعدك على العمل و يجعل حياتك أسعد .
يرد عليه القارئ:
ـ الآن بدأت تتكلم بشكل أوضح و عرفت كيف تخاطبني، أنا لا أكترث لشخصيات روايتك الذين استوحيتهم من طفولتك أو شبابك أو من قصص الآخرين ممن تعرفهم، إنهم جزء من ذكرياتك التي من حقك أن تراها جميلة، ولكنها، في كل الأحوال، ليست بالضرورة جميلة بالنسبة لي و أنا لا احفل بمن تزوج و أحب و طلق ومات و أملق أو أثرى من أبطال روايتك، أما إذا كنت ستقدم لي فنا من خلال أسلوب إبداعي مبتكرٍ و غيرِ مطروق فسوف تجعلني أفكر بأن أكرس وقتا من زمني المزحوم لقراءة ما كتبت . بهذا الشيء الممتع و المبتكر و الجميل أستطيع أن أجدد قواي حقا و أستمر بقوة اكبر في الحياة .
و مع ذلك فما زال شيء ما في هذه الصفقة غير مكتمل، أو يحتاج إلى توضيح: فلكي يعرف القارئ أو زائر قاعة عرض الأعمال الفنية أو دار السينما أو المسرح ...الخ، أي ما أسميناه عموما المستهلك، أن الرواية أو العمل الإبداعي إياه يستحق فعلا أن يصرف عليه وقته الثمين، ناهيك عن نقوده، يجب أن يقتنيه أو يدفع سعره، فحتى يراه أو يقرأه إنما يعني ذلك إنه قرر أن يصرف الوقت سلفا، ويدفع مقدما ثمن البضاعة دون معرفة النوعية، عندئذ سيجد ربما أنه قد صرف ماله و وقته عبثا . وهنا بالضبط تكمن المفارقة و الإشكالية الداخلية للصفقة، فالمستهلك لا يعرف جودة البضاعة من سوءها وهو لا يعرف نوعيتها إلا بعد أن يشتريها و يستهلكها، فالوقت المصروف من قبله غير قابل للاستعادة إذ هو لا يستطيع استعادة الوقت الضائع، كما إنه لا يستطيع استعادة نقوده بعد مشاهدة مسرحية هابطة مثلا .
و للمقارنة و إضاءة ما عنيناه بالأهمية المتزايدة للوقت نسوق هذا المثال: أحد أعضاء لجان الترشيح للجوائز الكبرى للأفلام السينمائية كان يشاهد مقطعا صغيرا من الفلم الذي يجب أن يكتب تقييما عنه، وفيما إذا سيرشحه لجائزة ما، فإذا لم يرق هذا المقطع الصغير من الفلم له فإنه يغادر القاعة و لا يكمل مشاهدة الفلم . و حين يحتج عليه أحدٌ ما و يطرح عليه سؤالا على الطريقة التالية: quot; باعتبارك عضوا في لجنة التحكيم، أليس من المفروض أن ترى الفلم كاملا ؟ quot; يجيب: quot; إذا كانت البيضة فاسدة يكفي أن أتذوقها فأعرف إنها فاسدة، و ليس من الضروري، من أجل ذلك، أن آكلها بالكامل quot; .
و لكنّ فاقدَ الوقت في الحالة أعلاه هو مشاهد أو قارئ من نوع رفيع، تحول الى متخصص و لم يجد ما يلزمه إضاعة وقته ما دام قد توصل منذ اللحظات الأولى إلى أن لا شيء يجعله يستمر . بوسعك أنت عزيزي القارئ في هذه اللحظة، مثلا، أن تقرر بنفسك فيما إذا كان هذا الموضوع الذي تقرأه يستحق أن تستمر فيه و فيما إذا كان صبرك قد نفذ، هذا إذا لم تكن قد تركت الموضوع منذ السطور الأولى، و الحال لدى المشاهد أو القارئ العادي هو نفسه: اعطني شيئا يقنعني منذ اللحظات الأولى أو الصفحات الأولى أن ما سأعطيه شيئا من وقتي هو أمر يستحق فعلا وقتي . على أن الأمر هذه المرة يتعلق ليس بجودة الاستهلال أو البداية منذ السطور الأولى بل و إدامة الجذب و الإغراء بالاستمرار و عدم سقوط المنتج الإبداعي في الرتابة و الترهل .
