ثمة علاقة وطيدة بين طغاة العالم، فقد كانت أواصر العلاقة بين الطاغية اليوغسلافي وبين صدام حسين وطيدة ووثيقة، هناك من يجد ان محاربة المسلمين قاسمهما المشترك، ويؤيد هذا الأتجاه العلاقة التسليحية بين قوات العميل لحد ( جيش لبنان الجنوبي ) وبين سلطة صدام حيث كان يمدها بالمال والسلاح بأستمرار من أجل قتال المسلمين في لبنان.
هناك من يجد خيوطاً مشتركة بين كل طغاة الارض، فعزلتهما الدولية والشعبية تفرض عليهما الالتقاء في العديد من المواقف، والتنسيق السياسي بين الطاغية الصربي والعراقي واضح.

ولايجد الطغاة أنفسهم مخطئين بحق الأنسانية أو بحق شعوبهم، فالوهم يتلبسهم من أنهم قدر الأمة، وان مجرد وجودهم في السلطة دليل على رقي البلد وتطوره بالرغم من كل الخراب الذي تعيشه، فقد تمكن ميلوسيفيتش تدمير البناء اليوغسلافي في سلسلة من الحروب الدموية، ودمر صدام العراق في سلسلة من الحروب والهزائم المتلاحقة، ومن الغريب أن ينطلق كليهما في الدفاع عن نفسه مذكراً الشعب بالمنجزات العظيمة الوهمية التي بناها كليهما أثناء توليه السلطة، وبأعتقاد أي منهما أن الضحايا والقتلة ما هم الا وقود الحياة والتطور الطبيعي للبلاد مهما بلغ حجم الضحايا.

وكلا من الطاغية الصربي والعراقي كان حزبياً ضمن حزب سياسي قبل أن ينفرد في حكم البلاد، وكلاهما يستغل الفراغ القيادي ليصير القائد الوحد والقائد الضرورة والصعود الى قمة السلطة مسخراً كل أمكانيات البلاد في سبيل توطيد دعائم الحكم.

في العام 78 كان ميلوسيفتس نائبا للرئيس أيفان بعد وفاة الرئيس اليوغسلافي ( جوزيف بروز تيتو )، وحضر الى أقليم كوسوفو المضطرب، فأستغل الفرصة ليصبح زعيماً للأقلية الصربية، وفي العام 78 استطاع النائب صدام أزاحة البكر لينصب نفسه قائداًَ للضرورة وحاكماً أوحد في العراق، بينما تأخر زميله ميلوسيفتش الذي أزاح رئيسه في نهاية العام 78 ليصبح رئيساً لصربيا، وخلال فترة حكمه تم إلغاء الحكم الذاتي لإقليمي كوسوفو وفويفودينا أمام تنامي المد القومي الصربي. واعتبر ميلوشيفيتش أنه يبني صربيا الكبرى على أنقاض يوغسلافيا، فإذا به يتحول الى وحشا كاد يفترس صربيا ذاتها.

في عام 1991 عندما أعلنت سلوفانيا وكرواتيا انفصالهما عن يوغسلافيا شن الجيش اليوغسلافي الذي يسيطر عليها الصرب الهجوم، وأخذت المدن الكرواتية تسقط بيد الميليشيا الصربية المدعومة من الجيش مع بروز نزعةالتطهير العرقي وارتكاب افضع الجرائم الأنسانية بأوامر مباشرة من الطاغية ميلوسيفيتش.
وبعدها حاصر الجيش عاصمة البوسنة والهرسك ساراييفو ومدنا أخرى واستمر الحصار أكثر من ثلاثة أعوام ومع فظائع الحرب quot; حيث أرغم آلاف على ترك منازلهم، بينما كان مصير آخرين أكثر سوءا تجسد في دفن الناس وهم احياء أو احراقهم قبل الأعدام وهو ماتماثل العمل به في العراق أيام حكم الطاغية الدكتاتور العراقي صدام حسين.
وقد حضر الطاغية الصربي بنفسه عمليات التصفيات والأعدام الجماعية لألاف المسلمين حيث كان يستمتع كما كان الطاغية العراقي يستمتع بموت العراقيين.
ومع ثلاثة حروب خاضها وخسرها بدأ ميلوشيفيتش يخطط لحرب رابعة من أجل كوسوفو، في حين خسر الطاغية العراقي ثلاث حروب مع أصراره على أن يلج الحرب الرابعة.
خلال سنوات حكم الطاغية ميلو سيفيتش والطاغية صدام سائت الأوضاع الأقتصادية والأجتماعية للحياة في بلديهما، وبالرغم من فشل أداء سلطاتهما والتراجع المرير لكافة مناحي الحياة، فقد بدا أنهما يتباهيان بما أنجزاه من تحطيم حقيقي لكل معاني الحياة في البلدين.
كانت مسؤولية بلغراد واضحة وبات سلوبودان ميلوشيفيتش أول رئيس دولة يدان بتهمة ارتكاب جرائم ضد الإنسانية، وبدأت قبضته على السلطة تتراخى.
فخلال انتخابات الرئاسة في أيلول/سبتمبر عام ألفين ورغم حرمان المعارضة من إسماع صوتها عبر وسائل الإعلام التي تسيطر عليها الدولة تعرض ميلوشيفيتش لهزيمة جلية على يد مرشح المعارضة فويسلاف كوستونيتشا، وتتويجا لمظاهرات واسعة النطاق وإضراب عام استولى أنصار المعارضة على مبنى البرلمان في بلغراد وعلى مبنى التلفزيون الحكومي. وهرب ميلوشيفيتش وزوجته. فيم هرب الطاغية العراقي بعد ان مكن زوجته وأولاده من الهروب، وانتهت بذلك ثلاثة عشر عاما خلال اثنتي عشرة ساعة حبست الأنفاس وبعد ستة أشهر ألقي القبض على ميلوشيفيتش وأرسل إلى محكمة جرائم الحرب الخاصة بيوغوسلافيا السابقة في لاهاي.
وأختفى الطاغية العراقي في جحور وحفر أعدها لمثل هذا الموقف وتدرب عليها، وتم القبض عليه مجحوراً ليقدم الى المحكمة الجنائية العراقية المختصة ولم يزل يسلك الدرب الذي سلكه الطاغية ميلو سيفيتش

وبدأت محاكمة ميلوشيفيتش على جرائم ضد الإنسانية في أوائل عام ألفين واثنين، في حين بدأت محاكمة صدام حسين عن نفس التهمة وعن قضية واحدة ( جريمة الدجيل ) في العام 2005 وعند موته، كانت جهة الإدعاء في كلا المحكمتين قد قدمت للمحكمة أدلتها، ولكن موت ميلو سيفيتش يوقف الأجراءات القانونية وينهي المحاكمة قبل أن ينال عقابه أو يتم تجريمه في محاكمة طويلة، بينما لم تزل المحكمة العراقية تتخطى نصف المراحل المطلوبة قانوناً في المحاكمة لأصدار قرار التجريم أو البراءة