يصيب النساء اكثر من الرجال
اختصاصي لايلاف: علاج البركينسن بالالكترود
اعتدال سلامه من برلين : أطلق على مرض الشلل الرعاشي اسم بيركنسن نسبة الى الطبيب الانكليزي جيمس بركينسن الذي استطاع عام 1817 تحديد اعراضه.وحسب احصائيات منظمة الصحة العالمية فان الشلل الرعاشي يصيب النساء كما الرجال على السواء وترتفع الى 1 في المئة مع عمر الستين و2 في المئة لما فوق السبعين .ولا يوجد وللاسف حتى الان علاج شاف له وقد يسبب في بعض الاحيان الوفاة عندما يصبح في مراحل متقدمة وتتيّبس العضلات ولا يستطيع المصاب القيام بأبسط حركة. لكن يمكن التقليل من اعراضه وتفاقمه اذا ما عولج في المراحل الاولى ومع ظهور اول العوارض.
و للبركينسن عوارض خفيفة جدا قد تظهر قبل عشرة اعوام من ظهوره بوضوح بامكان المريض ملاحظتها ، منها ان نسبة 80 في المئة منهم تصاب بالامساك الدائم ومشاكل في الدورة الدموية واوجاع في بين الكتفين او الاصابة بتصببالعرق . ولا يستطيع شم بعض الروائح والاشياء وينخفض صوته ويصبح دافئا.و رغم ان اول عوارض للمرض تظهر عادة ما بين سن الخمسين والستين لكن هناك شبان في سن الاربعين يصابون به ، واهم العوارض ضعف الحركة الاختيارية وفقدان الوظيفة الحركية وبطء كل الحركات وتيبّس بعض العضلات ورعشة خفيفة باليد والقدم.
ويظهر بطء الحركة بشكل اكثر عند البدء بها ، لكن تفسر الرشفة وللاسف احيانا بان لها علاقة بادمان على الكحول في بعض الاحيان فتختلط الامور ولا يخضع المريض في وقت مبكر للعلاج .وعندما تزداد رعشة اليد او القدم يصاب المريض بالارهاق الجسدي وصعوبة التنفس ويفضل في هذه الحالة العزلة وهذا خطأ كبير.
المسببات
رغم البحوث الكثيرة التي تجرى منذ اعوام لم يكشف الطب بعد كل الاسباب الاساسية الكامنة وراء مرض البركينسن وهو مرض عصبي بطيء التقدم . وكل ما هو معروف اليوم انه وفي منطقة داكنة اللون داخل الدماغ ويطلق عليها اسم quot; النواة السوداءquot; substanzia negra وتكون في الدماغ الاوسط تتدمر خلايا الاعصاب فيها لاسباب مجهولة. ودور هذه الخلايا انتاج مادة دوبامين Dopaminالمسؤولة عن نقل الاشارات من خلية عصبية الى اخرى لتنظيم كل حركات الانسان.
ويؤدي تدمير خلايا النواة السوداء ايضا الى تعطيل نقل النبضات ما بين نواتين في الجزء المسمى Basalganlien والنواة السوداء والنواة الجزئية.
واذا ما دمر 60 في المئة من خلايا الاعصاب هذه وتمت اعاقة وصول مادة دوبامين تبدأ العلامات الكلاسيكية لمرض البركينسن بالظهور منها الارتجاف حتى في حالة الهدوء وعدم التوازن عند المشي او الوقوف وتصلب العضلات.
و لا يعتقد العلماء وجود مسبب واحد لمرض البركينسن بل عدة مسببات تعود هي نفسها الى اسباب مشتركة . ونادرا ما يلعب عامل الوراثة او الاصابة بورم سرطاني في الدماغ او التهاب سحائي دورا حاسما بالاصابة وهو ليس بالمرض المعدي.و طالما ان اسباب المرض مازالت مجهولة فان اكتشاف علاج للشفاء تماما منه امر صعب لهذا فما على المريض الا الاعتماد على العقاقير منها L-dopa . لكن ولحسن الحظ فانه وبعكس الامراض الاخرى التي تصيب الجهاز العصبي تساعد الادوية المصاب على العيش معه سنوات طويلة بشكل عادي وهادئ لكن عليه متابعة العلاج بدقة والاتصال الدائم مع الطبيب المختص.