و لنستمر و نتصور لمثل هذا السيناريو التالي:
نموذج اجتماعي سائد في المجتمعات المتحضرة: سيدة و سيد يعملان و يعيشان بمستوى معقول، و يختلفان إلى المؤسسات الثقافية كلما سنحت لهم الفرصة، يقومان، هذه المرة، بزيارة معرض للفن التشكيلي بدعوة موجهة إليهم من قاعة العرض، سوف يحتاجان على الأقل أربع ساعات في الذهاب و الإياب و مشاهدة المعروضات و تبادل أطراف الحديث مع زوار آخرين ...الخ ثم يعودان إلى البيت فيقول الزوج لزوجته أو تقول الزوجة لزوجها:
ـ كان المعرض سيئا و مضيعة للوقت ... ما كان يستحق المشاهدة .
هل تجدون، أنتم كقراء، هذا السيناريو ممكن الحدوث ؟
بالتأكيد بل و كثيرا ما يحدث .
و لكن ربما سيكون السيناريو مختلفا كليا حين يقول الزوج لزوجته:
ـ حسنا فعلنا بزيارة هذا المعرض، كنت مترددا . أذهب أم لا ؟ و أخيرا حزمت أمري . أنا لست نادما على الإطلاق لقد قضينا وقتا ممتعا و شاهدنا معرضا يستحق المشاهدة . اللوحات جميلة، فيها شيء جديد، أشعر إنني كنت بحاجة إلى معرض مثل هذا و لوحات كتلك التي شاهدناها .
من الممكن في المثال أعلاه أن نستبدل زيارة المعرض بقراءة رواية أو قصة أو مجموعة شعرية أو مشاهدة فلم أو مسرحية ...الخ دون أن يتغير شيء في الجوهر .
***
هذا الحوار الذي يعكس مثالا ممكنَ الحدوث، و واقعي تماما، و الذي جعلته توضيحا و تمهيدا لما أسميته العقد الإبداعي، إنما أتوجه به، بالدرجة الأولى، ليس إلى المستهلك و إنما إلى المنتج . ليس الى القارئ أو المشاهد إنما إلى المبدع، لكي يفهم مسؤوليته تجاه المستهلك، و لا يستخف به، و أقترح عليه أن يأخذ بنظر الاعتبار نقطتين على الأقل أرجو أن يتقبلهما بتواضع:
1 ـ احترام وقت الآخرين وخصوصا في هذا العصر الذي أصبح فيه الوقت مادة ثمينة جدا .
2 ـ أن لا يراعي فقط وجهة نظره الخاصة في عمله quot; الإبداعي quot; وإنما يطرح باستمرار على نفسه السؤال التالي: هل هذه الأشياء التي تعجبني سوف تعجب الآخرين ؟ أليست الحوارات و الشخصيات و الأحداث التي تتضمنها روايتي أو قصتي .. الخ هي تداعيات لذكريات شخصية عزيزة علي فقط و لا تهم القارئ ؟
ما الذي يجعل القارئ مهتما أحيانا بحوادث شخصية يعكسها الكاتب في كتاب أو الرسام في لوحة ؟ ما هو الشيء الذي تتضمنه التجربة الشخصية للمبدع و التي تجعل منها قيمة عامة و ليس قيمة خاصة ؟
لقد تسائل كثيرون لماذا بقيت بعض الأعمال خالدة رغم مرور الوقت ؟ لماذا لا يزال تشيخوف، كمثال، يثير إعجاب الناس حين يقرئون quot; الحرباء quot; أو quot; وفاة موظف quot; رغم إن الأولى تحدثت، مثلا، عن شرطي يغير مواقفه بطريقة انتهازية مما لا يزال كظاهرة قائمة في مجتمعاتنا و غالبا ما نشاهدها ؟
ما الذي يجعل العالم، مثلا، مهتما و مشاركا بيكاسو لغضبه و أساه لما جرى لقرية غورنيكا التي دكتها الطائرات الألمانية في يوم سوقها المزدحم و التي حولها بيكاسو الى لوحة لا تقدر بثمن، الى واحدة من اشهر منجزات الفن التشكيلي العالمي هز بها العالم ؟ في حين لا يكترث العالم لعشرات و مئات و ألوف اللوحات و المسرحيات و الكتب التي تكتب عن قرى هنا و هناك تتعرض حتى الآن للإبادة و القتل و التدمير و إراقة الدماء ؟
ما الذي يجعل القارئ مهتما لمعرفة ما يسرده عليه هيرمان هسه عن شخصية كنولب المستلة من تجربته الشخصية في روايته التي تحمل الاسم نفسه ؟
و أخيرا لماذا يكترث الناس و يتابعون ما جرى للرجل المعلب في إحدى قصص غوغول ؟
و الأسئلة تطول .
المنجم
لكننا لن نجيب على هذه الأسئلة التي نثيرها أمام الكاتب و المبدع بشكل عام، رغم إننا نعرف بعضها على الأقل، لأن عليه أن يعثر عليها بنفسه و إلا فإنه سيصرف وقته الثمين فيما لا فائدة فيه ويستمر في السؤال عن أسباب الفشل و انصراف القارئ عن أعماله بمجرد رؤيته أسم المؤلف على الكتاب .
