هل تحيي التساقطات المطرية الأخيرة ما قتله الجفاف؟
شح quot;الذهب الأزرقquot; يهدد المغاربة بالعطش في 2020

أيمن بن التهامي من الدار البيضاء: عادت التساقطات المطرية المهمة، التي سجلها المغرب في الأشهر الأخيرة، لتحيي الآمال من جديد حول ارتفاع منسوب السدود ومخزون المياه الجوفية، وبالتالي تجاوز مخاطر العطش الذي بات يقف على أبواب المواطنين، بعد أن قرع الخبراء والمهتمون أجراس الخطر محذرين من سير هذه الثروة نحو النضوب مع توالي سنوات الجفاف وارتفاع وتيرة النمو الديمغرافي والاقتصادي. ولم تأت هذه التحذيرات من فراغ، بل بنيت على دراسات وتوقعات المراقبين الذين أكدوا أن المغاربة قدر عليهم اقتسام موارد مائية جد ضئيلة وغير منتظمة، يمكن أن تصل فيها الحصة السنوية للمواطن إلى 500 متر مكعب في أفق 2020، وهو مستوى أدنى بكثير من الحد المقبول، أي 745 مترا مكعبا.

ويرجع سبب كل هذا إلى الاستغلال المفرط، ما أدى إلى انخفاضها بشكل حاد تراوحت نسبته ما بين عشرة إلى خمسة عشر في المئة، في الوقت الذي ستتزايد متطلبات الزراعة بما يعادل 7 إلى 12 في المئة. ولا تستثنى موارد المياه الجوفية، التي تقدر بما يناهز 4 مليارات متر مكعب في السنة، من هذه الرؤية المستقبلية غير الواضحة التي تتوقع أن تؤدي سياسة استغلال هذه الثروة، بوتيرة تفوق قدرتها على التجديد، إلى نضوب بعضها، وبالتالي تأثيرها بشكل سلبي على سير تنمية بعض المناطق.

ويستأثر هذا الموضوع ليس فقط باهتمام المراقبين والخبراء، بل حتى بالمواطن العادي الذي بدأت تتولد لديه قناعة بأن تغير مذاق ولون المياه في بعض المناطق يعود بالأساس إلى تزايد قلة المياه الصالحة للشرب، أما فئة أخرى فدخلت في معركة شرسة مع أجهزة الحكومة للحفاظ على ما منحته لها الطبيعة، وهو ما حدث في بن صميم، حيث يعيش السكان هناك مع تهديد يومي بالعطش وموت ماشيتهم بعد أن فازت شركة أجنبية بصفقة تخول لها استغلال عين تعد المصدر الوحيد للمياه في المنطقة. وفي محاولة للحفاظ على هذا الحق المشروع، خرج السكان في تظاهرات تحولت في احدى المرات إلى مواجهات دامية، ما أدى إلى اعتقال مجموعة منهم، فيما واصل من ظل خارج أسوار السجن quot;مسيرة العطشquot;لعل أصواتهم تصل إلى من يهمهم الأمر.

وفي هذا الإطار، يقول رشيد. ص، (29 سنة)، مستخدم، quot;بدأنا نلاحظ أخيرا تغييرا في لون ومذاق المياه، وسبب ذلك غير معروف، إلا أنني أعتقد أن تزايد النمو الديمغرافي في الدار البيضاء واتساع المدينة بشكل متسارع أدى إلى تزايد طلب المياه الصالحة للشرب، وبالتالي قد تكون الجهات المعنية تكون لجأت إلى البحث عن موارد أخرى لتخفيف هذا الضغط المتزايدquot;. وأوضح رشيد، لـ quot;إيلافquot;، أن quot;مذاق المياه يختلف من حي لآخر، إذ إن بعض أفراد عائلتنا عندما يأتون عندنا إلى سيدي معروف يحملون معهم قنينات مياه معدنية لتجنب شرب المياه التي توجد عندنا.. وهذا مخيف، إلا أننا ليس بيدنا حيلة ولا نعرف ما تأثير هذا الاختلافquot;.