لكن في بعض الحالات يأتي يوم لا يعود فيه الدواء بالنفع على المريض فتزداد حالته سوءا وتتعسر الحركة الاختيارية لديه وتتخبط الوظيفة الحركية الى درجة يصبح فيها عاجزا حتى عن قضاء حاجياته الشخصية فتتحول حياته الى عذاب. هنا يصبح بامكان الجراحة التدخل بزرع جهاز حافز في الرأس بالقرب من quot; منطقة النواة السوداءquot; لا يشفي من المرض بل يخفف حوالى 60 في المئة من عوارض البركينسن، يلجأ اليه الاطباء منذ فترة.ويتألف هذا الجهاز من الكترود مؤلف من اربعة اسلاك كهربائية مرتبط ببطارية تزرع في ترقوة او في الجزء الاسفل من البطن عن طريق توصيلة .
والتقت ايلاف بالدكتور ينس فولكمان مدير مستشفى امراض الاعصاب التابع لجامعة كيل حيث تحدث عن هذه العملية التي وصفها بانها غير صعبة لكنها طويلة جدا ودقيقة جدا.
-هل هناك تحضيرات معينة يخضع لها المريض قبل اجراء العملية؟
يجب اخضاع كل مريض بركينسن للفحص بدقة، والسبب في ذلك اننا لا نستطيع اجراء هذه العملية لكل مريض لذا نجري له قبل اسبوع من العملية فحوصات مختلفة من اجل التأكد انه يصلح للعملية واهم فحص هو تفاعله مع الدواء فنجري له فحصا على عقار L-dopa باعطائه عيارا اكثر من العيار المعتاد الذي يتناوله فاذا ما تفاعل معه وشعر في الوقت نفسه بعوارض جانبية يكون المرشح للعملية ،أي انه مازال يتجاوب ايجابا مع هذا الدواء ويسبب له عوارض جانبية مثل الارتعاش.
هذا يعني ان الجهاز يزرع لمن استفحل فيه المرض؟
نعم ايضا مرضى اصيبوا منذ اكثر من 15 سنة لكن ما زال العقار يؤثر فيهم ، فالعقارات ليس لها تأثير كبير على البعض اذا كان مرض البركنسون في مراحل متقدمة لديهم.
لما يجب ان تكون لديهم عوارض جانبية من عقار L-dopa؟
هذا يعني ان للعقار مفعولا جيدا ويعطي اشارات طوال 24 ساعة ونافع والمشكلة تبدأ عندما لا يصبح للعقار تأثير أو ان تأثيره لمدة ساعة او ساعتين يتحرك خلالها المريض ثم تسوء حركته من جديد او يفقد الوظيفة الحركية.
اذن يعطى عقار L-dopa من اجل افتعال حالة تنشيط؟
هذا صحيح. لكن ايضا التأكد من ان العقار مازال له تأثير، لان حالته بعد زرع الجهاز ستكون كما هي مع تناول الادوية وما نقوم به هو ان يعيش من دونها.
وهذه التحضيرات هي الجزء الاول من العملية وتسمى التحضيرات العصبية تسبقها صورة اشعة للرأس يكون المريض تحت تأثير البنج ليكون في حالة هدوء تامة ويصبح لدى الجراح صورة كاملة عن دماغه، ليتبع بعد اسبوع عملية الزرع.
ويعطي المريض فقط تخديرا موضعيا في جلد الرأس فهذا كاف كي لا يشعر بالم الحفر في عظام الجمجمة من اجل الوصول الى المكان المطلوب الغوص فيه.
لكن هناك سبب اخر وهو ابقاء المريض بكامل وعيه كي نعرف بسرعة تأثير كل خطوة نقوم بها، كما اننا لا نعطيه يوم العملية جرعته اليومية من عقار L-dopa كي نتمكن من رؤية اكبر كمية من عوارض البركينسن عليه وعلى خلايا الاعصاب، وقد يكون ذلك غير مريح له خاصة وانه سيظل من دون حركة ساعات طويلة لكن في مثل هذه الحالة نتمكن خلال العملية من العثور في منطقة النواة السوداء على النقاط المسببة لعوارض الارتعاش وتكون واضحة كي نكبح جماحها ،وتساعدنا هنا صور الاشعة التي يحللها كمبيوتر ويعطينا بيانات دقيقة جدا عن وضع الدماغ وكأن ما قمنا به هو عملية مسح.
