سأصدق، رغم أنني لم أكن لأفعل ذلك من قبل، أن هناك امرأة لا تُنتزع، امرأة تأتي لتبقى، ممزقة جواز سفر الأحزان، لتباغت الحائط بضربة لم يتوقعها أحد، ناثرة الأمل في قاعة سكنتها البرودة.
لم أكن لأصدق أن القسوة لم تعد تتسكع في طرقاتي تبحث عني أينما أوّلي إلا حين اعترضتني المفاجأة، شعرت كأني أسير في درب ورقبتي باتجاه آخر تتلفت للوراء وفجأة أوشك على الارتطام بشيء يقف أمامي، كانت المفاجأة أن يأتيك صوت الأمنية، ليشعرك بنبوءة الإحساس، ويفيض عليك بتراتيل العاطفة، هذا ما بحت لها فارتبك صوتها جارحا الصمت.
حين لا تبدي امرأة ما بداخلها، وتلبس قبعة صمتها تاجاً لموقف تصفه بالواهم، فيما ترتجف بعطر البهجة الحالمة المتسترة لتعانقها وحدها وتحلم برقصة كلاسيكية وإضاءة خافتة، حينها تصبح أكثر من امرأة، تحلم بضم طيف وتبحث عن بياض للشوق ونسمات لقاء يضج بها في عرس تسيده الهواء وغمض رمشه بومضة أتت سريعاً لتحرق يباس الألم، وعذوبة سرية مؤقتة.
أكره المؤقت والمؤجل والمسروق بيد الخيانة، أضع رقيباً أمامي، أرتجف منه، وأنحني له، إنه الخشوع الذي يتملك أقدام الخطوة ويجعله يزيح عثرات الطريق، حينها يكون امرأة أخرى.
هو ما وشوشت به أذني دون أن يخدش صوتها هجعة الليل.
فيما جاء صوتي تجر النبرة الأخرى وتسألها عذر المواجهة، دانية منها، تلتحم بها لتصعد إلى عُقَد الأمل، شاحذة همة الروح، فتنطق كلمة واحدة لتستهل.. قلت لها :
- ما الذي يجعل غيمةً لا تأتي والمطر شريداً..
- الخوف من الغرق ياعزيزي...
- أتغرق غيمة؟!!
- ألا تعرف أن الغيم يحزن، وإن حَزن يسقط المطر، فتسقط الغيمة بدموعها فَتُغرق وتَغرق، تموت لأن من يهوى الاخضرار عن قرب يموت، من يعانقه يموت، في عُرف قانون المطر العشق بلا لمس بلا همس بلا قرب، مطرٌ يغدق عن بُعد، لذا حين نقترب نموت، حين نُصر على عناق الأرض.
- أي امرأة أنتِ.
- أنا تلك التي وصفت .
- ماذا أفعل لتكوني هنا بثياب ماطرة دون دموع.
- لن أكون، سآتي حين يدنو الشوق، سأتحدث إليك عن رحلة طفولية وسأمسح شَعرك بقطرات، وأحكي لك قصة ساندريلا .. يا مجنون غيمةٍ وعاشق المطر، هل ترى تلك الوردة الحمراء هناك .. تشاهدها ؟
- أجل ..
- اتكئ عليها..
- آخر تحديث :
التعليقات