على الكاتب أن يكون صادقا مع نفسه و قاسيا عليها و يتصور المشهد التالي محاورا نفسه: قارئ ينظر إلى واجهات الكتب و يرى كتابا لرواية تحمل اسمه، يقول القارئ مخاطبا الكاتب من خلال كتابه المعروض: quot; ها يا عزيزي الكاتب (....... ....) لقد خدعتني في المرة الماضية، وتصرفت معي بطريقة تفتقر إلى النبل، و أخذت شيئا من نقودي و وقتي حين قررت شراء روايتك و قراءتها، لقد خدعني غلاف روايتك الأنيق و أسمها الجذاب، و مقالات لنقاد يمتدحون كتاباتك، ربما دفعت لهم ... ربما تملقوك ... وربما يفتقرون إلى القدرة على التقييم، حيث لم أجد فيما قرأت شيئا ممتعا quot; . سيجد الكاتب، حين يكون صادقا، وهو يعيد قراءة و تقييم أعماله انه كان مفتونا جدا بحوادث و حكايات و حوارات مرتبطة بطفولته و ذكرياته الخاصة و لكنها لسبب مجهول لم ترق للقارئ، فجميع الكتابات في نهاية المطاف هي انعكاس للحياة الشخصية للمؤلفين: ذكرياتهم و طفولتهم و علاقاته بالناس المحيطين بهم ...الخ، و هذه هي الصفة المشتركة بين الكتاب و المبدعين من الناجحين و الفاشلين على حد سواء، الذين أرضوا و اقنعوا القارئ أو المتلقي أو الذين لم يحققوا ذلك .
عندئذ، وفي تلك اللحظة، سيبرز السؤال التالي و الذي سيفحصه الكاتب بكل تمعن: إذا كان ما كتبتُ و ما كتبَ الآخرون هو في نهاية المطاف تجربة شخصية و ذاتية الى أبعد حد، فلماذا هناك ما يفتن الناس و يثير إعجابهم في هذه التجربة أو تلك، و هناك بالمقابل و على الضد من ذلك ما يثير مللهم و يدفعهم الى عدم إكمال الكتاب أو الرواية ؟ لماذا هذا الاختلاف إذا كان المنجم واحدا ؟
لا .. ليس المنجم واحدا في كل الأحوال!
لنقل أولا أن لكل كاتب منجمه الخاص ... كما أن المنجم الواحد، عدا ذلك، يحتوي على الماس و الفحم ربما في مكان واحد، و المستخرج من هذا المنجم ـ أي المنجم الإبداعي ـ هو تراكم لناتج التجربة الذاتية الذي اُنتخبت بشكل انتقائي بواسطة مرشح عالي الجودة هو الذهن البشري، انه أيضا، إذا شئنا أن نستمر في الاستعارة البلاغية، الجهاز الذي يصقل الماس الخام محولا إياه الى حجر ثمين، وهنا تكمن مهمة المبدع: جودة الانتقاء و إبعاد النتوءات و الزيادات و السرد الاستطرادي و الثرثرة الفارغة .
الانتقاء هو المهمة الإبداعية الأولي على وجه الإطلاق أمام المبدع، و بدون أن يحسن المبدعُ الانتقاءَ سوف لن يكون لعمله أية قيمة . إن الانتقاء هو الشرط الأول للعمل الإبداعي و لكنه ليس الشرط الوحيد . فالانتقاء هو الذي يحسم، قبل كل شيء، ما إذا كان الذي انتقيته من منجمك قطعة فحم أم ماسة، أما ما يلي، ما يأتي بعد ذلك، أي مهارة الكاتب في الأسلوب و جودة اللغة وحسن التسلسل ..الخ، الخ ليس سوى صقل الماسة، أما إذا ما أحسن الكاتب الصقل و لكنه أساء الانتقاء سنقول عندئذ له: ما فائدة أن تجيد صقل و تلميع قطع فحم بدلا من ماسة .
لمزيد من التوضيح حول الانتقاء نروي مثالا من الفن التشكيلي قاله احد كبار قادة التحديث في أواخر القرن التاسع عشر وهو سيزان حين صرح بأنه حين يقف أمام مسند الرسم ليرسم شيئا من الطبيعة فانه يجد أمامه دائرة من 360 درجة تحتوي على عشرات الموتيفات (مواضيع الرسم) . يقول سيزان: ما أن أميل بجسمي الى اليمين أو الى اليسار حتى أجد موضوعا آخر يستحق الرسم . أمام الرسام، مثله مثل الكاتب أيضا، خيارات لا تنتهي من الواقع و من الذاكرة وسواء في ذلك رسامو أو كتاب الحداثة و التجريد أو الرسامون و الكتاب الذين يعتمدون محاكاة الواقع .
