سلوى اللوباني من القاهرة: quot;محمود أبو دومة مسرحي جاد، دارس ومدرس للمسرح، يمعن النظر في اختياراته المسرحية لو اتيحت له فرص العمل المسرحي المناسبة لتوقعنا على يديه الكثيرquot;، هذه كلمات مقتطفة من المقدمة التي كتبها أ. فاروق عبد القادر للكتاب الجديد الصادر عن دار شرقيات بعنوان quot;تحولات المشهد المسرحي الممثل والمخرجquot; للمسرحي محمود أبو دومة، وقد اشاد بالمسرحي ابو دومة الحاصل على الماجستير عام 1995 عن تقنيات الاخراج في مسرح الممثل، وحصل على الدكتوراة عام 98 وكان موضوعها quot;اتجاهات الاخراج المعاصرة وتأثيرها على المسرح المصري من عام 60-90، وهذه الرسالة هي أصل هذا الكتاب، أبو دومة يكتب ويعد ويخرج ويمثل، نشر 3 نصوص هي quot;جاءوا الينا غرقىquot;، quot;البئرquot;، وquot;رقصة العقاربquot;، التي أشاد بها أ.فاروق ويعتبرها صياغة موازية لمسرحية هاملت، وأخرج quot;من يخاف فرجينيا وولفquot; لادوارد البي، وquot;مارا-صادquot; لبيتر فايس، ثم رقصة الموت عن نص quot;فلنمثل ستريندبرجquot; لفريدريش دورنيمات، وغيرها الكثير من الاعمال.

اتجاهات وتحولات:
تناول الكتاب اتجاهات الاخراج المعاصرة من حيث المرحلة التأسيسية والمرحلة الانتقائية، ناقش في المرحلة التأسيسية اتجاهات الواقعية والواقعية الجديدة ثم اتجاهات رفض الواقعية، وأفرد فصلا كاملا لاتجاهات الاخراج في المسرح السياسي، فتطرق الى مسرح بيسكاتور التسجيلي، وعناصر الاخراج في مسرح بريخت بين الملحمية والتغريب، وفي المرحلة الانتقائية تناول اتجاهات الاخراج المسرحي بين العملية والورش، والاتجاهات التركيبية بين المسرح النوري والمخرج السينوجراف، واتجاهات الاخراج الهيكلي والمخرج الكوريوجراف، وتناول اتجاهات الاخراج في الفترة 60-90، منها ظهور المخرج، وتطور مفاهيم الاخراج، الاخراج المسرحي ورحلة صعود وهبوط المسرح المصري، والاخراج المسرحي بين الانكسار والبحث عن هوية وتطرق الى اساليب الاخراج في مسرح السبعينات، والجدير بالذكر ان الكتاب يحتوي على ملحق الاسماء الذي يضم 56 اسم لمسرحيين من بلاد مختلفة ( أمريكا، فرنسا، بريطانيا، روسيا، المانيا، مصر، اسبانيا، الصين) مع نبذة بسيطة عن كل مسرحي، الكتاب متخصص بالمسرح والاخراج المسرحي ويستفيد منه العاملين في هذا المجال، وقد احتوى على الكثير من المصطلحات المسرحية والاخراجية.

المخرج المسرحي:
تناول المؤلف تاريخ المخرجين المسرحيين من خلال المتغيرات الحضارية، ووضح أن المخرج مر بمراحل عديدة حتى وصل الى الصورة التي نعرفه بها في القرن العشرين، وهذا التطور اتى نتيجة تراكمات تاريخية وحضارية كما ذكر المؤلف، وكيف ان هذه المتغيرات والتراكمات أدت الى الشعور بالخوف والقلق وفقدان الامل واليأس من اصلاح العالم، وبالتالي فقد انسان القرن 20 الكثير من طاقاته الروحية، وانعكست هذه المتغيرات على جميع مناحي الحياة وبالتالي على مستوى الفن المسرحي، ووضح ان تجربة الاخراج المسرحي تقوم على امتزاج عناصر الادب بفنون العرض الحي، اي تمازج النص الدرامي والاداء التمثيلي، بالاضافة الى الموسيقى والضوء، كل ذلك لانتاج مجموعة من الدلالات والرموز والصور السمعية والبصرية التي يمكن تفسيرها وتحليلها من خلال افكار وعقائد المتفرج، والمخرج هو الذي يقوم بتنظيم هذا الامتزاج وصياغة التكوين العام للعرض بالاضافة الى مهمته الكبرى وهي التفسير المبدع للعمل الفني.

المسرح المصري:
خصص المؤلف الفصل الثالث من الكتاب عن المسرح المصري من الستينات الى منتصف التسعينات، فتعرض للدور التأسيسي الذي قام به كل من جورج أبيض وعزيز عيد وزكي طليمات، والذين انحصرت جهودهم حول الارتقاء بفن المسرح بشكل عام وفن المخرج بشكل خاص، كما تعرض بالدراسة والتحليل للدور الذي قام به الجيل الثاني من المخرجين الذين اسسوا للنهضة المسرحية في مرحلة الستينات، كما وضح مدى تأثرهن بالاتجاهات المسرحية العالمية في مجال الاخراج مثل سعد أردش، كرم مطاوع، احمد زكي، سمير العصفوري، وعالج بعض جهود جيل السبعينات والثمانينات والتسعينات، ومؤثرات هزيمة يونيو 67 على مسيرة المسرح، ثم مرحلة الانفتاح الاقتصادي الذي اعتبره ابو دومة بداية هبوط المسرح المصري، ويعتبر أ. فاروق ان هذا الفصل من اهم أقسام الكتاب، وهو اول مناقشة لمفهوم الاخراج في المسرح المصري على هذا النحو من التفصيل.

[email protected]