سمية درويش من غزة: أوصى المؤتمر الوطني لحقوق المعاقين الذي نظم تحت عنوان نحو الارتقاء بواقع حقوق المعاقين الفلسطينيين، بعقد ورشة حول الاتفاقية الدولية لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة ، والبحث في تضارب الجهود الرسمية في ميدان أعمال قانون حقوق المعاق الفلسطيني رقم لعام 1999. تنظيم فعاليات وأنشطة ضغط ومناصرة لتطبيق القانون ولائحته التنفيذية. وأكد المؤتمر على ضرورة تطوير إليه منتظمة للرقابة على أعمال القانون ، والتركيز في كافة أنشطة الدعم والضغط والمناصرة على أن حقوق المعاقين هي حقوق إنسانية ، ورفع مستوى وعي المجتمع بحقوق المعاق، إنشاء لوبي ضاغط لدعم حقوق المعاقين ، مشيرا إلى تعديل القانون بما يحقق المساواة وعدم التمييز القائم على سبب الإعاقة وإزالة التناقض في القوانين الخاصة بعمل وتشغيل المعاقين.
وقد حضر المؤتمر أكاديميون، مختصون بحقوق المعاقين، ممثلون عن الوزارات والمؤسسات الأهلية العاملة في مجال رعاية المعاقين والصحة والتنمية والإغاثة ومنظمات حقوق الإنسان ، حيث افتتح راجي الصوراني مدير المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان ، المؤتمر بالترحيب بكافة المشاركات والمشاركين. وأكد الصوراني ، على أهمية موضوع المؤتمر كونه جزءا لا يتجزأ من أجندة الحقوق الاقتصادية والاجتماعية، والتي تحظى بأهمية خاصة ، معتبرا أن قضية المعاقين الفلسطينيين هي بمثابة الهم الوطني والإنساني الذي كرست من اجله جهود كبيرة. وأشار إلى أن عقد هذا المؤتمر يأتي تكامليا مع فعاليات عديدة لمؤسسات أخرى سعيا نحو تفعيل القوانين الفلسطينية ذات العلاقة، بما فيها قانون حقوق المعاق الفلسطيني رقم 4 لعام 1999، وتطويرها بما فيه صالح المعاق الفلسطيني.
الخلل الجسدي والذهني والنفسي
بدوره أشار مسئول حقوق الإنسان في مكتب المفوض السامي صابر النيرب في كلمة مكتب المفوض السامي إلى أهمية المقارنة بين الاتفاقية الدولية الخاصة بذوي الإعاقة، والمعايير الدولية الأخرى ذات العلاقة، وبين قانون حقوق المعاق الفلسطيني، ولائحته التنفيذية، سعيا نحو تطوير الاتفاقية الدولية المزمع إقرارها في مارس القادم.
وفي الجلسة الأولى، التي حملت عنوان: quot; حقوق المعاقين حقوق إنسانquot;، تحدث د.طارق مخيمر من مكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان، عن حقوق المعاقين وفقا للاتفاقية الدولية لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة. وأوضح أن الاتفاقية تشكل نقلة نوعية بصدد حقوق الإنسان المتعلقة بشكل خاص بحقوق المعاقين كونها تتضمن إطارا قانونيا ملزما للدول المتعاقدة عليها، وتعالج موضوع الإعاقة بمنظور مختلف عن المنظور المتعارف عليه، والذي يتمحور حول الخلل الجسدي أو الذهني والنفسي. ولفت مخيمر ، النظر إلى أن مفهوم الإعاقة فيها لا يقتصر على الخلل السابق، بل يمتد ليشمل منظومة القيم والمبادئ التي تحكم ثقافة مجتمع يرفض النظر إلى المعاق كفرد متساو مع الآخرين في الحقوق والواجبات. وخلص إلى ثلاثة شروط يتوجب توافرها لضمان النجاح لأي اتفاقية، وهي : توفر سياق معياري ومنظومة تدعم حقوق الإنسان في المجتمع، توفر إرادة سياسية لضمان احترام منظومة حقوق الإنسان، وتوفر سياق مؤسسي يحفز ويدعم منظومة حقوق الإنسان.
قانون المعاق
وقدم خليل شاهين مدير وحدة الحقوق الاقتصادية والاجتماعية في المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان، رؤية من منظور حقوق الإنسان لقانون حقوق المعاق الفلسطيني ولائحته التنفيذية ، حيث قال إن السلطة الوطنية الفلسطينية أصدرت قانون المعاق الفلسطيني، الذي يمنح المعاق الحق في العيش كغيره من أفراد المجتمع ، غير أن إصدار اللوائح التنفيذية الخاصة بالقانون تأخر لنحو خمس سنوات حتى تم إقرارها في نيسان من العام 2004. واعتبر شاهين أن القانون قد شكل القانون نقلة إيجابية في موائمة القانون الفلسطيني للمعايير الدولية لحقوق الإنسان، حيث تناول مجموعة من الحقوق المدنية والسياسية، والحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وذلك وفقاً للشرعة الدولية لحقوق الإنسان ، غير أن القانون تناول هذه الحقوق في إطار عمومي، دون أن ينص صراحة على كافة تلك الحقوق. ويحتوي القانون على ما يمكن أن يفهم منه أن تمييزاً يقوم بين الأشخاص ذوي الإعاقة.