سيجد الكاتب، أكثر من ذلك، أن عليه أن لا يتوجه بكتاباته الى قارئ محلي من وطنه الصغير أو الكبير و إنما إلى القارئ في أي مكان في العالم، وعليه أن يطرح على نفسه السؤال التالي: ما هو الشيء الذي يدفع القارئ السويدي أو الأمريكي للتمتع بما أعتبره ممتعا و ما هي القيمة العامة التي تهم الآخرين في كتاباتي و لوحاتي و قصائدي ؟
و لنأخذ مثالا آخر: شاعرٌ عربيٌ معاصر يشعر بالمرارة من أن القارئ أو المستمع الأوربي لم ترق له قصائدُ ألقاها عليه، مترجمة بطبيعة الحال، و أن المستمع أو القارئ الأوربي وجد صعوباتٍ كبيرة في فهم الصور الشعرية و التشبيهات التي نشأت تاريخيا و في بيئتها الخاصة، فتشبيه الحبيب بسبب رشاقته بـ quot; المها quot; أمرٌ غير مفهوم للقارئ الأوربي ناهيك عن أنه ليس مفهوما حتى للجيل الجديد من الشباب العربي الذي لم يرَ مهاً في حياته .
و يبدو، مثلا، تكرار مفردة القمر بكافة استعمالاتها و تشبيه الحبيب به أمرا مقصورا ربما على المناطق التي ازدهر بها الشعر العربي القديم و التي كان فيها القمر هاديا بنوره لكل من يسري ليلا قاطعا الصحراء يستنير به، و قد اشتق الشاعر العربي حب المحبوب من حبه للقمر، وهي إسقاطات لها ظرفها الخاص . في أوربا لا تجد هذه الصور، لأسباب معروفة، تقبلا كبيرا . و لا يفهم المجتمع البرغماتي، مثلا، الشيء الذي لا نزال نكرره و المستل من ماضينا من بكائيات حول هجران الحبيب و الحسود، ولا يفهم لماذا يكون أهل الحبيبة عائقا في طريق الحب . حتى أن عبقريا في الشعر العربي ذا ذهنية نقدية نافذة قد سخر من الصور الملازمة للشعر العربي رغم زوال ظروف نشوئها و التي كرسها شعراء ولدوا و ترعرعوا في ظروف أخرى و مكان آخر لكنهم بقوا محافظين على تقاليد بالية و صور عتيقة كان لها، حين نشأت، ظرفها التاريخي . فالإبقاء، مثلا، على صور البكاء على الأطلال وقوفا كانت موضع تندر و سخرية أبي نؤاس حين قال:
قل لمن يبكي على رسم درس واقفا، ما ضر لو كان جلس ؟
أما إذا ما ترجمت القصائد التي تثير حماستنا الوطنية و إشادتنا بأنفسنا ..الخ الى اللغات الأوربية فإنها سوف تلاقي فشلا ذريعا .
و عودة الى وقت المستهلك: كما قلنا حالما يشعر القارئ أو المشاهد أن الكاتب أو الرسام أو المسرحي ... الخ يستخف بأهمية الوقت و يطيل الكلام بما لا يعني المتلقي و ما لا يهمه سوف يسخط و يرمي الكتاب جانبا و سوف لن يقرأ كتابا عليه اسم المؤلف في المستقبل و لا يلبي دعوة لمعرض توجه إليه حين يكون قد صرف وقته في زيارة المعرض السابق الذي كان يحتوي على مفردات بصرية يتعاطف معها الرسام نفسه و بعض المحيطين به لسبب أو لآخر: ربما النوستالجيا أو دوافع محلية بحته أو ذكريات مفرطة في الذاتية و الخصوصية .
هذا لا يعني أن المفردات المحلية غير ذات فائدة كمصدر للإلهام، بل العكس هو الصحيح فالفن الحديث قد استلهم الفنون المحلية، بل إن الفن الأوربي في أكثر فتراته ثورية في بداية القرن العشرين قد أسس الكثير من ثوريته على استلهام مفردات فنية بدائية من أفريقيا أو الشرق: فكما هو معروف في تاريخ الفن فإن أقنعة أفريقية قد ألهمت بيكاسو و براك، اللذين أسسا للتكعيبية . و كانت زيارات العديد من الفنانين التشكيليين الأوربيين مثل، ديلاكروا، ماتيس و بعض التعبيريين الألمان الى شمال أفريقيا مصدرا مهما من مفردات جمالية و تكوينات فريدة و مصدرا لتألق الألوان .