ويفحص الجراح بالمليمتر اماكن مختلفة تكون قريبة من بعضها في منطقة النواة السوداء من اجل تحديد أي من خلايا العصب يجب ايقاف نشاطها كي تُخفف عوارض البركينسن. وتجرى العملية بدقة وحذر وبطء شديد كي لا يصيب الجراح عصب اخر مثل عصب النظر وهذا يحدث نادرا.
اضافة الى ذلك نريد المريض بكامل وعيه لاننا نجري له بشكل دائم فحصا للاعصاب ونطلب منه تحريك اطرافه كي نتأكد من اصابتنا الهدف المطلوب وهو تعطيل نشاط الاعصاب المسببة لعوارض البركنسن.
وبعد الحفر يمهد سلك رفيع جدا طريقا للاكترود الذي يدفعه الجراح حتى يصل الى مكان في منطقة النواة السوداء بالقرب من خلايا اعصاب ظهرت عليها تغييرات فيثبت فيه. وتجرى اول تجربة لمعرفة مدى نجاح الزراعة ومدى تجاوب الدماغ مع الشحنات الكهربائية المنبعثة من البطارية فيظهره في وقتها على المريض قلة الارتعاش.
كم هي مدة العملية؟
تدوم عملية زرع الالكترود من 8 الى 12 ساعة لذا نقول بانها عملية زرع تجرى عبر ثقب صغير جدا لذا فهي طويلة جدا.والجزء الثاني قرابة نصف ساعة وهو زرع البطارية وهي رقيقة في مكان من الترقوة توصل بالالكترود في الدماغ عن طريق توصيلة تمر تحت جلد الرأس فالرقبة الى الصدر.ومنذ لحظة الزرع يبدأ عمل الجهاز بارساله موجات كهربائية عالية التوتر بشكل دائم من البطارية الى اللالكترود الذي يعمل بدوره على تعطيل نشاط خلايا العصب المحيط به والمسببة لعوراض البركينسن التي تخف نسبتها بشكل كبير تصل الى 75 في المئة احيانا.
هل بامكان المريض التحكم بالجهاز؟
هذا ممكن لكنه غير مطلوب لان الطبيب يبرمج قبل العملية قوة التيار حسب وضع المريض الذي يظل تحت المراقبة بعد العملية قرابة ثلاثة اشهر قد يدخل الطبيب خلالها بعض التعديل.
منذ متى بدأ زرع هذا الجهاز في المانيا؟
رغم انه اختراع اميركي الا ان الولايات المتحدة لم تعتمد الا عام 2002 بينما يزرع في اوروبا قبل ذلك ، وهناك 6000 مريض بركينسن في أوروبا يحمل الجهاز وفي الولايات المتحدة 10000.وأود ان اذكر هنا ان الجهاز لا يشفي المريض تماما بل يخفف جدا من عوارض المرض مما يفسح له تناول كميات قليلة جدا من العقاقير والعيش بهدوء.
ماذا عن الطريقة القديمة التي مازال بعض الاطباء يسلكها من اجل الحد من عوارض البركينسن؟
باعتراف العديد من الجراحين الالمان فان للجهاز الحديث ايجابيات كثيرة، فهو يسيطر على نشاط خلايا العصب عن قرب ويمكن التحكم بالتيارات الكهربائية المنبعثة من البطارية بتخفيفها او تقويتها حسب وضع المريض وبهذا لا يلحق بالدماغ ضرر.لذا فهو افضل من الطريقة القديمة التي يدخل فيها الجراح مسبارا من اجل كيّ بضعة ملمترات مكعبة حول خلايا العصب المسببة للارتعاش وتعطيل عملها مما يسبب حرق منطقة انسجة دقيقة لا يمكن اصلاحها بعد ذلك. واذا كانت المنطقة المتضررة كبيرة فهذا يعني التسبب باعراض جانبية خطرة لا يمكن معالجتها. لكن بسبب تكاليف العملية الباهظة تستمر بعض الدول خاصة الفقيرة باعتمادها وفي المانيا يرفضها العديد للسبب نفسهفالتكاليف تتعدى ال20الف يورو.لذا قد يغيرون رأيهم اذا ما دققوا بالمبالغ التي سيدفعونها للطبابة خلال السنوات الثلاثة القادمة وتكون عادة مرتفعة الثمن.




التعليقات