عصام المجالي من عمّان: قالت الجمعية الأردنية لحقوق الإنسان إن الانجازات على صعيد الخدمات الصحية والطبية التي حققها الأردن خلال العقود الماضية لم تنعكس بصورة ملموسة على تقدم صحة القطاع الأوسع من المواطنين الأردنيين. ووفقا لتصريحات المسؤولين الأردنيين هناك تزايد مخيف في نسبة الإمراض المزمنةquot; التي تصيب المواطنين، وتؤكد الدراسات بأن 40 % من السكان يعانون من السكري، خاصة بين الفئات الشابة، ويعاني 25 % من السكان من ارتفاع ضغط الدم، وتعتبر الأمراض المزمنة ومعها السرطان مسؤولة عن نصف حالات الوفاة السنوية.
وكشفت دراسة أجريت العام الماضي عن أن 20 % من الأردنيات مصابات بترقق العظام. فضلاquot; عن انتشار فقر الدم، خاصة عند الأمهات والأطفال، وأمراض الأسنان واللثة عند نسبة كبيرة من السكان، وتزايد نسبة التدخين والذي يتسبب ـ كما هو معروف ـ في وقوع أمراض عديدة. في ضوء ذلك، تبرز الضرورة الملحة لزيادة الإنفاق على البرامج الوقائية لمكافحة الأمراض المزمنة حيث لا يشكل ذلك الإنفاق أكثر من 3 % من ميزانية وزارة الصحة في الوقت الحاضر. إلا انه جدير بالذكر أن قطاع الخدمات الصحية شهد توسعاquot; كمياquot; ملحوظاquot; خلال العقود الماضية والدليل على ذلك، انتشار مئات المراكز الصحية وعشرات المستشفيات الحكومية في مختلف مناطق البلاد، إضافة إلى تنامي دور القطاع الطبي الخاص. كما أصبح الأردن، بفضل أطبائه المهرة ومستشفياته المتقدمة، مركزاquot; طبياquot; إقليمياquot; يعالج عشرات آلاف المرضى ويدرب الكوادر الطبية من مختلف الأقطار العربية الشقيقة.
ومن بين الانجازات الهامة نجاح الأردن في تخفيض معدلات وفيات الأطفال دون سن الخامسة، وكذلك إنشاء المركز الوطني للسكري والافتتاح الوشيك لمستشفى الأمير حمزة.
على صعيد آخر، تكشف التقارير الميدانية بأن قسماquot; كبيراquot; من المراكز الصحية لا يزال يفتقد إلى الأعداد الضرورية من أطباء وممرضين، والى العديد من الأجهزة الطبية التي لا غنى عنها، هذا فضلاquot; عن النقص المتكرر في الأدوية والعلاجات. وحسب إحصائيات وزارة الصحة لعام 2003، فإن ثماني مدن فقط من أصل عشرين يوجد أطباء اختصاص في مراكزها الصحية، بينما لا يوجد فيها ممرض قانوني واحد. وتكررت الشكوى من نقص الكوادر الطبية والفنية والأجهزة على لسان مدراء الصحة في المحافظات والألوية خلال لقائهم مع وزير الصحة نهاية آب (أغسطس) من العام الماضي.
والأمثلة على ذلك كثيرة ومنها ـ على سبيل المثال لا الحصر ـ مستشفى الكرك ومستشفى اليرموك في بني كنانة والقطاع الصحي في الأغوار الجنوبية، ومركز ابن سينا الصحي في إربد، والمركز الصحي في الأزرق، إضافة إلى الضغط الشديد على مختبرات وزارة الصحة ومستشفى البشير، بالرغم من عمليات التحديث والتطوير، ومستشفى المفرق ومستشفى السلط. ومثلما كان عليه الوضع في السنوات السابقة، تكررت الشكوى في العام الماضي من نقص الأدوية وهجرة الأطباء من وزارة الصحة بسبب تدني الرواتب وبيئة العمل المرهقة، وأضيف إليها مؤخراquot; وقوع اعتداءات على الأطباء.
ويشير تفحص الوضع الصحي في البلاد عن قرب إلى غياب خطة صحية حقيقية لمعالجة المشكلات القائمة وللعمل على تطوير الوضع تدريجياquot;. وبدلاquot; من ذلك تسير وزارة الصحة بخطوات حثيثة على طريق خصخصة القطاع الصحي، بحيث تصبح المعالجة والحصول على الدواء عملية باهظة التكاليف بالنسبة للقطاع العريض من المواطنين الذين بالكاد يكفيهم دخلهم الشهري المحدود لتوفير لقمة العيش لهم ولعائلاتهم، خصوصاquot; مع الارتفاعات المتتالية للأسعار والتي لا يواكبها زيادة في الرواتب والأجور. ويطلق المسؤولون من اجل تبرير ذلك، أو بالأحرى التمهيد له، تصريحات عن quot;قرب انهيار وزارة الصحةquot; ـ وكأنها مصنع او شركة للقطاع الخاص على وشك الإفلاس ! . واتهمت الجمعية وزارة الصحة قيامها بتضخيم الانجازات والمبالغة فيها أحياناquot; والتركيز على تغطيتها إعلامياquot; مما يحجب عن الأنظار الأولويات التي يجب تركيز الجهود بشأنها، مثل العمل على تلافي النقص في الأطباء والممرضين والأجهزة والأدوية في المستشفيات والمراكز الصحية وتحسين مستوى الخدمات الصحية وتوسيعها ورفع رواتب أطباء الصحة بحيث تتناسب مع رواتب زملائهم في المدينة الطبية مثلاquot; (وهي، مثل وزارة الصحة، تابعة للدولة)، ومعالجة الهدر وبعض مظاهر سوء الإدارة. وطالبت الجمعية الأردنية لحقوق الإنسان الحكومة بالتخلي عن خطط وإجراءات خصخصة القطاع الصحي الحكومي وتحذر من مخاطر هذه السياسة التي قد تلحق أفدح الإضرار بحق الأردنيين في الصحة.
التعليقات