حوار مع المخرجة ليلى المراكشي


أجرى الحوار أحمد نجيم: خلال مهرجان "كان" الأخير، شاركت المخرجة المغربية ليلى المراكشي بأول فيلم طويل لها "ماروك" في المسابقة الرسمية "نظرة ما" في مهرجان كان السينمائي. تباينت الآراء حول هذا المولود السينمائي، بين منتقد لها ومنوه بمجهودها. "ماروك" بورتريه للشباب البورجوازي المغربي، تصوير لمعاناتهم ومشاكلهم وشكهم وطموحاتهم. بالنسبة للمخرجة فالفيلم "تصوير للحب وللمشاعر الإنسانية وليس إدانة للطبقة البورجوازية أو تصفية حسابات معها". وتقدم المراكشي تصورها لهذا العمل وتكشف عن أسباب اختيارها لممثلين لم يسبق لهم أن وقفوا أمام الكاميرا. كما تتحدث عن علاقتها بهذا العمل وأشياء أخرى.

* هل "ماروك" فيلما سير ذاتيا؟
- فيلم "ماروك" ليس فيلما سير ذاتية، بل فيلم سيري. فهو لا يتناول حكايتي الشخصية، بل حكاية لمجموعة من الشباب عايشتهم والتقيت بهم ودرست معهم.

* ما يدعم هذا القول هو اختياركم سنة 1997 تاريخا لأحداث الفيلم،؟
- إن الوسط الذي صورته في فيلمي أنتمي إليه، لكن الفيلم متخيل وشخصياته كذلك، فشفرة الفيلم والشخصيات مستمدة من ذلك الواقع الذي عشته ومن المعاينات التي سجلتها.

* لكن لم التركيز على التاريخ، نهاية فترة حكم الحسن الثاني ؟
- لا أستطيع أن أخرج فيلما عن شباب 2004، لأنه مختلف عن فيلم عن شباب 1997، مرحلة مراهقتي، لذا اخترت تاريخا قريبا مني كي أسرد فيه حكاية هؤلاء الشباب.

* هذا الشباب ينتمي إلى نهاية عهد الحسن الثاني، لم هذا الاختيار؟
- إن الأفلام عن الشباب ومرحلة المراهقة قليلة، لقد تأثرت بفيلم "أميركا غرافيتي"، أحببته وأحبت طريقة إخراجه، وعندما فكرت في إخراج فيلم طويل كنت أعرف أنه سيكون عن مرحلة المراهقة، فتلك المرحلة تظل حبيسة دفتر الذكريات، أردت أن يكون الفيلم للأصدقاء عن تلك الذكريات.

* فـ"ماروك" فيلما للأصدقاء؟
- إنه ليس فيلما للأصدقاء فقط، بل لكل الشباب الذي يجد فيه نفسه، مغربيا كان أو غير مغربيا. فيلم يصور هذه المرحلة بشكها ولذتها.

*لماذا انتقاد بوجوازيي الحسن الثاني بشدة؟
- ما قدمته يصور حقبة نهاية عهد الحسن الثاني، وأعتقد أن الأمر تغير كثيرا، وأنا لم أرغب في انتقاد أحد، كان همي أن أتحدث عن الشباب في مرحلة المراهقة كما عشتها، لذا اشتغلت مع فئة عمرية من 15 إلى 25 سنة، التقيت بهم وبدأت أتعرف عليهم كانوا يشبهوننا عندما كنا في 18 سنة.
إنني لا أصفي حساباتي مع البورجوازية المغربية، ولا أنتقدها، فهو فيلم عن الحنان والمشاعر الإنسانية الرقيقة ولا علاقة له بالنقد أو تصفية الحسابات. أردت أن أقدم مجتمعا متكاملا يتحرك فيه هؤلاء الشباب.

* أثرت في الملف الصحافي الموزع في "كان" موضوع الأصولية، رغم أن الفيلم لا يثير هذا الموضوع، إلا من خلال إحدى الشخصيات التي التجأت إلى الدين؟
- تلك الشخصية لجأت إلى الدين للهروب من ماض قاتم، قاوم مطاردة الأفعال التي قام بها بالدين، أراد أن يجد نفسه. أما عن الموضوع الذي أثير في الملف الصحافي، فكان حول وصف أبناء مدارس البعثات الفرنسية بغير المغاربة، لذا قلت أننا لسنا أجانب بل نمثل المغرب المتعدد.

