لا يزال هناك الكثير لنتعلمه عن إصلاح وإعادة تصميم وإعادة تدوير الملابس القديمة وتحقيق الاستغلال الأمثل لها
روت لنا شيلي توبين، مسؤولة الأزياء في الأمانة الوطنية في منزل كيلرتون بالقرب من إكسيتر في المملكة المتحدة، ما يحدث لمخلفات صناعة الأزياء.
وقالت: "في بانيبات على الساحل الشمالي الشرقي للهند، تُطحن كميات كبيرة من الملابس الغربية المستعملة وتحول إلى أقمشة جديدة، على غرار الصناعة القديمة التي تعرف بالقماش الرخيص في شمال إنجلترا". (تشير كلمة "رخيص" في الأصل إلى القماش المصنوع من صوف معاد تدويره).
وأضافت: "يستخدم هذا القماش في تصنيع بطانيات تعود إلى الغرب مرة أخرى أو تذهب لمساعدة ضحايا الكوارث.
"حتى القمصان البالية والملطخة يمكن إعادة استخدامها. لا شيء يُهدر على الإطلاق، وهو أمر مخز للغرب. واليوم، أظهرت دراسات أن واحدة من كل ثلاث شابات ترتدي الملابس لمرة واحدة قبل أن تعتبرها قديمة".
وأظهرت إحصائيات صادمة، أُجريت في 2019، أن هناك كميات هائلة من الموارد الطبيعية والملوثات الكيميائية والعمالة الرخيصة التي تُسخر من أجل هذا القطاع الذي تبلغ قيمته تريليون دولار.
وترى شيلي توبين أن المعرض الجديد الذي نظمته في منزل كيلرتون يُعد ردا على كل ذلك في الوقت المناسب.
فمن خلال عرض 50 قطعة من مجموعة أزياء الأمانة الوطنية، يشيد معرض Thirsty for Fashion بتقنيات إصلاح الملابس وإعادة استخدامها، من القرن الثامن عشر إلى العصر الحديث.
كما عبر المعرض عن تلك النقاط بطريقة جميلة تضمنت أفكارا حول إعادة ارتداء الملابس وإعادة الاستخدام وإعادة التدوير وأنها ليست مجرد اتجاهات يتم الترويج لها في مجلات الموضة المتألقة، بل حقائق عاشها الناس عبر القرون، خاصة عندما لم يكن لديهم القدرة على الحصول إلا على القليل من الملابس، مما كان يجعلهم يعتزون بما لديهم كثيرا.
وقالت توبين لبي بي سي كالتشر: "كانت إعادة تدوير الملابس وإعادة استخدامها أمرا شائعا على مر العصور. ويتساءل هذا المعرض عن إمكانية إعادة تعلم هذه المهارات، وتطبيقها على خزانات الملابس لإطالة عمر ملابسنا؟"، هذا بالإضافة إلى الملابس القديمة الثمينة، بما في ذلك ملابس النوم الحريرية المطرزة التي يرجع تاريخها إلى عام 1944 عندما أصبح من الصعب الحصول الملابس والقماش. كما تسلط 12 قطعة معاصرة في المعرض الضوء على أن الإصلاح الحديث لا يزال حيا ومؤثرا.
وتم اختيار المعروضات الحالية للتعبير عن أفكار محددة. وتقول توبين: "اخترنا العلامات التجارية البريطانية التي تصنع الملابس أو تقدم خدمات إصلاحها وتعلم المهارات اللازمة لذلك مثل الملابس المعاصرة التي يتحمس عاشقون للملابس كثيرا لإبعادها عن سلة المهملات".
فهناك ملابس تحمل ملصقات "الكساء الاجتماعي"، وهي مؤسسة اجتماعية مقرها بريطانيا أنشأها باتريك غرانت، مصمم ومقدم مسابقة الحياكة التي تُبث عبر التلفزيون"The Great British Sewing Bee"، علاوة على ماركات ELV Denim ، وReworked 348، وكريستوفر رايبورن، ومصممة الملابس التريكو فلورا كولينجوود - نوريس، والمصمم البريطاني الأوغندي خوسيه هندو الذي يصنع الملابس من قماش مصنوع من قشور الفاكهة.
