حوار مع الإعلامي محمد الحمادي (2/2)
حاورته أميرة القحطاني:محمد الحمادي كاتب وصحفي في جريدة الاتحاد الإماراتية... وصاحب قلم واضح الرأي ومختلف. وهوعضو مؤسس في جمعية الصحفيين بالإمارات وعضو اتحاد الصحفيين العرب كما انه مقرر لجنة الحريات في جمعية الصحفيين في الإمارات وهو عضو ومؤسس في منظمة القيادات العربية الشابة وعضو مؤسس في جمعية الإمارات لحقوق الإنسان في الإمارات... حاصل على جائزة الصحفي المتميز من نادي دبي للصحافة عام 2001 وجائزة تريم عمران الصحفية لفئة أفضل مقال صحفي للعام 2003 وجائزة الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم للتفوق العلمي عام 1995... هنا الجزء الثاني والأخير من الحوار:
* هل تعتقد أن كل الجماعات الإسلامية إرهابية وكل من فيها إرهابيين؟
بالطبع لا يمكن أن نعمم فهناك جماعات إسلامية تنبذ الإرهاب وهناك أشخاص quot;مخلصونquot; يريدون خدمة الدين ولكنهم يسيرون الطريق الخطأ.. وآخرون متورطون دون أن يعرفوا ولكن كثير منهم quot;مشروع إرهابيquot; جديد... كما أن هناك قاسم مشترك وهو مقلق بين الجماعات الإسلامية والإرهابيين هو ازدواجية الولاء... ففي أفضل الأحوال يجمع هؤلاء بين الولاء لأفكارهم وجماعاتهم وبين ولائهم لأوطانهم.. وفي اغلب الأحوال فإنهم يوالون أفكارهم وجماعاتهم ولا يكون للوطن مكان في حياتهم بل في مرحلة متقدمة من التطرف والإرهاب فإنهم يعتبرون الأوطان عدوا لهم فنراهم يخربون ويدمرون أوطانهم ويقتلون أبناء شعبهم... وبعضهم quot;كالعصافير الحقيرةquot; التي لا تتردد في رمي قذارتها في الأعشاش التي تعيش فيها!! ومسالة الوضوح في الولاء أمر في غاية الأهمية والولاء لله أولا وبعد ذلك يكون للوطن ولولي الأمر ولا يشترك في الولاء للوطن احد أو أي شيء... كما أن الولاء لله لا يحمل غير تفسير الولاء والإيمان بالله فقط الذي هو quot;جل وعلىquot; في سابع سماء فلا احد يمثله على هذه الأرض لا فكرة ولا جماعة ولا شخص.
* تعتقد بأن أميركا فشلت في القضاء على الإرهاب وتقول أن على الدول العربية محاربة الإرهاب بطريقتها لا بطريقة أميركا.. ربما تكون أميركا قد فشلت فعلا في حربها ضد الإرهاب ولكن ألا تعتقد بأنها على الأقل حجّمت أو قلصت من قوة هذه الجماعات؟ ثم ما هي الطريقة المثلى في نظرك والتي قد تؤدي إلى القضاء على الإرهاب؟
- الحقيقة أن أميركا لم تحجم الإرهاب فكل ما فعلته أنها نكشت عش الدبابير النائمة فأيقظتها وتركتها تنتشر في العالم.. وهي اليوم عاجزة عن السيطرة عليها أو حتى مواجهتها.. يجب أن نعترف بأن منبع الإرهاب الذي نعيشه اليوم هو عندنا في وطننا لعربي وعالمنا الإسلامي وان كان جزء من سببه هو الغرب والمصائب التي تواجهها الأمة العربية والإسلامية..
والحقيقة أن الحكومات والدول العربية لم تفعل أي شيء لمواجهة الإرهابيين إلا استخدام القوة معهم في حين أن المطلوب بذل جهد اكبر في معرفة نفسية هؤلاء الإرهابيين ومنطلقاتهم وتفاصيل حياتهم اليومية فمن المستحيل أن يفهم الاميركيون أسامة بن لادن أكثر من السعوديين.. ولا أن يفهموا الزرقاوي أكثر من الأردنيين.. أو يفهموا الظواهري أكثر من المصريين.. وصحيح أن هذه حالات شاذة ولكنها خرجت من مجتمعاتنا ونكون نرتكب خطا كبيرا إذا تصورنا أن الغرب قادر على التعامل بشكل مفيد مع الإرهابيين فالسنوات الأربع التي مرت بعد أحداث 11 سبتمبر كشفت فشل العالم في التعامل مع الإرهابيين مما أدى إلى استمرار نشاطهم وربما تطوره وتنوعه!!...
يجب علينا أن نمنع كل أسباب التطرف الديني الذي يؤدي إلى الإرهاب ومن المهم أن نعرف أي عصا نستخدم في مواجهة الإرهابيين.. وصحيح أن هذه مهمة شاقة ولكن لا مفر منها اليوم فنحن والعالم في خطر كبير.
