حرب لبنان مُخطط لها والدور علينا

سلوى اللوباني من القاهرة: هل بدأت الحرب على لبنان رداً على خطف حزب الله الجنديين الاسرائيليين في 12 تموز/ يوليو؟ هل هذا هو سبب الحرب بالفعل؟ فمنذ بدء الهجوم الاسرائيلي على لبنان ونحن نسمع العديد من التعبيرات والتحليلات سواء من وسائل الاعلام أو من الرؤساء والمسؤولين وحتى من المحللين السياسيين وهم كثر هذه الايام، فالشرق الاوسط الجديد يتأرجح ما بين أميركا وإيران، لذلك حرب لبنان مصيرية بالنسبة إلى الثقة بين أميركا وإسرائيل، وquot;بوشquot; يحجم أكثر من مرة عن المطالبة بوقف فوري لإطلاق النار، ورايس تعاتب أنان على انتقاداته لإسرائيل وغيرها من المواقف السياسية، وعلى الجانب الآخر نفوذ سوريا كبير على حزب الله وتريد أن تكون جزءا من الحل في المنطقة، وإيران ستزود حزب الله بصواريخ، ولبنان لم ولن يكون أميركياً أو إسرائيلياً، وتحفظ واعتراض إيران على خطة الحكومة اللبنانية الشاملة لحل النزاع..مما اعتبره السنيورة تجاوزاً للحدود.. في ظل ذلك كله لبنان يحترق.. يُدمر.. يُشرد.. وأشلاء.. وأشلاء في كل مكان، والدول العربية والغربية تعلن عن مواقفها وجهودها المتفاوتة!!!...توجهت إيلاف لبعض الكتاب والشعراء في مصر والأردن وهم د. نوال السعدواي، يوسف القعيد، د. علاء الاسواني، سحر توفيق، محمد العشري، فاطمة ناعوت، ومي لطيف -مقيمة في مونتريال-، والكاتبة سميحة خريس من الاردن، لمعرفة رأيهم في ما إذا كان لبنان ضحية خطة أميركية-إسرائيلية أم إيرانية- سورية؟! ورأيهم بمواقف الدول العربية والغربية!!

الكاتبة د. نوال السعداوي: جهل سياسي كبير
لبنان ضحية خطة أميركية- إسرائيلية.. خطة الشرق الاوسط الجديد ليست جديدة وإنما منذ سنوات طويلة، لذلك لا علاقة لها بالملف النووي الايراني أو سوريا، هذه الأمور ثانوية واستخدمت للتبرير، أنا شاركت في مؤتمر أقيم في بروكسل منذ سنوات حول quot;المشروع الاميركي الجديد للشرق الاوسطquot; وهو ما يطلقون عليه الان quot;شرق أوسط جديدquot; وقد قام بتأسيس هذا المشروع المحافظون المؤيدون لبوش، وقمنا بمناقشة هذا المشروع في المؤتمر، يقوم المشروع على الاستيلاء على المنطقة وتقسيمها الى دويلات لانه لا يمكن لاسرائيل أن تعيش بين دويلات كبيرة، فقسموا العراق بين السنة والشيعة ويقسمون لبنان الان، كما شرعوا بالفتنة الطائفية في مصر بين المسيحين والمسلمين فهم يقسمون الشعب المصري بهذه الفتنة إضافة الى تقسيمه عن طريق البهائية والشيعة وغيرها،وهذا المشروع قائم حتى قبل أحداث 11 سبتمبر في أميركا لذلك موضوع سوريا وايران يخيل على الكثير من الناس غير المطلعين على السياسة الدولية!! أما الحكومات العربية فهي تابعة لاميركا واسرائيل إضافة الى تحليها بجهل سياسي كبير! فهم يتصورون أن المشكلة تكمن بايران وسوريا، وهذه التابعية بدأت منذ أيام السادات هو الذي فتح باب الاستسلام والتبعية منذ الانفتاح الاقتصادي أي حتى قبل إتفاقية كامب ديفيد.