وتقول توبين: "تُظهر المعروضات المعاصرة بعض الطرق التي يعيد بها المصممون اليوم تصميم المخزون الفائض".
فيما يلي، يمكننا الإطلاع على بعض الإرشادات من قبل العاملين في إصلاح الملابس عبر القرون.
1.إعادة تصميم الملابس القديمة
يمكن استخدام قطعة ملابس واحدة لمرات عدة وبطرق مختلفة ويمكن أيضا أن يرتديها أكثر من شخص.
ومن بين المعروضات المميزة في إطار هذا الحدث ثوب لطفل أعيد تدويره من ثوب من الحرير الثمين لشخص بالغ صُنع عام 1750 تقريبا.
وهناك أيضا بالإضافة إلى ذلك، ثوب مذهل من الحرير الزهري يرجع تاريخه إلى سبعينيات القرن الثامن عشر أعيد تصميمه عندما أصبحت تلك الأنواع من الحرير متوافرة مرة أخرى. وأشارت توبين إلى أن "النساء كن يبحثن في خزانات جداتهن أو يفتشن في غرف التخزين العلوية فيعثرن على تلك الثياب التي لا تزال بحالة جيدة عبر أجيال عدة، ثم أخذنها إلى صانعي الملابس لإعادة تشكيلها بأسلوب الأربعينيات من القرن التاسع عشر العصري".
2. مزايا لرتق وإصلاح الملابس
قالت توبين: "لقد احتفظوا بالملابس لأطول فترة ممكنة، لأن المنسوجات كانت باهظة الثمن، ولم تكن هناك إمكانية لشراء الكثير من الأشياء الجديدة".
وأوضحت أن الناس كانت "لديهم المهارات اللازمة لذلك؛ فقد تعلموها من العائلات أو مقدمي الرعاية أو في المدرسة".
وعرض معرض أزياء Thirsty for Fashion جوارب أُصلحت بعناية، وأدوات لرتق الملابس، ولحاف أُصلح باستخدام قماش الجينز، وجميعها من أعمال المصممة العاشقة والمشجعة للإصلاح التجميلي للملابس فلورا كولينجوود - نوريس.
وقالت كولينجوود - نوريس لبي بي سي كالتشر: "عندما ننظر إلى مزايا الإصلاحات التجميلية، أعتقد أننا نقوم بها للاحتفال بالحياة التي عاشها الثوب، وإضفاء قدر أكبر من الإبداع والمتعة على عملية الإصلاح.
علاوة على ذلك، يكون ارتداء الثوب الذي مر بعملية الإصلاح بمثابة إعلان للفخر باستخدامه مرة ثانية".
3. تنازل عن الملابس الثمينة
بالنسبة لقسم المعرض، الذي يحمل عنوان "أقدم شيء في خزانة ملابسك"، دعت توبين المشاركين لإحضار الملابس التي ارتدوها لفترة طويلة والتي يستمرون في ارتدائها.
وعرضت كيم كولينز، من سكان كيلرتون والمتطوعة في المكتبة هناك، فستانها الأفغاني الجميل الذي اشترته عام 1974 (وهو الثوب الأول الذي تشتريه من مدخراتها وارتدته في مهرجان غلاستونبري وخلال فترة حملها).
والآن، بعد أن أعيد تصميمه وإصلاحه عشرات المرات، انتقلت ملكيته إلى ابنتها إليزابيث.
وأشارت توبين إلى أنه "من الواضح أنه يتمتع بأهمية كبيرة لديها، فضلا عن أنه فستان رائع لم ترغب في التخلص منه".
