لوس أنجليس (رويترز) - لم يكن انتاج فيلم (الجنة الان) Paradise Now الذي يروي قصة تحول عاملي اصلاح سيارات بسيطين الى مفجرين انتحاريين أمرا هينا بالنسبة للمخرج الفلسطيني هاني أبو أسعد فهو اضطر لخوض معركة لم تقتصر فقط على الكفاح للحصول على تمويل بل شملت أيضا تفادي هجوم صاروخي من اسرائيل وألغام برية وتهديدات من متشددين. ولكن التصوير في نابلس حيث خطف مصصم المناظر الذي يعمل معه لفترة وجيزة كتحذير من الفصائل التي خافت أن يكون الفيلم حافلا بالانتقادات كان مجرد عقبة واحدة. فالسؤال الاهم كان هل سيجد اذانا صاغيا فيما يحاول توضيح حقيقة جديدة من حقائق الحياة المعاصرة. ويأخذ الفيلم الذي بدأ عرضه عبر الولايات المتحدة مكانه الى جانب فيلمين اخرين يتطرقان أيضا الى السؤال الذي أثير بعد هجمات 11 سبتمبر أيلول ولم يعثر له على اجابة وهو: ما الذي يجعل شخص يتحول الى مفجر انتحاري على استعداد لإنهاء حياته وحياة اخرين لا يعرفهم؟ هل هو الوعد بالجنة والعذارى؟ أم هو عمل يعبر عن الانتقام أو الشجاعة أو اليأس أو العجز؟ ويعرض حاليا أيضا فيلم (الحرب الداخلية) The War Within للمخرج جوزيف كاستيلو الذي يحكي قصة خلية من الارهابيين الباكستانيين الذين يخططون لتفجير محطة جراند سنترال في نيويورك في أعقاب هجمات 11 سبتمبر أيلول. ويرتكز فيلم كاستيلو على اصطدام قيم الشرق والغرب ولاقى استحسانا كبيرا من النقاد.
أما الفيلم الثالث الذي سيفتتح الشهر المقبل فهو "سوريانا" Syriana وهو فيلم حركة ميزانيته نحو 50 مليون دولار ويقوم ببطولته الممثل جورج كلوني. ويتعامل الفيلم بشكل جزئي من القضية ذاتها ولكن بشكل تجاري وهو من اخراج ستيفن جاهان الذي فاز بجائزة أوسكار أفضل سيناريو عن فيلم "تهريب"Traffic .
ولا يدافع فيلما (الجنة الان) و (الحرب الداخلية) عن المفجرين الانتحاريين ولكن كل منهما يحاول بطريقته أن يفسر الحالة العقلية التي تتمخض عن مثل هذه الافعال لان الفهم هو أول خطوة للامام على حد قول أبو أسعد. ويدور أحد مشاهد الفيلم في متجر لبيع شرائط الفيديو يبدو كأي متجر عادي في الغرب باستثناء أنه يبيع شرائط لمفجرين انتحاريين يشرحون فيها أفعالهم لإلهام من يسيرون على نهجهم. ويعبر أبو أسعد عن اعتقاده بأن العجز هو السبب وراء التفجيرات وتبرز كلمات شخصياته هذه الفكرة فيما يمضون في حياتهم اليومية في الاراضي المحتلة التي يصورها الفيلم على أنها سجن مغلق وخانق.
ويقول المخرج "احساس العجز قوي للغاية لدى هؤلاء الناس لدرجة انهم يقتلون أنفسهم والاخرين لمجرد القول (أنا لست عاجزا). انه موقف معقد للغاية ولكن المظلة التي سيتظلون بها هي الوضع الظالم." ويعرض الفيلم حاليا في اسرائيل التي ساهمت في تمويله ويلقى أراء قوية كما يحدث معه في الضفة الغربية. ويقول أبو أسعد "لم يتغير رد الفعل في اسرائيل...الكثير من الاسرائيليين يرون أن اللعب بالسياسة هو أكبر المشاكل." وسجلت السلطة الفلسطينية الفيلم في جائزة الاوسكار لفئة أفضل فيلم أجنبي وسيكون من المثير أن يصبح الفيلم واحدا من الافلام الخمسة النهائية بعد التصفيات. ولكن أبو أسعد أشار الى أنه تلقى شكاوى من الحكومة بأن الفيلم ذو طابع غربي اكثر من اللازم. ويرى أبو أسعد أن فيلمه لا يحاول فرض وجهة نظر معينة ولكنه يحاول أن يظهر "شيئا خفيا ولم يقدم من قبل." وتصف ريتشل ابراموفيتش الناقدة السينمائية في صحيفة لوس انجليس تايمز الفيلم بأنه النسخة الفلسطينية من مسرحية "موت روزنكرانتز وجيلدنشتيرن" للكاتب الانجليزي توم ستوبارد فهو يركز على حياة شخصين في لحظة تاريخية معينة ويراقبهما وهما يتنفسان. وهذا ما فعله أبو أسعد. ويبقى عليه الان أن يعرف ما اذا كان أحد سيسمع صوت هذا التنفس.