وزارة الشؤون الاجتماعية
وفي ورقة العمل الأخيرة خلال الجلسة الأولى، تحدث مدير دائرة التأهيل في وزارة الشؤون الاجتماعية وليد بهجت ، حول دور الوزارة في إعمال حقوق المعاقين ، وأشار إلى الدور الذي تلعبه الإدارة العامة لذوي الاحتياجات الخاصة في الوزارة، موضحا هيكليتها، ومعددا جملة من انجازاتها في رعاية المعاقين من حيث تحسين ظروفهم ورفع كفاءتهم المهنية والتعليمية عبر التأهيل والتدريب ، وبالتعاون مع العديد من الوزارات والمؤسسات الخاصة. وأكد أن عدد المعاقين الذين يعملون في الوزارة يتجاوز المائتين، وهم موظفون مثبتون رسميا عبر ديوان الموظفين، وهو ما يتجاوز النسبة التي يفرضها القانون على المؤسسات الحكومية، والتي تبلغ 5%. واستعرض الكثير من الأعمال التي قامت بها الوزارة، كالتصديق على اللوائح التنفيذية للقانون، وتنفيذ بند التشغيل، ومتابعته في العديد من المؤسسات الحكومية، والعمل على إنشاء عدد من مراكز تأهيل المعاقين، و استحداث قسم قروض بلا فوائد لتمويل المشاريع الصغيرة للمعاقين الفلسطينيين .
مفهوم الإعاقة
وفي الجلسة الثانية التي تناولت واقع حقوق المعاقين من منظور عملي، قيم د. بسام أبو حشيش الأستاذ بجامعة الأقصى واقع حقوق المعاقين في قطاع غزة، واستعرض تعريفات مفهوم الإعاقة ، وأكد على أن تعريف قانون حقوق المعاقين رقم 4 لعام 1999 للمعاق بأنهquot; الشخص المصاب بعجز كلي ، أو جزئي خلقي أو غير خلقي، و بشكل مستقر في أي من حواسهن أو قدراته الجسدية أو النفسية، أو العقلية إلى المدى الذي يحد من إمكانية تلبية متطلبات حياته العادية في ظروف أمثاله من غير المعاقينquot; هو الأقرب للاتفاقيات الدولية. وانتقد د. أبو حشيش المسوح التي أجريت بخصوص الكشف عن حجم الإعاقة في فلسطين، وقال أنها تفتقر للدقة والموضوعية، وذكر أن نتائج آخر مسحين اجريا في مخيمي البريج والشاطئ كانا في العام 1992 ، و اظهرا أن معدل الإعاقة 4%.
وانتقد الباحث ناهض عيد نائب مدير عام جمعية فلسطين المستقبل، في ورقته، حول دور المؤسسات الأهلية في حماية حقوق المعاقين، عدم وجود خطة وطنية تنموية مجتمعية واضحة ومتفق عليها بين الأطراف المختلفة المعنية برعاية حقوق المعاقين. وانتقد أيضا ضعف التنسيق بين المنظمات الأهلية ووزارات السلطة الفلسطينية، وأكد وجود ضعف ملموس في عمل المنظمات الأهلية. ودعا إلى العمل على إيجاد مصادر تمويل لمساعدة المعاقين، وذلك بموازاة العمل على تطوير إطار تنظيمي شفاف لتنسيق المساعدات الطارئة وضمان استمراريتها.
المعاقين بصريا
وطالب حاتم حمدان مدير مدرسة مركز النور للمعاقين بصريا ، في ورقته التي قدمها بعنوان: quot;تطوير آليات الرقابة لإعمال حقوق المعاقين، بتكليف الجهات المختصة بوضع مقترحات جزائية مع آليات لتطبيقها ضد كل مؤسسة أو شخص يخالف القانون ولوائحه التنفيذية. وقدم حمدان مقترحا تفصيليا لآليات الرقابة من كافة الجهات الرسمية والأهلية والمعاقين أنفسهم وذويهم. وشدد على أهمية تبني هذا المقترح في ظل خلو القانون من ضمانات تنفيذه. وكرر حمدان مطالبته إنشاء جهة رقابية مستقلة ومحايدة ترصد إعمال القوانين المختصة بحقوق المعاقين، في ظل الأوضاع التي يعيشها المجتمع الفلسطيني من انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان الفلسطيني ، وفوضى حزبية.
ويشار إلى انه دارت نقاشات وحوارات مستفيضة في أعقاب جلستي المؤتمر بين المشاركات والمشاركين فيه، تطرقوا خلاله للعديد من الموضوعات والقضايا المتعلقة بتطوير حالة التمتع بحقوق المعاقين.