لكن ماذا عن أقدم عنصر في هذا القسم؟ كان عبارة عن معطف عسكري يرجع تاريخه إلى الحرب العالمية الثانية، غالبا ما كان يرتديه صديق ابن توبين أثناء تمثيل بعض الأحداث التاريخية التي ترجع إلى تلك الحقبة. وقالت المسؤولة عن المعرض: "لم تكن الأسباب العملية فقط هي الدافع وراء التشبث بهذه الأشياء؛ بل إن الروابط العاطفية معها بدت واضحة في هذا المشهد أيضا".
4. كن مبدعا في ارتداء ما لديك
من القطع الرئيسية الأخرى في المعرض فستان متعدد الأغراض يرجع إلى سبعينيات القرن التاسع عشر، وهو فستان وردي فاتح طويل من الحرير يمكن أن يتناسب مع قطعة الصدر الصغيرة بأكمام طويلة أثناء النهار أو قطعة منخفضة الرقبة مطرزة بالدانتيل في المساء.
ويعتبر النظير المعاصر لهذا الثوب هو قطعة فنية مذهلة نحتت باستخدام قماش قشري وحرير معاد تدويره. كما يمكن ارتداؤه كتنورة أو فستان مكشوف الظهر.
5. استخدام مبتكر للقصاصات
جاءت فكرته من تحدي التحول في المسابقة التلفزيونية لحياكة الملابس The Great British Sewing Bee - حيث يُطلب من المتسابقين تحويل قصاصات القماش إلى ملابس ملونة، يدعو قسم في هذا المعرض بعنوان "إعادة ابتكار كيلرتون" الزائرين إلى أن يفعلوا نفس الشيء.
وقام مصمم المعرض برسم طرازات لملابس تم تفكيكها من أماكن التثبيت بالخيوط بحيث يمكن للزائرين بعد ذلك تركيب الأجزاء المنفصلة ومطابقتها مع الرسومات لإنتاج أشياء جديدة.
وتقول توبين: "نريد أن نركز على فكرة أنه يمكنك صنع المزيد من الأشياء من ثوب واحد أصلي".
وكان من بين المعروضات أيضا نموذج لفن الترقيع في العصر الفيكتوري مصنوع من الحرير والمخمل والتطريز.
وأشارت توبين إلى أن "هناك اهتمام كبير بفن الترقيع والحياكة في الوقت الحالي. حتى إذا لم تتمكن من إعادة صنع (قصاصات) في ثوب، يمكنك استخدام هذه القطع لصنع شيء جميل ومفيد لتغطية سريرك".
6. خامات غير متوقعة
خلال الحرب العالمية الثانية، فُرضت قيود على استخدام القماش، وهو ما أوحى للحكومة في ذلك الوقت بإطلاق حملاتها الشهيرة "Make Do and Mend" التي تضمنت توفير ملصقات وأفلام حيوية، بعضها معروض في كيلرتون.
كما يبحث المهتمون بإعادة تصميم واستخدام الملابس عن مظلات القفز - التي كانت تصنع من الحرير الفاخر حتى عام 1943 عندما تم تغيير هذه الخامة إلى النايلون.
وقالت توبين: "قيل لي إن الطيار إذا قفز بمظلة أثناء الحرب وهبط على شجرة، كان ينطلق تاركا وراءه المظلة. بعدها يجمع السكان المحليون تلك المظلات ويستخدمون الأجزاء السليمة منها، أخبرتني جدتي أيضا أنه كان من الممكن الحصول على مظلات في السوق السوداء؛ لقد رأيت إعلانات صغيرة في الصحف في ذلك الوقت، وأخبروني أن شحنة منها وصلت وستعرض للبيع".
واستمرت: "بمجرد أن تضع يديك على مظلة، تكون لديك المواد الخام اللازمة لصنع الملابس الداخلية، وملابس الأطفال، وحتى فساتين الزفاف"، مؤكدة أن الطرازات المطروحة للبيع في المتاجر أظهرت أن هناك إمكانية للاستفادة المثلى من الألواح المثلثة الممدودة بالمظلة.