من جهته، اعتبر حمزة. ن (46 سنة)، موظف في مؤسسة عمومية، أن quot;هذا الاختلاف مسجل فقط بين الأحياء الفقيرة والراقية، حيث إن هذه الأخيرة يتمتع قاطنوها بمياه صالحة للشرب، في حين لا يجد الآخرون، خصوصا من يسكنون في الشقق الاقتصادية، من ملاذ أمامهم سوى شرب هذه المياه التي لا يعرف ما تحمله معها من آثار سلبية على صحتناquot;. وعلى الرغم من أن سياسة بناء السدود المتبعة منذ الستينات ساهمت في حماية هذا quot;الذهب الأزرقquot; من النضوب، إلا أن ذلك لم يق من مواجهة نذرة هذه الثروة، خاصة مع توالي سنوات الجفاف، ما جعل الحكومة تعمل على وضع المخطط الوطني لتدبير الماء.

ويرتكز المخطط على تدبير الطلب وإيجاد صيغ جديدة لضمان استدامة التزويد بالماء الصالح للشرب، كما تعتمد على اللامركزية، إذ إنه لتطبيق القانون المتعلق بالماء جرى إنشاء وكالة الأحواض المائية، لكي تكون أداة فعالة في التدبير اللامركزي للموارد المائية. وتقدر الموارد المائية في المغرب بنحو 20 مليار متر مكعب، منها نحو 75 في المئة عبارة عن مياه سطحية، ونحو 25 في المئة عبارة عن مياه جوفية.

ومن الإكراهات المقلقة التي توجهها المملكة انخفاض حجم المياه القابلة للتنظيم والتفاوت بين التوقعات والمنجزات في أحجام المياه التي توفرها السدود والتوزيع المتفاوت في الزمان والمكان للموارد المائية والاستغلال المفرط للمياه الجوفية ب 20 %، واستغلال إجمالي يفوق 100%، وسقي 570.000 هكتار (40%)، 54% من القيمة المضافة للفلاحة السقوية.

إلى جانب الانخفاض المستمر لمستوى المياه بالطبقات المائية الجوفية، وتراجع صبيب العيون وانخفاض الصبيب الأساسي لمجاري المياه. أما تلوث المياه فيلفظ التلوث الحضري والصناعي 600 مليون م3 من المياه العادمة و3.3 ملايين معادل نسمة من طرف الصناعات ونسبة المعالجة 8%، في حين 80 محطة تنقية المياه العادمة، أكثر من نصفها لا يشتغل بشكل مرض. ويعد حوض ورغة، أحد أهم الأحواض المائية في المغرب، إذ يساهم ب 13% من المياه السطحية في المملكة، في حين وصل معدل وارداته المائية السنوية، في الفترة الممتدة ما بين 1939 و2006، إلى 2 المليار و877 مليون م3، بما نسبته 51% من الموارد المائية لحوض سبو.

وقال مسؤول في مصلحة المياه في المديرية الإقليمية للتجهيز، فضل عدم ذكر اسمه إنه على الرغم من وفرة المياه السطحية الضخمة بهذا الحوض، إلا أن نسبة التزود بالماء المشروب ما زالت متواضعة وبحاجة إلى استثمارات ضخمة لإيصال هذه المادة الحيوية إلى ساكنة الحوض المشتتة. ويرى المسؤول نفسه، في تفسير لـquot;إيلافquot;، أن وفرة المياه، انطلاقا من البحيرات المائية في الحوض، تشكل حافزا على الاستثمار في قطاعات الماء المشروب والري وإنتاج الطاقة الكهرمائية، كما أن احتياطات هذه السدود تشجع على مد قنوات الجر الكبرى باتجاه مناطق النذرة الواقعة في الشمال الشرقي والسايس، والمدن الكبرى كالعاصمة الاقتصادية الدار البيضاء.