يستسلم ماشياً على أهداب قمرٍ شاحب ليس صدفةً أن يسأل شوقي مسلماني laquo;من نزع وجه الوردة؟raquo; في كتابه الجديد، فالشاعر المسكون عطراً يغار على بنات شعره، وعاشق الليل يسأل دوماً عن اسفار نجومه!
صوت شوقي يؤرّق مرايا الضوء، يلفّ الاصداء زاداً الى حين..
رصاصةٌ عالقة في عنق السطور، وحروف ترسم لليلِ أسحاراً عتيدة. وطَلَقٌ يخطّ طريق البوح في صحراء الطقوس.
ليس لشوقي أن يلوّن الأسماء، يولم للجوزاء..
وليس له أن يعانقَ الصراخ على مسافة الليل،
فشعره يعانق الثريّا، يلبسها رقصة الضفاف، يعلّمها الخطوَ في قاع الغدير.
الأوّلون في شعر شوقي يضيّعون قطعانهم، والآخرون يفرحون بالخروف الضال، يلوّحون لنجمة معلقةٍ على جدار.
عصافير شوقي لا تعرف الاقفاص، ترفل في دفاتر الرسم تحفر الدوائر والمربّعات واجنحة الحرية. الحرف لديه يخطّ وجهةً ثانية، وأسماكُه تسبحُ في غير بحار وأشرعته تمتدّ كالظلال خلف مساحة الضوء.
يفتح ذراعيه للسيل، ينشد الغرق، يستمطر سحابةً حبلى، يلفّها شالاً على عنق وردته. للرحيل في مزاميره أغنية تطول، وللبئر حكاية ليست كلهاث الجرار بل laquo;شموس تطفئ غزالة الطريق ونار ترفل لهيب اليباسraquo;.
يخبّئ شوقي ليلهُ في علبة قرمزية، يسلك دربَ الهزيع نحو الشرفات حيث نساءٌ لا يسمع الحبّ نداءَهنّ...
ويمضي محمولاً بهاجس هيولاه، يلملم مسام النقاط، ينثرها فيلقاً لرواية جديدة، ينازل مكامن الوجْد ويغرز الريشةَ في رحاب أشعاره، لتنزفَ القصيدة بلسَمَه القاتل...!
laquo;أنا الراويraquo; يقول شوقي، ويمتدّ الغوصُ نحو ألفِ احتراق، ألفِ بساطٍ لرمادٍ بارد وألفِ قطرةٍ من النجيع الملتهب يسابق النار الى عروق السنديان.
في المعبد المهجور، يترك شوقي لمحةً من غبار، تختصر أنين الارض، laquo;تطعن الهواء بخنجرraquo; وينصرف الى مدينته العارية يستمتع برحلة العدم..!
ينثر شوقي دخان سيجارته، على مداخن الموت، يسحق اللحظات الموبوءة، يرتق دلفةَ النظرات الغريبة برذاذ يراعه المرتعش.
تقترب السفينة، يهادن شوقي أمواجاً مسكونةً باخبار الطلول، يطفئ غليلها بحفنةٍ من ذاك التراب حيث تعيش وروده منزوعة الوجوه.
يعبر القطار يا شوقي والنسر يطوي جناحيه، وأنتَ تمتدّ في الظلام تعلَقُ بأضوائه المتعبة، ترصف دروبه بالخطايا وlaquo;تستسلم ماشياً على اهداب قمر شاحبraquo;.