* أثير موضوع جنسية الفيلم بعد اختياره في مسابقة "نظرة ما" في مهرجان "كان" الأخير، فكيف قدم باسم المغرب؟
- إن الفيلم تمويل فرنسي، ومخرجته مغربية، موضوع قصته وشخصياته مغاربة، لذا طرح مشكلة جنسيته المزدوجة. وفي الأخير صنفوه في خانة الأفلام المغربية، لقد أصررت كثيرا على أن يدخل المسابقة باسم المغرب.

* وماذا عن تجربتك في هذا المهرجان، وهل كانت رغبتك هي المشاركة في هذا المهرجان السينمائي؟
- اشتغلت لأزيد من سنتين كي يكون الفيلم جاهزا للعرض، كان للفيلم موزعا قبل عرضه في مهرجان "كان" الأخير، وهو موزع فيلم "سان سيتي" الأميركي بفرنسا. كانت الأمور تسير على ما يرام، مشاركته في المهرجان تتويج لمسار طويل من العمل الجاد شارك فيه الجميع.
شعر كل العاملين في المهرجان بالثقة أثناء مشاركتهم في المهرجان. لقد صورته الصيف المنصرم وأنهيت التصوير شهر فبراير.
أنا لا أصور أفلاما للمشاركة في مهرجانات عالمية، إنني أخرج أفلاما لأنني أحب هذه المهنة، وتزامن انتهاء المونتاج مع المهرجان، لذا قدمته إلى هذا الحدث السينمائي العالمي.

* في أفلامك القصيرة تختارين ممثلين لم يسبق لهم أن مثلوا، وفي أول فيلم طويل لك استمررت في هذا الاتجاه، فكيف تديرين أناسا لم يسبق لهم أن دخلوا عالم التمثيل؟
- إدارة هؤلاء صعب جدا، لقد وجدت هذه الصعوبة في فيلم "ماروك". بحثت عن شخصيات أصيلة، لذا فكل شاب حمل معه هذه "الأصالة" أثناء التصوير وإلى الشخصية التي جسدها. فمرجانة شخصية في الحياة، حملت معها ذلك خلال تجسيدها شخصية "غيثة".
لقد اشتغلت مع هذه الشخصيات ثلاث مرات في الأسبوع لأربعة أشهر. نجاح الفيلم كان رهينا بنجاح الكاستينغ. في كل مشهد ركزت كثيرا على "الوضعية"، واستفدت من ارتجالهم وأغنيت السيناريو وبعض كلمات الحوار، عندما بدأنا التدريب اكتشفت عبارات جديدة وطريقة للحديث، وحاولت أن أقحمها.

* من الملاحظات المسجلة على الفيلم نهايته، يبدو أن ليلى المراكشي اختارت الحل الأسهل فقتلت شخصية اليهودي؟
- ليس هذا حلا سهلا للتخلص من الفيلم. حوادث السير تحصد عشرات من المراهقين سنويا، خاصة فصل الصيف، هذه ظاهرة نعرفها، فكل عائلة مغربية لها ابن أو قريب أو جار قتل في حادثة سير، أنا لم أقتله في السيناريو لأنه يهودي، ثم إنني لم أبحث عن دراما العشق في الفيلم. فالشباب عاشوا قصصهم، وتلك الدراما وسيلة لبلوغ مرحلة النضج. ف"غيثة" التي فقدت حبيبها بلغت مرحلة النضج وقررت متابعة دراستها في الخارج وكذلك مسار الشخصيات الأخرى.

* النهاية المفتوحة تجعل احتمال جزء ثان من الفيلم ممكنة؟
- كل الممثلين المشاركين في الفيلم طلبوا مني ذلك، لكن تصوير جزء ثان يحتاج إلى طاقة كبيرة لإدارتهم والتعامل معهم. إنني لا أبحث عن النهايات، فالفيلم كرونولوجيا لشخصيات تتطور. كما أنني لا أريد أن أظل مرتبطة بهذا الفيلم.