ما نقصده هو أن تتجلى المحلية كمصدر للإبداع في تحديد دورها الإلهامي أي استلهام المفردات و ليس استنساخها و تجميعها و العمل من خلالها بالخروج بشكل جديد و ليس مجرد نسخ لهذه المفردات و تكرارها بصورتها القديمة، و يتجلى هذا في الفن التشكيلي في الوصول الى لغة بصرية تتخطى اللغة البصرية السابقة و تؤسس لواحدة جديدة و في مجال الإبداع المنثور و الشعر تلعب الحكايات القديمة و الميثولوجيا دورا كبيرا في إغناء هذه الأشكال الإبداعية و لكن أيضا بواسطة الاستلهام الخلاق و ليس النقل الميكانيكي .
و عليه و اذا ما أريد بواسطة الإبداع مخاطبة العالم وليس النفس كما المنولوج ينبغي البحث عن لغة تهم البشر جميعا على مختلف مشاربهم و تحدراتهم الثقافية .
* * * *
و لذا فقد سمينا هذا بـ quot; العقد الإبداعي quot; اشتقاقا من عقد quot;روسوquot; الاجتماعي، و هو عقد تقول فيه للقارئ ـ المشاهد الزائر ـ المستمع ـ ...الخ اعطني وقتك أعطك نتاجا إبداعيا ساميا .
و بذا فإن النتاج الإبداعي ينبغي أن يكون فعلا نتاجا إبداعيا ساميا ليس من وجهة نظر المبدع الخاصة بل أن يحظى بالإقرار الجمعي ـ التاريخي بذلك . أي أن يكون معاصرا جديدا مبتكرا منتميا الى زمنه غير مكرور مقبولا من الوسط المتذوق .
النقد، المنشأ و التطور اللاحق
الناقد هو أولا، و قبل أي شيء: قارئ، أو متلقٍ جيد يمتلك، فوق ذلك، قدرةً و أدواتٍ تساعده على تحليل العمل الإبداعي و تسليط الضوء على مواقع القوة و الضعف فيه . و يستطيع، أو يُفترض إنه يستطيع، تحليلَ النص أو اللوحة ..الخ تحليلا يأخذ بنظر الاعتبار الجانبَ و الإطارَ التاريخي للعملية الإبداعية، أي انه يدرك أن تقييم العمل الإبداعي إنما هو دائما تقييمٌ تاريخي أو ينبغي أن يكون تقييما تاريخيا من أجل اكتشاف فيما إذا كان جديدا مبتكرا أصيلا أم مكررا مفتقدا للأصالة . أي أن الناقد، ثانيا، يجب أن يكون ملما بتاريخ الفن أو الأدب . و بهذه الإمكانية، التي ترتفع عن مستوى معدل إمكانية القارئ الجيد، يساعد الناقدُ المتلقي و المبدعَ نفسَه على استيعاب العمل الإبداعي استيعابا عميقا و شاملا و يكشف له بعضا من خفاياه، سلبا كانت أم إيجابا . إنه يكشف أحيانا للمبدع نفسه خفايا عمله الإبداعي التي تنطوي على قدر ما من العفوية و التلقائية، و ينظّر(من النظرية) له ما هو من وجهة نظر المبدع بديهة و يرصد الملامح و المرتكزات الإبداعية العفوية مستنبطا قوانينها، و يجيب على الكثير من أسئلة القارئ، و التي سيكون ضمنها على الأغلب السؤال التالي: لماذا أعجبت ـ أو لم أعجب ـ بهذا العمل ؟
على أن الجانب الذي تغفله الدراسات غالبا هو التطور التاريخي لمهمة النقد باعتبارها مهنة أو تخصصا . و سيكون تتبعُنا الاسترجاعي للنشوء التاريخي للنقد كتخصص قائم بذاته ضروريا من أجل مزيد من الوضوح، لذلك سوف نعود خطوة الى الوراء .
النقد هو، قبل كل شيء ممارسة يومية يمارسها كلُ الجنس البشري، بقدر أو بآخر، من أجل تحسين الأداء بغض النظر عن شكل هذا الأداء أو مجاله، و ضمن ذلك طبعا نقد العمل الإبداعي، و لكن النقد ليس مخصصا حصرا للعمل الإبداعي، فالصانع و الحرفي ينقد يوميا نتاجه من أجل الوصول الى نتاج أفضل وظيفيا و من أجل شكل أجمل ـ و الجمال، بالمناسبة، وظيفة أيضا ـ و يناقش الزارع، منذ بدء الإدراك البشري، لماذا كان محصول العام الماضي أفضل أو أسوأ ؟ و ما هي وسائل تحسين الناتج اعتمادا على قانون السبب والنتيجة سواء كانت استنتاجاته علمية أو غيبية، أخطأ فيها أو أصاب، و الفنان نفسه ينقد فنه كاتبا كان أو رساما أو شاعرا و ذلك من أجل نتاج أفضل و أجمل .
