يبرز داء quot;باجاتquot; في الجزائر بزحفه المقلق وآثاره السلبية على الوضع الصحي للسكان المحليين، ويقول متخصصون تحدثوا لـquot;إيلافquot; إنّ هذا الداء المتسبب في اعوجاج العظام، يصيب الرجال أكثر من النساء، كما لا يستثني فئة الأطفال.
_______________________________________________________________________

تصف مراجع طبية جزائرية مرض quot;باجاتquot; بـquot;الغير خطيرquot; رغم ما ينجرّ عنه من اختلالات للعظام وارتفاع متزايد لشكلها الطبيعي، ما يؤدي إلى زيادة فوضوية لهندستها ويتسبب في رداءتها وهشاشتها أيضا. وتفيد بيانات الجمعية الجزائرية لأمراض العظام والرثية، أنّ داء باجات يبقى الأكثر انتشار محليا بعد مرض هشاشة العظام، بهذا الشأن، تشرح quot;عائشة رزيق لعجوزquot; رئيسة الجمعية المذكورة أنّ المرض اتسع مداه بين مواطنيها بفعل تضاعف الاصابة بالسمنة، وما يترتب عن الزيادة في الوزن من اختلالات في الخلايا المكونة للغضروف، على نحو يفرز آلاما حادة على مستوى الركبتين والخصر وحتى أصابع اليد.

ويشير quot;رشيد إيوالالانquot; إلى إنتاج الخلايا الدهنية لمادة تتسبب في الالتهابات وآلام المفاصل وتؤدي رأسا إلى اعوجاج الأصابع أو الركبتين، ويقحم إيوالالان العوامل الوراثية في الإصابات، فضلا عن عدم ممارسة الرياضة، وهي خلفية جعلت فريق من المرضى يصابون بعلل نادرة على مستوى منطقة الغضروف.

لذا تدعو quot;شافية دحو مخلوفيquot; المختصة في أمراض العظام، إلى الوقاية والممارسة المنتظمة لحمية غذائية مشفوعة بنشاط بدني حتى يجري استبعاد هاجس باجات، وتلفت د/مخلوفي إلى أنّ تخفيض المرضى لأوزانهم يسهم كذلك في التخفيف من آلامهم، وذاك يقتضي المشي يوميا بمعدل نصف ساعة على الأقل، بالإضافة إلى الخضوع لنمط غذائي خال من الدهنيات والسكريات.

والمثير للاهتمام بحسب محمد دوليبا إنّ داء باجات لا يظهر لدى الشخص المصاب إلا عند بلوغه سن الأربعين، وقد يحمله المريض منذ صغره، مثل حالات جرى تشخيصها حديثا وتبيّن أنّ أصحابها كانوا عُرضة لأمراض معدية مثل فيروس quot;البوحمرونquot;، هذا الأخير وجد ظروفا جينية مناسبة ساعدت على اعوجاج العظام لدى المعنيين.

وعليه، يركّز أحمد براهيمي على كون العلاج الفعّال لداء باجات يمرّ عبر التشخيص المبكر عن طريق الأشعة والمصورة ذات البعد المغناطيسي، لما يساعد على إظهار بعض الأمراض المشكوك فيها التي تؤدي إلى الإصابة بمرض اعوجاج العظام. من جهتها، تربط عائشة رزيق لعجوز الشفاء من داء باجات باحترام القواعد الغذائية السليمة ومقاييس كتلة الجسم التي يجب أن تكون أقل من 27، تبعا لأنّ تجاوز هذا الحد يجعل الخطر يزداد بنسبة 20 بالمائة، بينما في وضع معاكس، فإنّ تمكنّ الأشخاص المصابين من المحافظة على أوزانهم وفق ما يوصي به الأطباء، يجنبّهم الجراحة وتركيب الأعضاء الاصطناعية وينأى بهم عن شبح الاعاقة.

بدوره، يحيل د. توفيق سليماني على أنّ الأطفال والشباب الحديثي السن ليسوا في مأمن عن داء باجات، ويحذر سليماني من خطورة حمل أطفال المدارس لمحافظ تثقل كواهلهم وما يترتب عن ذلك من آثار عدة. ويسجّل سليماني المختص في إعادة التكييف الحركي، أنّ وزن المحفظة يجب أن لا يتعدى 15 بالمائة من وزن الطفل، مستهجنا ما يحدث في الجزائر من إرغام أطفال لا يتعدّ سنهم العشر سنوات على تحمل وطأة محافظ تزن 12 كيلوغراما وذلك على مدار 350 ساعة في كل موسم دراسي، وهو معطى حساس للغاية وله تبعات غير مأمونة على الأطفال خصوصا أولئك الضعفاء البنية أو من يعانون من أمراض، وهي حالات باتت المشافي تستقبلها بشكل مرتفع خلال السنوات الأخيرة.