الروائي يوسف القعيد: الدور علينا
الحرب الأميركية الإسرائيلية ضد حزب الله جرى التخطيط لها منذ سنة 2000 وآخر بروفة أجريت عليها كانت قبل ثلاثة أشهر مضت وهي جزء من ترتيبات ما بعد انسحاب أميركا من العراق، وقبل توجيه ضربة أميركية إلى إيران، وبصرف النظر عن حكاية خطف الجنديين، التي تكررت من قبل دون دخول إسرائيل حروبا، فقد كانت هذه الحرب لا بد أن تتم، لا يجب أن تصرفنا أخبار الحرب عن بطولة حزب الله الذي أكمل ثلاثة أسابيع من الصمود المذهل وهز أسطورة إسرائيل التي لا تقهر وتفوق جيش العدو الإسرائيلى الذي يمكنه هزيمة جيوش العرب مجتمعة، هكذا كانوا يقولون عن أنفسهم من قبل، أيضاً حالة الخنوع المذهلة للشعب العربي كله، حيث أثبتت هذه الحرب أن الشعب العربي في جانب وحكامه جميعاً في جانب آخر، لو قرأنا خريطة الدم حيث الحدود الجديدة للوطن العربي سندرك أن الأمر أكبر بكثير مما جرى ويجري وسيجري في جنوب لبنان. الدور علينا جميعاً.


الكاتب د.علاء الاسواني: نصر الله زعيم الأمة ورمزها
لبنان ضحية لعبة صهيونية أميركية بالأساس وجزء من مخطط طويل، وأي نوع من اللوم على حزب الله هو تنطعquot; ومزيد من التخاذل المهين للحكام العرب، حزب الله يدافع عن العرب وعن كرامتنا، أمر مفرح أن يكون هناك شخص مثل السيد quot;حسن نصر اللهquot; بعد فترة من التخاذل وأنا شخصياً معه بقلبي وروحي، أما اسرائيل فلم تكن بحاجة الى ذريعة بأي لحظة من اللحظات فهي اجتاحت لبنان عام 1982 وتزهق أرواح الفلسطينين كل يوم، كما أن المخطط لا يسمح لاي قوة معينة أن تكون نموذجاً للمقاومة وحزب الله هذا النموذج منذ عام 2000 لانه هزم إسرائيل هزيمة كاملة فأصبح نموذجاً، يريدون العالم العربي من اقصاه الى أدناه راكعاً ووجود مثل نموذج حزب الله يُفسد هذه المعادلة، والذين يبكون على دمار لبنان أقول بأن دمار وخذلان الانسان أسوأ بكثير من دمار الجسور والمنازل، ونحن في مصر مدمرون بدون حرب وكل من استشهد في لبنان أقل من شهداء عبارة السلام، نحن نموت من إهمال النظام الحاكم وفساده ونموت من السرطان بسبب الاغذية الفاسدة ونموت بلا كرامة، البكاء على أطلال لبنان نوع من التغطية على الخذلان للامة، حزب الله هم رجال الامة وحسن نصر الله هو القائد وإن استشهد اليوم سيتحول الى زعيم حقيقي ورمز للامة الاسلامية.

الكاتبة سميحة خريس: إسرائيل كالخنجر في ظهورنا
ليست المسألة خندقين أحدهما أميركي-اسرائيلي والاخر إيراني- سوري .. المسألة باختصار وببساطة الانسان العادي في الشارع العربي إن هناك كياناً يسمى اسرائيل مزروع كالخنجر في ظهورنا .. لن ترتاح المنطقة ولن تتوقف آلة الدمار ولن تتوقف التآمرات الثنائية والجماعية حتى نزع هذا الوجود تماماً من المنطقة، أصبح من الغباء التام القول بإمكانية التعايش لو كفت سوريا يدها أو لم تتدخل ايران .. الواقع يقول إن هناك جسماً غريباً على النسيج الحي للمنطقة وما يحدث مجرد اختلاجات تكبر أو تصغر عبر مراحل كثيرة كدلالة على رفض الجسد للغريب.