وبذا فالإنسان، ارتباطا بنشوء الإدراك، ناقدٌ بطبعه . فالحيوان لا ينقد لأنه لا ينتج و لا يمتلك وعيا. إذن كل منتج هو ناقد بقدر أو بآخر، و الفنان على وجه الخصوص ناقدٌ يمارس النقد كقانون من قوانين تطور العمل الإبداعي و لولا ذلك لما تقدم الفن أبدا،عدا ذلك يجمع الكثير من الأدباء و الفنانين بين مهمتهم في إنتاج العمل الإبداعي و العمل النقدي بشكله التخصصي الرفيع، و قد كانت الكتابات النقدية للكثير من الفنانين مثل الملاحظات التي تركها كاندينيسكي أو تنظيرات الشاعر أدونيس ..الخ ذات قيمة كبيرة .
تخطيط يمثل أدونيس
و لكن الناقد المتخصص، و الذي انفصل عن جيوش النقاد من عوام الناس، هو نتاجٌ متأخر للتطور البشري الذي أدى، ضمن ما أدى، الى تقسيم العمل بشكل واسع بسبب الكمية الهائلة من المعارف المتراكمة التي تتطلب متخصصين، هذه الظاهرة التي أدت بالضرورة الى تقلص الموسوعيين الذين يمارسون أكثر من مهمة . لقد انفصل الناقد عن جيوش النقاد غير المتخصصين ليمارس مهمة حرَفية عالية التخصص .
و في الوقت الحالي بلغ التخصص درجة أكثر ضيقا و تحديدا تقوم على التخصص في النقد لأشكال إبداعية محددة و ليس لجميع الأشكال الإبداعية أو التخصص في فرع ضيق من فروع الإبداع و ذلك بسبب تراكم تاريخي واسع و عميق للمعارف ينبغي للناقد أن يكون ملما به، و كما توسعت الأدوات و التقنيات، و تعددت المناهج مما يتطلب من الناقد، لكي يكون ذا حرفية و ماهرا، أن يلمَ بتفاصيل كثيرة، و أصبح النقدُ مرتبطا بالمؤسسات و خصوصا المؤسسات المعنية بنشر النتاجات الثقافية، و التي تستثمر أموالا طائلة في مجال الثقافة و تستعيد، بطبيعة الحال، أموالها زائدا ربحا، و لولا هذا الأخير ما عملت، فالربح هو الوقود المحرك للمؤسسات في المجتمع الرأسمالي . و بارتباط النقد و شخص الناقد بالمؤسسة أصبح النقد ذا سطوة و احتكر صناعة و إعادة صناعة الذوق مع ما رافقه من سوء استغلال .
سطوة النقد، ارتباطه بالمؤسسات و ملابس الإمبراطور
مثال ملابس الإمبراطور التي استعملها فوزي كريم حد التهرؤ، تجعل المرء يتردد في استخدام هذا المثال الذي لا مفر من استخدامه على أي حال . خصوصا و إن ذلك ينطبق على أوربا الحالية و موقفها من الفن، أوربا التي أبدع فيها هانز كرستيان اندرسن ملابس إمبراطوره: و مختصر ما ورد في هذه القصة أن محتالين اقنعا الناس كلهم إلا طفلا بأن الأغبياء لا يستطيعون أن يروا ملابس الإمبراطور التي خاطوها ليلبسها في يوم من أيام احتفالاته . و بما أن الناس لا ترغب أن توصف بالغباء فقد تظاهر الجميع بأنهم يرون ملابس الإمبراطور و إنهم معجبون أشد الإعجاب بها، بالرغم من أن هذه الملابس لم تكن في حقيقة الأمر موجودة، إذ كان الإمبراطور عاريا، إلا إن طفلا صرخ: quot; ولكن الإمبراطور عارٍ quot;، عندئذ فقط قال الجميع: quot; إن الإمبراطور عارٍ حقا! quot;
بسبب سطوة النقد و ارتباطه بالمؤسسات التي، كما قلنا، تنتج و تعيد إنتاج الذوق و خصوصا في المجتمع المؤسساتي الرأسمالي، لم يعد الإنسان (العادي) حرا في التعامل مع المنتج الإبداعي أو يتجرأ على تقييمه بعفوية و هو يخشى أن يتهم بالجهل إن امتدح عملا فنيا أو قلل من شأن عمل آخر و هو ما سأسميه (الإرهاب التخصصي) الذي ينزع عن المواطن العادي الحق في تقرير ما هو جميل أو أصيل ناصحا إياه و منذرا له بأن هذه العملية هي من اختصاصه أي من اختصاص النقد قائلا له: quot; ليس لك الحق في أن ترى الأشياء جملية أو قبيحة! أنا الذي سأقول لك بأي عمل ينبغي أن تعجب و بأيٍٍ لا!quot; . سنجد الإنسان (العادي)، لهذه الأسباب، لا يعبر عن رأيه في المنتج الإبداعي و ينتظر رأي المتخصصين و النقاد .
