يقول تقرير جديد يجري إعداده في غمرة سجال محتدم حول تعريف الكآبة ان التغيير المقترح لتشخيصها يُدرج الحزن بوصفه مرضا وبذلك زيادة عدد الأشخاص الذين يتلقون العلاج على هذا الأساس زيادة ضخمة.


تعكف جمعية التحليل النفسي الأميركية على مراجعة معايير الكآبة قبل إصدار الطبعة الخامسة من الدليل التشخيصي والاحصائي للأمراض العقلية ، الذي صدرت طبعته الرابعة في عام 1994. ويعتبر الدليل المرجع المتعارف عليه في هذا المجال.

ويجادل التقرير الجديد بأن التعريف الحالي للكآبة الذي يستبعد الحزن على فقدان عزيز يتسم بقدر أكبر من الدقة. ويقول المحللون النفسيون الذين يعدون التقرير من جامعتي كولومبيا ونيويورك ان شمول الحزن بأمراض الكآبة ينطوي على امكانية التشخيص الايجابي الكاذب وعلاج المنكوبين بفقدان عزيز بلا داع. وهم يحذرون من ان لأدوية الكآبة آثارا جانبية بينها هبوط القدرة الجنسية ومشاكل في النوم.

ولكن خبراء يؤيدون التعريف الجديد يقولون ان المنكوب بفقدان عزيز يحتاج أحيانا الى مساعدة. ونقلت صحيفة نيويورك تايمز عن المحلل النفسي سدني زيسوك من جامعة كاليفورنيا في سان دييغو ان الإصابة بالكآبة يمكن ان تحدث وتحدث بالفعل بعد أن يُفجَع المرء بفقدان عزيز ، وقد تكون حادة وموهنة ، وإن تسمية هذه الحزن بأي اسم آخر غير الكآبة سيضر بأشخاص قد يحتاجون الى قدر أكبر من العناية.

من جهة أخرى قال الدكتور الن فرانسيس رئيس الفريق الذي راجع الطبعة السابقة من الدليل ان أشد ما يقلقه هو شمول حالة طبيعية مثل الحزن بالعلاج الطبي والصاق يافطة التحليل النفسي بملايين الأشخاص دون سبب وجيه.

ويتطلب تشخيص الكآبة بموجب المعايير المعتمدة حاليا ان تكون لدى الشخص خمسة من مجموع تسعة أعراض بينها مشاكل في النوم والشعور بعدم القيمة وضعف التركيز ، لمدة اسبوعين متواصلين أو أكثر. وتستثني المعايير بصورة لا لبس فيها الحزن الاعتيادي الذي يمكن ان يبدو وكأنه كآبة.

ولكن التشخيص المقترح للكآبة لا يتضمن مثل هذا الاستبعاد ، وقال الدكتور جيروم ويكفيلد من جامعة نيويورك ان 8 الى 10 ملايين شخص يفقدون عزيزا كل عام في الولايات المتحدة ، وان ثلثهم الى نصفهم يعانون من اعراض الكآبة لمدة تصل الى شهر بعد المصاب. وهذا يكفي لتوصيف سلوكهم الذي كان يُعتبر طبيعيا في السابق توصيفا مرضيا.

ولكن الدكتور ديفيد كوبفر استاذ التحليل النفسي في كلية الطب بجامعة بتسبرغ ورئيس اللجنة التي تراجع دليل الأمراض العقلية ابدى اعتراضه قائلا ، إذا كان شخص يعاني من اعراض الكآبة الشديدة بعد شهر أو شهرين على فجيعة الفقدان أو الموت ولا يستطيع الطبيب ان يتوصل الى تشخيص اصابة بالكآبة فان هذه الشخص لا يكون مشمولا بالعلاج من مرض الكآبة.

ولكن أعضاء آخرين في اللجنة يرون انه إذا كان الشخص مغتما وبحاجة الى مساعدة فيتعين تقديم العلاج اليه وشموله بالتأمين الصحي.

ومن المتوقع ارسال نص الطبعة الجديدة من دليل الأمراض العقلية الى المطبعة بعد الانتهاء من مراجعة الطبعة الأخيرة بحلول كانون الأول/ديسمبر المقبل.

في غضون ذلك بدأت دائرة فيدرالية أخرى هي المعهد الوطني للصحة العقلية مجهودا مستقلا لتصنيف الأمراض العقلية على أساس المعايير المعتمدة حاليا.