الكاتبة سحر توفيق: لبنان ضحية كل الأنظمة
لبنان، الذي أصبح وجعًا جديدًا يضاف إلى أوجاعنا القومية العديدة، بدءًا من الخضوع لأنظمة لا تهش ولا تنش أمام عدو خارجى، بينما هي طاغية متجبرة أمام شعوبها التي يفترض منها حمايتها، وانتهاء بإسرائيل، الشوكة دائمًا وأبدًا فى جسد كل منا. لبنان هو، بكل تأكيد، ضحية لعبة أميركية إسرائيلية، ولكن هو ضحية أيضًا للعبة كل الحكومات العربية التي أعجبني وصفها بأنها أصبحت لا تقف عند الخضوع، وإنما وصل بها الحال إلى الاستنطاع، أرى أن الأنظمة العربية بهذا الاستنطاع تعتبر شريكًا فاعلاً في الجريمة الكاملة.أما الأنظمة الغربية.. لعل من الصعب ألا نعتبرها شريكًا في الجريمة عندما يصعب عليها أن تتفق على إصدار قرار بوقف إطلاق النار التي تأتي على الأخضر واليابس وتقتل مدنيين أبرياء وأطفالاً لا ذنب جنوه سوى أنهم يقفون في وجه تنفيذ مخططات أميركا وإسرائيل التوسعية، إن صورة quot;الشرق الأوسط الجديدquot; الذي تريد أن ترسمها أميركا بالدم والنار هي في ظني صورة دويلات صغيرة، أكبرها إسرائيل، والتي تكون حينئذ الدولة التي تمسك بمقاليد الأمور في المنطقة، فلا يكون اقتصاد إلا من خلالها، ولا تكون صناعة إلا وهي شريك فيها، ولا زراعة لا تقدم هي أساسياتها، والأدلة على ذلك كثيرة في السنوات الأخيرة، وليس آخرها رغبتها في تأمين مياهها من نهر الليطاني اللبناني.

الروائي محمد العشري: الأمر لن يتوقف عند لبنان
قلبي موجوع، وروحي تكاد تفر مني بما أشاهده كل يوم على شاشات التلفزيون، وصفحات الجرائد، اللعبة الأميركية - الأسرائيلية واضحة، ولا تحتاج إلى من يفتش وراءها، أميركا تسعى بكامل كيانها للسيطرة على الشرق الاوسط من أجل حماية مصالحها ومصادرها من البترول والطاقة، وهو ما يمثل لها ثروة لـ خمسين سنة قادمة على الأقل، آداتها في تنفيذ مخططها هي اسرائيل، بما تمثله من غطرسة، وأساليب جبانة تفتقد إلى الإنسانية وتقتل في طريقها الأطفال والنساء والرجال المدنيين بأسحلة اميركية بعيداً عن ساحة المعركة، وموقف الدول العربية موقف جبان، يفتقد إلى النخوة وأبسط مقومات الإنسان الحر، لبنان الجميل لا يستحق ما هو فيه الآن، وما يحدث له ولأهله، ربما الأمر لن يتوقف عند لبنان وحدها لِمَ رأته أميركا من موقف الدول العربية المباركة للقتل الوحشي وكل ما تقدمه هو بوق كلامي لا أكثر، ستمتد حلبة القتل البربري إلى سوريا والأردن وباقي البلدان العربية بدواع وهمية هي مطاردة الخارجين من أنصار الله، والدول الغربية لا تمتلك مقومات للوقوف فى وجه أميركا أو بمعنى أدق لا يهمها الشعوب العربية في شيء ولن تقدم أكثر مما تقدمه الدول العربية أصحاب المشكلة الحقيقة.

