(لا بد مما ليس منه بد) ؛ تبادر إلى ذهني هذا المثل وأنا أقرأ تصريح قائد الحرس الثوري الإيراني محمد علي جعفري عندما قال: (إن بلاده ستكون قادرة، بسهولة، على إغلاق مضيق هرمز، الممر الرئيسي لشحنات النفط، في حال تعرضها لهجوم بسبب برنامجها النووي). وفي تقديري أن مواجهة هذه الدولة التي تحاول أن تكسب الوقت لتملك السلاح النووي حتم لا بد منه. امتلاك دولة مؤدلجة حتى النخاع، مثل إيران، للسلاح النووي، هو بشكل أو بآخر مثل أن يملك أسامه ابن لادن قنبلة ذرية، فالعصا أخت العصية؛ ورغم الإختلاف في العمائم والمعتقدات الدينية بين إيران وابن لادن، إلا أن النتيجة هي ذاتها في المحصلة. لعل من سوء حظنا أننا وكذلك دول الخليج المتضررون الأول من مواجهة إيران عسكرياً، ومن رد فعلها كذلك، وستتفاقم المشكلة أكثر في حالة استطاعت أن تغلق مضيق هرمز كما يهدد قائد الحرس الثوري. غير أن حالنا مع إيران مثل حال ذلك المريض الذي يرفض أن يواجه علته بآخر العلاج الكي. نعم، ألم الكي فضيع، غير أن معالجة هذا المرض لا يمكن أن يتحقق إلا بهذه المواجهة العسكرية، أي بالكي. وقد علمنا التاريخ أن الدول المؤدلجة، لا ترعوي، ولا ترى إلا انتصار أيديولوجيتها، أو ما يصب في هذا الانتصار. ولن تقبل (إطلاقاً) بأي حل وسط، حتى وإن وجدت نفسها على حافة الهاوية. المواجهة هي الحل، ولا حل غير المواجهة. فلعبة العصا والجزرة التي تمارسها الولايات المتحدة ودول الإتحاد الأوربي لن تجدي نفعاً. ونحن الآن نعاني الأمرين من محاولات إيران الهيمنة على المنطقة، وفرض نفوذها من خلال الطابور الخامس المتمثل في الأصوليين الشيعة العرب حلفاء إيران الطائفيين. ولك أن تتصور كيف سيكون عليه نفوذ إيران وهيمنتها وطابورها الخامس فيما لو تملكت إيران السلاح النووي.
ولعل من غرائب الصدف أن تتوافق هذه المرة مصالحنا الاستراتيجية مع مصالح اسرائيل. فنظام الملالي في إيران هو عدو لنا، وهو في الوقت ذاته عدو ليس لإسرائيل فحسب، وإنما للسلام والأمن العالمي.
أعرف أن الغوغائيين العرب يقفون في خندق كل من يكون ضد اسرائيل وأمريكا دونما تمييز. غير أننا يجب ألا ننجرف مع هؤلاء الغوغائيين مثلما انجرفنا معهم في السابق. الأولوية المطلقة هذه المرة لأممنا الخليجي الاستراتيجي الذي تهدده إيران، حتى وإن كان على حساب القضية الفلسطينية. في السياسة ليس هناك ما يمنع أن تتحالف مع الشيطان في سبيل مصالحك، وهذا ما يفرضه علينا مواجهة الخطر الإيراني القريب منا. المسألة في تقديري لا تحتمل التأجيل أو التردد. فكل يوم يمضي هو في مصلحة إيران.
لذلك يجب أن ندفع بكل ما أوتينا من قوة دول العالم، وبالذات الولايات المتحدة و الإتحاد الأوربي، نحو المواجهة العسكرية، وتقليم أظافر العدو الإيراني، مهما كان الثمن، قبل أن تسبق (القنبلة الذرية) العذل؛ حتى وإن رغم أنف عرب الشمال.
bull;كاتب سعودي