ايلاف تتحدث الى مختص في تاريخ الطب:
الشبكة العنكبوتية حليفة أنفلونزا المكسيك

طلال سلامة من روما: تلعب وسائل الإعلام، التلفزيونية والانترنتية، عدا عن الرسائل النصية وغيرها من طرق الاتصال الحديثة دوراً طليعياً في نشر الهوس والذعر الناجمين عن احتمال تحول فيروس أنفلونزا المكسيك، الذي لم يتضح بعد مصدره إنما بات مؤكداً أن انتقاله من شخص الى آخر يتم بسهولة وسرعة، الى وباء عالمي في مطلع الخريف المقبل. وهذا يؤثر بصورة ثقيلة على نمط حياتنا، لو موقتاً، لا سيما من حيث تفادي القيام برحلات سياحية الى دول مشبوه باحتوائها على بؤر فيروسية، والتواجد في الأماكن العامة وشراء منتجات معينة مشتقة من لحم الخنزير. في هذا الصدد، يفيدنا البروفيسور quot;جورجو كوزماتشينيquot;، المختص في تاريخ الطب، أن الشبكة العنكبوتية حلت بالكامل محل الرسائل الورقية، التي كان ترسل من بلد الى آخر في الماضي للتحذير حول مرض أم وباء معين، كمحرك أساسي لنشر الذعر quot;الموجهquot; في صفوف سكان العالم. في ما يلي نص الحوار الذي أجرته ايلاف معه

* ماذا اختلف بين القرن 18 والقرن الحالي لناحية محركات التحذير حول الأمراض والأوبئة؟
- ثمة العديد من الأشياء التي تغيرت جذرياً. يبقى الخوف عاملاً ثابتاً يؤازر بصورة غير إرادية(إنما واسعة النطاق) الهلع من تفشي أي فيروس مجهول الهوية أم المصدر. في الحقيقة، يتعايش الإنسان مع العديد من الفيروسات الخطرة، منذ زمن طويل، التي حملت مثلاً معها مرض الطاعون، في عام 1347، والحمى الإسبانية في عام 1918. في الحقيقة، قيل دوماً إن هذه الفيروسات لا تستهدف الجسد فحسب إنما هي تلعب وفق مزاجها الخاص بمحور الذكاء والعاطفة البشرية. ان الخوف من أي وباء أم مرض خطر هو مفعول غير جانبي إنما مباشر!

* لكن الرعب من الفيروس ينتشر بصورة سريعة جداً بمساعدة الرسائل النصية والشبكة العنكبوتية ووسائل الإعلام التلفزيونية. ما هو تعليقكم؟
- هذا أمر لا يمكننا أن نتفاداه. ان ما حصل في المكسيك نجحنا في معرفته بعد ثانية واحدة على حصوله. وكأن الفيروس ظهر في الشارع أين يقع منزلنا. ان الرعب اليوم يجد له أرضاً خصبة!

* في السنوات الأخيرة، تم تسجيل العديد من الأمراض التي كانت مرشحة لإبادة البشرية بأكملها. لكن ذلك لم يحصل أبداً. ما هو رأيكم؟
- نعم. هذا صحيح. وهذا ما يجعلنا نأمل أن تتلاشى موجة الذعر العالمية بأقرب وقت ممكن. في بادئ الأمر، بدا مرض جنون البقر وأنفلونزا الطيور quot;سارسquot; وكأنهما quot;غضب الهيquot; لما زرعه الإنسان من شر على الأرض. في النهاية، تمكنّا من التأقلم مع هذه الظواهر. بعد مرور الأيام الأولى على تفشي هذا الرعب الفيروسي النفسي هانحن اليوم قادرون على استعادة نمط حياتنا بصورة تدريجية وشبه طبيعية.

* هل ثمة مبالغة في عرض خطر فيروس أنفلونزا المكسيك؟
- كلا. ان الرئيس الأميركي أوباما يعرب بصراحة عن قلقه حيال هذه الأنفلونزا من دون أن يطلق أي جرس إنذار. كما هو صحيح أيضاً أننا قد نواجه quot;نقلة نوعيةquot; في عالم الفيروسات. إذ ان الفيروس الجديد، على ما يبدو، ينتقل من الخنزير الى الإنسان وهذا ما يقلق كثيراً السلطات الصحية العالمية.

* هل ينبغي إذن إلغاء أي سفرة الى المكسيك أم أي رحلة سياحية خوفاً من التقاط الفيروس على متن الطائرة؟
- بالنسبة الى المكسيك، أنا حذر قليلاً. بيد أن إلغاء أي رحلة سفر الى الخارج، خوفاً من التقاط الفيروس على متن الطائرات، لا أساس له من الصحة. مقارنة بعصر الطاعون والحمى الإسبانية، فإننا بحوزة اليوم على آليات علاجية فعالة كثيراً. ويعود الفضل في ابتكار جزء منها الى العلماء والباحثين الإيطاليين.