"يلتقي عشاق الاوبرا مع حفل اوبرالي في الثامنة والنصف من مساء الغد في جبل القلعة".... وكان هذا مقدمة خبر نشر على إحدى الصحف الأردنية، هذا الخبر الذي صادفته بينما كنت أتصفح بالصدفة إحدى الجرائد "بسكون الدال وليس بقلبها إلى ميم"... قرأت الخبر بإهتمام واضح وسررت له لكوني من محبي هذا النوع من الفن الراقي، قلت في نفسي من الجيد صرف الليلة بالذهاب لحضور تلك الأمسية وبدأت أفكر بالذي سأصطحبه معي إلى تلك الأمسية من حفنة الأصدقاء الفقيرة، و ذلك بعد اخذ رشفة من القهوة المرة التي سقط قليل منها على القميص الجديد.

تناولت سماعة الهاتف وقمت بالاتصال بالمعهد الوطني للموسيقى، المعهد الذي يفيد الخبر بأنه هو المنظم لتلك الليلة الاوبرالية. اتصلت بالمعهد للإستفسار عن تلك الأمسية وعن ما إذا كانت مجانية للجميع أم لا... يعني اتصلت لجمع معلومات عامة لا اكثر.
-- الو.... الو... الو صباح الخير
- الو
-- صباح الخير
-إتفضل
- - إذا تكرمت أنا مسرور جدا لقراءة خبر حول تنظيمكم لليلة اوبرالية، وحابب استفسر عنها وعن إذا كانت مجانية أم لا.
-.................................... الخ
-- شي عظيم.. ممتاز.. بس شو سعر التذاكر دخلك.
-سعر التذكرة ثلاثون دينار.
-- عفوا... ! ! !
-ثلاثووووووون دينار شامل الضرائب.
-- آه.. عفوا.... الأمسية هل هي لعشاق الموسيقى و الأوبرا، أم لعشاق السيجار ومحبي المال.
- - الو.... الو...... الو " الظاهر أن السماعة أقفلت ".

أقفلت السماعة من الطرف الآخر، ومن ناحيتي، أقفلت السماعة بعد أن تأكدت قطعا أن الخط فد اقفل، لا ادري... هذا ما يحصل معي هنا في اغلب الأحيان... ؟.. ولكن هل يعقل، ليلة لعشاق الموسيقى سعر تذكرتها خمسون دولار، أي ما يعادل ثلث راتب شهري لشاب عمَاني متوسط الحال... لاسبيل هنا لإراحة الكتفين من ثقل المدينة " وحتى الموسيقى هنا تنحاز ؟ ".

في تلك الليلة، كانت موسيقى بيزت و بوشيني ودون جيوفاني، ترمي ثقلها لتوقظ أهالي جبل التاج المقابل لجبل القلعة، أولئك الجثث التي نامت بقبورها باكرا لتستيقظ في الصباح الباكر لأداء الخدمة الطوعية في الشطر الغربي من المدينة.


[email protected]