مـرّ أسبوع وأكثر على فوز حماس بالاغلبية الساحقة فى أنتخابات المجلس التشريعى الفلسطينى. ونأمل أن يكون هذا الاسبوع قد فعل فعله فى العواطف، والسرور، واطلاق النار، فنعود نحن وحماس الى العقل والواقع والحياة اليومية الواقفة على قدميها.ومن دون عواطف لم يعد لها لزوم، يدفعنا واجبنا الوطنى للتوجه الى حماس بعدد من الاسئلة، ولفت نظرها الى عدد من الحقائق والوقائع. أماّ ما نلفت نظر حماس اليه فهو الاتى:

اولا: أنها لم تفز بكل مقاعد المجلس التشريعى، بل بغالبيتها. وهذا يعنى أن هناك أكثر من نصف الناخبين مع حماس وأقل من نصفهم.. مع quot; فتح quot; والاخرين. وبالتالى: ليس بمقدور حماس أن تقول أنها تمثل كل الشعب الفلسطينى. رغم أنها فازت ديمقراطيا.. وأصبح القرار الفلسطينى فى يدها.. وهذا فوز عظيم نحن فخورون به.
ثانيا: دخلت حماس الى الانتخابات التى شرعّها ومهد لها وراقبها واعترف بها مجلس تشريعى قام على أساس أوسلو. وحكومة فلسطينية قامت على أساس اوسلو.. أى أن حماس معترفة بافرازات أوسلو وليس لها أن ترفضها أو ترفض أوسلو وتوابع أوسلو.. والا لم يكن من حقها أن تشارك فى انتخابات لا تعترف بواضعى أسسها وقوانينها وحيثيتها.

وأما الاسئلة فهى التالية:
. هل حماس حددت موقفها من فلسطين أولا.. ثم من أسرائيل؟
. هل هى مع فلسطين 1916 ( قبل وعد بالفور ) أم مع فلسطين 1948 ( قرار التقسيم ) أم مع فلسطين 1949 ( خطوط وقف النار زائد ما سرقته أسرائيل أثناء الهدنه ). أم مع فلسطين 1967 ( قبل حرب حزيران ) أم مع فلسطين أتفاق أوسلو وما أضيف اليه وما حذف منه؟
. اذا كانت حماس تريد أسترجاع فلسطين من النهر الى البحر، فهل هى قادرة على الصمود وخوض حرب طاحنه قد تربحها أسرائيل فى خمسة أيام.. وقد لا تربحها فتبقى تراوح مكانها الى ألف عام؟
. هل نسقت حماس برنامجها للحكم مع السلطة الفلسطينيه التى يعتبر رئيسها أبو مازن، رئيس حكومة حماس أيضا بموجب الدستور والشرعية الفلسطينية؟
. هل بمقدور حماس أن تنتزع التأييد العربى الرسمى.. والتأييد الاسلامى ماليا وعسكريا ودبلوماسيا كى تصمد أمام ضغوط أسرائيل والدول الكبرى الماليه.. ثمّ أمام قرارات محتمله من مجلس الامن تلاحق حماس قرارا وراء قرار الى أن تصبح حكومة أرهابية ممنوعة من التصرف مع العالم؟
. هل صحيح أن حماس ترفض الاعتراف باسرائيل، فى حين أنها توافق على هدنه طويله معها؟
اذا كان هذا الرفض مطروحا حقا، فمعنى ذلك أن حماس تريد أن تلعب لعبة العرب أثناء هروبهم من الحقيقة عندما كانو يسمون أسرائيل: الدولة المسخ.. وما لبثت هذه الدولة المسخ أن هزمت العرب جميعا هزيمة ساحقة. فهل حماس تظن أن أسرائيل دولة من ورق سيعود أبناؤها الى الدول التى هاجروا منها حالما يشعرون بتهديدات حماس أو غير حماس؟
أذا كان هذا ظن حماس ndash; ولا نظنه كذلك ndash; فلابدّ لقيادة حماس أن تنزل الى الارض وتدرك أن هناك دولة قائمة قوية جدا ومعترفا بها من العرب جدا جدا، أسمها أسرائيل.. تجلس بمنتهى الراحة على أكثر من 8. بالمئة من فلسطين وقادرة اذا أرادت أن تجلس على ألف بالمئة وزيادة.
. هل حماس قادرة على تأمين المال اللازم لقيادة الدولة الفلسطينية، واعالة حوالى أربعة ماليين فلسطينى بينهم الاب والام والطفل والتلميذ والموظف والجندى والشرطى.. الى اَخره. ومن أين يمكن حماس أن تأتى بالمال الذى هو اليوم ودائما، عصب الحياة؟
قد يكون من سوء الحظ، أن حماس وأفكارها فازا بحكم فلسطين اليوم.. وليس قبل أتفاق كامب دايفيد المصرى ndash; الاسرائيلى.
وقد يكون من سوء الحظ، أنها جاءت الى الحكم بعد ثلاثة عشر عاما على أوسلو وليس قبل ثلاثة عشر عاما منه.. أو حتى قبل عام واحد من توقيعه..
ولذلك، من الضرورى أن تراجع حماس حساباتها، مرة وعشرين مرة، لان نجاحها قد يكون نتيجة تراجع فى شعبية فتح. بل لعله نكاية بممارسات فتح وبعض رجال السلطة والارتكابات والفساد الذى أستشرى فى بعض صفوفها. على أن ما يجب الا يغرب عن بال حماس أن اَخر أستفتاء جرى فى فلسطين، أظهر أن 83 بالمئة من الفلسطينيين يؤيدون الحل السلمى الذى رضيت به quot; فتح quot; ومارسته طوال السنوات الماضية، لكن الجانب الاسرائيلى كان يعتمد المماطلة. ويضع الشك موضع اليقين. ويعيد الامور جميعا الى نقطة الصفر.

والذى نأمله من حماس الفائزة بالشرعية الفلسطينية أن تتصرف بعقل وشفافية وجرأة. وننتظر منها أن تدرك أن المال أمر ضرورى لبناء المجتمع المتجانس لكن المال وحده لا يصنع الموطن. ولكى تكون حماس فى مستوى المسؤولية الهائلة التى وقعت على كتيفيها، ينبغى لها ألا تتحدى الدول المانحة لان هذه الدول هى التى صنعت أوسلو.. وصنعت قرار التقسيم.. وصنعت أسرائيل، وبالتالى فان quot; المباطحة quot; معها خاسرة.. والافضل أن نأخذ مساعدتها بالحسنى ونبين لها أننا لسنا للبيع ولا للشراء بل للحق والحقيقة والسلام الحقيقى.. لا أكثر ولا أقل.