وإلى جانب الملابس التقليدية، يحتل فستان من تصميم المصمم البريطاني كريستوفر رايبورن، المصنوع من خرائط حريرية كانت تحت تصرف طاقم سلاح الجو الملكي في الحرب العالمية الثانية وما بعدها في الحرب الباردة، مكانا مميزا بين القطع المعروضة التي تعتبر مدعاة للفخر في هذا المعرض، كذلك تتمتع قطعة أخرى بمكانة مماثلة علاوة على كونها إحدى أهم القطع المفضلة لدى توبين، وهو فستان مصمم بأناقة صنع من بطانية كانت تستخدم في الجيش.
وتقول توبين: "كنت أنتظر اللحظة المناسبة لعرضه، فقد صنعته شابة في الأربعينيات من القرن الماضي في إكسيتر، إذ أعادت استخدام بطانية بنية ثقيلة وأضافت قدرا من الصوف الأخضر المتهالك بعض الشيء لزيادة طول الفستان وصناعة طوق شال.
آمل أن تكون هذه هي القطعة الوحيدة التي ستلهم الناس لإعادة استخدام أشياء قد لا يفكرون فيها بالضرورة على أنها مواد تصلح لصناعة الملابس.
"كما أفكر في استخدام لحاف قديم لابني في صناعة فستان".
وقالت وهي تضحك: "ليس لمجرد أنها لم تبدأ حياتها كقماش لصناعة الملابس، يعني أنه لا يمكنك استخدامها في صناعة ثياب".
7. اصنعها لتعش معك فترة أطول
قالت مسؤولة الأزياء في الأمانة الوطنية في كيلرتون: "استخدمنا في المعروضات تقنيات مثل الإصلاح غير المرئي وثنايا القماش والتطريز على ملابس الأطفال".
ويمكن فك الثنايا مع زيادة طول الأطفال، كما يمكن تعديل التطريز الموجود على الصدر عندما يكبر حجم الأطفال.
كما يوجد في المعرض عينات الحياكة - وهي قطع من القماش استخدمت في صناعة بعض الأنماط والغرز التي قد يكون المالك قد تعلمها أو نسخها من الآخرين من أجل محاكاتها مرة أخرى أثناء صناعة قطع جديدة.
وفي كثير من الأحيان تكون تلك العينات قطع فنية في حد ذاتها.
وأشارت توبين إلى أن عرضها هذه النماذج جاء لإظهار "الأشياء التي كان الناس يتعلمونها في المدارس في الماضي مثل الترقيع غير المرئي وثني الملابس والتطريز".
وتقول أيضا إننا "نحتاج فقط إلى أن نلقي نظرة على التاريخ لاكتشاف طرق لضمان أن تكون الملابس التي نشتريها ونصنعها ونرتديها متينة، وتمت مراعاة الأخلاقيات أثناء صناعتها، علاوة على تجنب أي إهدار للموارد".
8. الاعتناء بما لديك
في كيلرتون، يمكن للزائرين مشاهدة أفلام زمن الحرب التي تنتجها وزارة الإعلام حول العناية بالملابس.
وقالت توبين: "لا تقم برمي معطفك على الكرسي الذي تنام عليه القطة، لا تضع حذاءك المبلل أمام النار حتى لا يجف ويفقد مظهره الجميل، وأشياء من هذا القبيل".
وأضافت: "تتمثل تلك النصائح في أن تعتني بملابسك جيدا، وأن تتعلم كيفية تنظيفها وإصلاحها. كما أنها تتعلق بالاختيار الجيد".
ومن أجل إلقاء الضوء على تلك النقاط، اشترى منزل كيلرتون قميصا يحمل ماركة بريتون وقميصا مقلّما يحمل ماركة غرانت من "الكساء الاجتماعي"، وهو ما بررته توبين "بأنها كلاسيكيات لن تصبح قديمة ويمكن ارتداؤها لسنوات - بشرط أن تعتني بها".
التعليقات