كما يقوم الأفراد من الأثرياء و المؤسسات باقتناء الأعمال الفنية حسب رأي النقاد أو المستشارين و بنصيحة منهم و حسب سمعة الفنان التي كرسها النقاد، و لا يقفون من القطعة الفنية موقفا محكوما بالتعاطف الذاتي و التقبل و العفوية .
و تفكر المؤسسة في الناتج التشكيلي ـ اللوحة مثلا، ليس انطلاقا من قيمتها الاستهلاكية، أي القيمة الثقافية و الجمالية التي تحتويها و ما تقدمه من شعور بالجمال و التوازن و الارتياح، و إنما قبل كل شيء القيمة التبادلية للعمل الفني، أي أن يكون العمل الفني قابلا للبيع مستقبلا و تكون المؤسسة و الفرد قادرين على استعادة النقود التي تم صرفها على المنتج الإبداعي، بل و استعادتها مع ربح و ربما ربح كبير . كما تستفيد المؤسسات من المقتنيات الفنية لتحقيق الربح ليس بهذه الطريقة فقط، أي ليس فقط بإعادة بيع المنتج الفني مع أرباح بعد مضي فترة عليه أو تأجيره، بل هي تربح فورا من خلال مقتنياتها الفنية و دعمها للفنانين و الكتاب من خلال الدعاية لنفسها على إنها راعية الفنون، و تسّوق نفسها راسمة صورة مشرقة لنفسها كراعية للإبداع و المبدعين، و تفتخر المؤسسات العملاقة بمجموعة مقتنياتها من الأعمال الفنية و عمليات الدعم المالي التي تقدمها للكتاب والفنانين، و تنظم، بين الفينة و الأخرى، نشاطات واسعة يُدعى لها ممثلو المؤسسات الاجتماعية و الاقتصادية و الفنانين و المبدعين و الاتحادات و الروابط التي تمثلهم لعرض نشاطاتها في المجال الثقافي و خصوصا مقتنياتها من الأعمال الفنية التي سوف تتحول الى كنوز بمرور الوقت، و تحظى مثل هذه الفعاليات بتغطية إعلامية واسعة، و حين يدعم الفنانون الشباب من قبل هذه المؤسسات، يكونوا quot; ملزمينquot; أن يشيروا الى الجهة الداعمة في المطبوعات و الإعلانات لمعارضهم أو نشاطاتهم .
لوحة لفان كوخ
و تهتم قاعات العرض (الكاليرهات) أيضا بالقيمة التبادلية للوحة، أي إمكانية البيع، و بمرور الوقت تتحول حواس أصحاب الكاليرهات و بائعي اللوحات الى أجهزة حساسة لالتقاط تلك الملامح الخفية للقطع الفنية التي تجعل منها قابلة للبيع بغض النظر عن قيمتها الفنية الحقيقية، و المطلع على حياة الفنان quot; فان كوخ quot; المبكرة و عمله كبائع للوحات قبل تحوله الى الرسم في السنوات الأخيرة من حياته سيلاحظ بأنه كان ينصح المقتني بعدم شراء هذه اللوحة أو تلك حين يرى انها ليست ذات قيمة . بذا كان فان كوخ صادقا و دقيقا في تشخيص السئ من الأعمال الفنية لكنه كان بائعا سيئا مما جعل صاحب محل بيع اللوحات يستغني عن خدماته لأنه يجب، من وجهة نظر صاحب محل بيع اللوحات، أن يستميل المستهلك ـ المقتني لشراء اللوحة و أن يمتدحها و يطريها مشيرا الى إيجابياتها دون سلبياتها، و تلعب عوامل كثيرة دورا في تحديد فرص البيع، منها سمعة الفنان التي لا تعتمد على أدائه الفني فقط و إنما طريقته في تسويق نتاجه، شخصيته، مظهره، فضائحه وطريقة حياته .
و تلعب العوامل السياسية دورا كبيرا في تسويق أعمال الفنانين، فالمنشقين عن الأنظمة الاشتراكية أيام الحرب الباردة تلقوا دعما كبيرا من أجل استعمالهم أداة في الصراع الآيديولوجي بين النظامين، و لكن هذا لا يعني بطبيعة الحال، أن جميع المنشقين كانوا مبدعين سيئين، كما حاولت الدعاية المضادة تصويرهم، و لكن انشقاقهم قد استغل من قبل الخصوم الفكريين للأنظمة التي انشقوا عنها و تلقوا دعما يفوق المعتاد و لا يتناسب أحيانا مع مستوى أدائهم .