الشاعرة منى لطيف: الأبرياء دروع بشرية
أشعر أن روحي تغرق هذه الأيام بسبب السياسة. معلقة على لوح خشبي في البحر، أحاول الإبحار وفقاً لإرادة الأعاصير...أنني أرتدي ثوب الحداد على فشل أصواتنا التي تحاول منذ وقت طويل المطالبة بالعدالة ...إذا كان أحد الأشخاص يعلم (أو حتى يظن) أن الأشخاص الأبرياء يُستخدمون كدروع بشرية، فكيف يجرؤ على مواصلة الهجوم؟ كيف يسمح ما يُطلق عليه العالم المتحضر بحدوث هذا، وهو يعلم ذلك جيداً؟ هذا هو السؤال الذي يظل مُلحاً بالنسبة لي في هذه اللحظة، لا يمكنني الهروب من إدراك حقيقة أن ـ للأسف والحزن الشديد ـ هذا الدمار المباشر المصاحب للعدوان الأخير ما هو إلا موت للضمير الإنساني.


الشاعرة فاطمة ناعوت: كل يمارس دوره بتفانٍ
إن لبنان ضحيةُ لعبةٍ عربية محض، لا إسرائيلية أميركية ولا سورية إيرانية، لا أدينُ إسرائيلَ ولا أميركا، فكل منهما تقوم بدورها على خير وجه، أميركا تكرّس إمبرياليتها وسيادتها العالم عن طريق كسر شوكة العرب وتحويلها إلى مجرد صانعة فلوس ونفط وثلة من العبيد التابعين، وتعمّق زرع نتوء الكيان الصهيوني في المنطقة العربية كي تضمن عدم صفاء تكوينه العِرقي الديني اللغوي الثقافي العسكري السياسي بجعلها إسرائيلَ مسمار جحا. وأما إسرائيل فتحاول انتزاع ما تتصور أنه حقها! كلٌّ يمارس دوره بتفانٍ وجدَّة وعزيمة كما ترين، فهل نلوم الذي يؤدي واجبه؟ اللوم على من يتخاذل في أدائه! أما قتل الأطفال والوحشية الصهيونية المذهلة هذه، ففي ظل قانون التوحش العالمي تضيع المبادئ، أي أنك لا تلومين قاتلاً إلا في يوتوبيا أو في نظام عالميّ رفيع يحكمه مجلس أمن موضوعيٌّ ومحايدٌ وشريف، فهل نعيش هذه الحال؟ الحال أننا نحيا تحت سيادة قانون الغابة: البقاء للأقوى، وعليه لن أدينَ إلا المتخاذلَ عن الدفاع عن نفسه. أدينُ الفريسةَ التي سمحت باقتناصها واستباحة دمها فيما تملك قوة الدفاع عن النفس. أدينُ كل حكام العرب، ولا أستثني أحدًا. وسؤالي هو هل تحولت قضية الصراع العربي الإسرائيلي إلى مشكلة محلية ضيقة تخص فلسطين وحدها، والآن لبنان؟ ألم تعد ndash;كما كانت دومًا وكما علمونا في المدارس- القضية العربية المحورية؟ لو الإجابة نعم، سأرفع عتبي عنهم رأسًا. الحكام العرب الآن لم يعودوا محاربين كما كانوا قبل عقود، ولم يظلوا حتى محايدين كما أضحوا قبل سنوات، بل أصبحوا متآمرين مع إسرائيل وذيول خبيثة لأميركا. لذلك لا أدين أحدا سواهم. ما كل هذه الاستكانة والخزي الذي يمارسون؟ لماذا لا يوقفون النفط العربي الذي يصب في قنوات أميركا؟ لماذا لا يسحبون سفراءنا من أميركا ويطردون سفراءها من بلادنا؟ لماذا لا تشطب مصر على كامب ديفيد أساس البلاء؟ أنا تبرأت من نظام بلادي كاملا، أعلنتُ في موقعي أنني أنتمي إلى مصرَ العظيمة، ولا أنتمي إلى حكّامها ونظامها الراهن الذي يجيد الشجب والاستنكار ولا شيء آخر. وشكراً للدمار الأخير الذي أسقط الأقنعة عن الوجوه.
[email protected]