وينصح متخصصون بتناول دواء البراسيتمول المخفف للألم، إذا كان الأمر يتعلق بأوجاع خفيفة، بيد أنّهم يوصون باستعمال المراهم إذا ازدادت حدة الألم، وإذا استعصى الوضع في كلتي الحالتين، يتعيّن استعمال المضادات الحيوية الخاصة بالالتهابات، هذه الأخيرة ينبغي تناولها من لدن المرضى لفترات محددة حتى يتفادون تداعيات غير محمودة كالإصابة بارتفاع ضغط الدم وكذا أمراض القلب.

إلى ذلك، يقدّر محمد دوليبا الجرّاح المتخصص في مشفى quot;آيت إيديرquot;، أنّه لا يجدر مقاربة داء باجات بمعزل عن أمراض الظهر التي شهدت صعودا ملحوظا في أعداد المصابين بالجزائر خلال العشرية الأخيرة، وهو معطى ناجم عن سقوط الكثيرين في فخ السمنة المفرطة وعدم ممارستهم لأي نشاط رياضي.

وتحصي الدوائر الصحية في الجزائر، آلاف المصابين بأمراض الظهر، وكثير من حالات هؤلاء خطرة سيما البُدناء، إذ يعانون على مستوى منطقة الظهر، بحكم عدم استطاعة القسم السفلي للشخص البدين على تحمل ثقل الجزء العلوي، ما يسبب آلاما رهيبة، تضطر الكثير من هؤلاء للجوء إلى الجراحة أو الخضوع لبرامج حمية صارمة.

وتعزو زهراء كمالي أمراض الظهر المتعددة: القطان والانزلاق الغضروفي والاعتلال المفصلي والاعوجاج، إلى مجموعة من العادات السيئة كالإفراط في رفع الأغراض الثقيلة دون مراعاة المعايير المتعارف عليها، بجانب الأنظمة الغذائية الغير مدروسة وما تفرزه من بدانة، وتوقن أنّ ذلك وراء انتشار أمراض الظهر في الجزائر.

وإذ تفيد معاينات بأنّ علل الظهر لم تعد مقصورة على المتقدمين في السن من الجنسين، بل أضحت تلاحق الشباب والأطفال، ترى د/ كمالي الأخصائية في أمراض الغدد، أنّ أوجاع الظهر راجعة إلى قلة الحركة والاقبال على استهلاك أطعمة غنية بالدهون والسكريات والملح والفقيرة من الألياف.
وكسبيل لمواجهة أمراض الظهر، يؤكد توفيق حنطابلي على ضرورة المحافظة على نمط معيشي سليم في الحياة اليومية للوقاية من أمراض الظهر، والتفكير في طرق كفيلة بخفض مخاطر حمل المحافظ الثقيلة لحماية صحة الأطفال المتمدرسين، والعمل على إعادة التكييف الحركي للمرضى بشكل دائم.
ويركّز حنطابلي الأخصائي في الطب الفيزيائي، على حتمية إتباع طرق وتصرفات جديدة في الحياة اليومية من شأنها خفض الإصابات والحدّ من تفاقمها، مبرزا أثر توخي النظافة في تحجيم الإصابات بأمراض الظهر.

ويسجل حنطابلي أنّ الحيلولة دون الإصابة بأمراض الظهر، تمرّ بحفاظ شريحة النساء على وضعيات مناسبة أثناء قيامهنّ بمختلف الأنشطة المنزلية، وكذا ممارسة وظيفة النوم بشكل سليم على أسرة صحية، بما يسهم دون تسجيل إصابات إضافية بمرض القطان المزمن أو الانزلاق الغضروفي. ويلحّ أخصائيون على أنّ استقبال المؤسسات الصحية في الجزائر لأعداد ضخمة من مواطنيها المصابين بأمراض الظهر، يدفع إلى تصحيح الأمور بشكل استعجالي من خلال تكثيف حملات التوعية والوقاية في المدن كما الأرياف، حتى يتم خفض المخاطر وتجنب تفاقم الاصابات مستقبلا.