كما تلعب العلاقات الاجتماعية للفنان فرصا كبيرا في دعمه من قبل الكاليرهات، إذ إن ذلك يعني فرصا أكبر للبيع . و ليس بوسع الكاليرهات ان تهمل هذا العنصر، أي عنصر البيع، لأنها في الغالب مؤسسات خاصة و تتحمل نفقات خاصة كبيرة على شكل إيجارات و ضرائب . و على الضد من ذلك لا تتحمس قاعات العرض المعروفة لعرض أعمال الفنانين الأجانب الذين ليس لديهم بطبيعة الحال علاقات اجتماعية واسعة خصوصا في أوساط رجال الأعمال و أثرياء الدولة المضيفة .
إن الخاصية الأساسية للفن مقارنة بالعلم وعلى الضد منه، و للمنتج الفني على الضد من المنتج المادي، هو عدم وجود معيار لاختبار جودة و أصالة المنتج الفني . فالنتائج العلمية يمكن التحقق منها بواسطة الاختبار و التطبيق وبواسطة المختبرات، أما المنتجات الفنية فمعيارها الوحيد هو معيار ذاتي، اما القيمة الموضوعية المعاصرة للأصالة الفنية فتمر قطعا عبر العامل الذاتي أي وجهة النظر التي يفصح عنها الجمهور والنقاد والخبراء، ولا يوجد مختبر لتشخيص quot; عناصر quot; الأصالة في العمل الإبداعي أسوة بالمواد أو العناصر الكيمياوية أو وسائل الاستهلاك اليومي ...الخ و هذه الخاصية بحد ذاتها، أي خاصية عدم وجود معيار موضوعي للأعمال الفنية، هي التي تكون في أحيان كثيرة مجالا لسوء الاستعمال .
و رغم إن هذا التطور، أعني وجود مؤسسات داعمة للنشاطات الإبداعية، هو بشكله المجرد تطور ايجابي الا أن الجانب الآخر، الجانب المظلم من العملية، و خصوصا دور الناقد فيها، ينبغي أن يحظى بمزيد من التحليل . فالارتباط الفني ـ النقدي ـ المالي قد خلق طغمة متحكمة في صناعة الذوق تتملك إمكانيات كبيرة و لديها نفوذ على الصحافة و النقد الفني و الأدبي يصعب اختراقها و خصوصا بالنسبة للفنانين الذين هم بصدد تأسيس أنفسهم ناهيك عن الفنانين الأجانب أو المهاجرين من دول أخرى .
أما في بلدان العالم النامي التي تفتقر الى المؤسسات أو التي تسودها الأنظمة الشمولية فيكرس الفن و الأدب لمصالح فلسفة الدولة و مصالح الطغمة الحاكمة أو لأشكال بالغة القسوة في استغلال النتاج الإبداعي لمصلحة المؤسسة و إعطاء الفتات للمبدع الذي يضطر الى بيع نتاجه الإبداعي بأبخس الأسعار تحت طائلة الحاجة . و قد سبق لنا و سلطنا الضوء في نفس هذه المجلة على جوانب من الوضع الثقافي في البلدان العربية في موضوع quot; تسييس الثقافة في الوطن العربي quot; و مشاكل التسييس مما لا يستلزم تكرارها هنا في هذا المقال .
من الضروري الإشارة أيضا الى أن طريق المبدع لم يكن أبدا مفروشا بالزهور و أن المبدعين الناجحين لا يشكلون سوى قلة قليلة من العديد الأكبر من الموهوبين الذين لم يحظوا بأي امتياز و لم يحصلوا على أي قدر من الشهرة في اختيارهم هذا الطريق الصعب و الشاق . اما الذي حققوا نجاحات في حياتهم و على قلتهم فقد شقوا طريقهم بصعوبة بالغة و عانوا الأمرين في طريقهم الى الشهرة و لم تصل من سير حياة المبدعين الى القارئ على الاغلب سوى قصص أولئك الذين حققوا النجاح و الثروة، أما الذين اخفقوا و رحلوا في ظروف مأساوية فليس بوسع القارئ أن يعرف عنهم شيئا، و الذي يقرأ كتابا رائعا لـ (ارسكين كالدويل) و المعنون (سمها تجربة) يتحدث فيها عن المشاق التي واجهها في طريق الشهرة سيكون بوسعه أن يقرأ كم هو قاس و شاق طريق الشهرة هذا اذا تحققت .
التعليقات