* تقف ضد الحوار مع الإرهابيين وفي نفس الوقت أنت مع الرأي والرأي الآخر. سؤالي هو أليسوا هؤلاء بشرا مثلنا ويعيشون على نفس الأرض ولهم حق في هذه الأرض ولهم حق في التعبير عن رأيهم؟ لما نعمل على إخراس ألسنتهم وندفعهم لاستخدام أسلحتهم؟
-هل يمكنك أن تتكلمي وتحاوري إنسان فاقد لحاسة السمع؟! أو أن تسالي رجلا أعمى عن رأيه في باقة ورد جميلة ترينها بعينيك؟ بالطبع لا!... إذا فلنتفق أولا على أن الإرهابيين اختاروا أن لا يكونوا بشرا لأن جميع البشر يعملون على المحافظة على حياتهم وحياة الآخرين وهذه طبيعة إنسانية.. أما الإرهابيون فإنهم يقتلون أنفسهم ويهدرون دم الآخرين وهذا ضد الطبيعة البشرية... وهذا ضد المنطق وضد ما تدعو إليه جميع الديانات والشرائع السماوية التي تؤكد على ضرورة المحافظة ليس على النفس البشرية فقط بل وحتى على الحيوان غير العاقل..
ثانيا يا عزيزتي نحن لا نعمل على إخراس الآخر ولكن ليتهم يقبلون الحوار.. فالحقيقة التي اكتشفناها جميعا أن الإرهابيين وصلوا إلى مرحلة صاروا فيها بلا آذان يسمعون بها ولا عيون يبصرون بها ولا قلوب يرحمون بها.. أنهم لا يقبلون الحوار إلا بالبندقية والأجساد المفخخة وكم مرة دعوا للحوار هنا وهناك ولكنهم رفضوا الجلوس والحوار وهذا متوقع...
قد يكون الحوار معهم مفيدا قبل أن يصلوا إلى حالة الإرهاب المزمنة التي لا فائدة من الحوار فيها... فمن يصل إلى مرحلة يصبح فيها إرهابيا يصبح من المستحيل الحوار معه لأنه يكون قد وصل إلى مرحلة لا يقبل فيها سماع الصوت الآخر فهو يعتقد بأنه في عالم مقسوم فيه الناس إلى قسمين قسم مع الإرهاب وقسم ضده ومن ضد الإرهاب يجب أن يدفع ثمن موقفه هذا!!
ولنكن صادقين مع أنفسنا ونقر بأننا إذا لم نستطيع إقناع المتطرف قبل وصوله إلى مرحلة الإرهاب بالعدول عن تطرفه وأفكاره الهدامة فإننا لا يمكن أن نحاوره عندما يصبح إرهابيا ويكون ومشروع قنبلة بشرية لا يعرف غير لغة الموت والتدمير.. أما من يريد رمي السلاح والعودة إلى الحوار فأهلا به دائما.
* لك أسلوب مختلف في الكتابة عن الجماعات الإسلامية وعن الإرهاب... ما هو السر وراء ذلك؟
- يعود ذلك إلى خبرتي في سنوات الدراسة في الجامعة حيث أنني اختلطت مع أفراد من الجماعات الإسلامية المختلفة وكان لهم حضور كبير في الجامعة الأمر الذي اتاح لي معرفة أفكارهم عن قرب وكشف لي كثير من المفارقات التي تحملها هذه الجماعات.. واعتقد ان من المهم جدا أن يعرف الكاتب الأمر الذي يكتب عنه بشكل دقيق حتى يتمكن من الكتابة عنه بطريقة صحيحة وموضوعية ومقنعة للقارئ.. ومن خلال معرفتي بتلك الجماعات فإنني لا اعتقد أنها معقدة إلى تلك الدرجة ولكنها حتى اليوم لم تجد من يفهمها ويفك طلاسم أفكارها المبعثرة وبعض الأحيان غير المنطقية.. وهذه نقطة اعتقد أنها جوهرية جدا بالنسبة للذين يعملون على محاربة الإرهاب ويريدون أن يقضوا على الإرهابيين فبدون فهم منطلقات وتفاصيل حياة هذه الجماعات سيكون من الصعب النجاح في القضاء عليها أو الحد من خطرها.
* بعيدا عن السياسة ماذا يقول محمد الحمادي عن كثرة الفضائيات وتنوعها؟ وهل هي ظاهره صحية أم ظاهره ملوثه لعقل المشاهد العربي؟
- أنا مع التنوع ومع التنافس واعتقد انه في النهاية لا يبقى إلا الأصلح.. وبشكل عام فإنني اعتقد أن الفضائيات صارت اليوم تؤثر في حياتنا بشكل كبير ايجابيا أو سلبيا وعلى الرغم من ازدياد عدد الفضائيات العربية التافهة إلا أنني اعتقد أن التأثير الايجابي للفضائيات المحترمة هو الأكبر.
* نجاح بعض الصحف الالكترونية ألا يمثل خطرا على الصحف المطبوعة خصوصا وان الصحف الالكترونية لا تتبع أو تخضع لحكومة معينة واقصد إن بها مساحه اكبر من حرية التعبير؟
- على المدى القصير لا اعتقد أن الصحف الاليكترونية تشكل خطرا على الرغم من أننا نلاحظ أن الكثيرين صاروا يتابعون الصحافة الاليكترونية بشكل يومي ولكن على المدى البعيد ndash;بعد اقل من عشر سنوات تقريبا- فبلا شك أن الصحافة المطبوعة ستخسر نسبة من قرائها لصالح الصحافة الاليكترونية وهذا أمر طبيعي.
*ما هو رأيك كصحفي في صحيفة ( إيلاف ) الالكترونية؟
-هي احد أهم مصادر الأخبار اليومية بالنسبة إلي كصحفي.. وهي الصفحة الرئيسية على جهازي الخاص.. وكل صباح ومساء لابد أن اطلع على آخر أخبار إيلاف... أما عند حدوث أي جديد في الوطن العربي فلابد من متابعة إيلاف كل ساعة فهي الأسرع في ملاحقة الخبر وتغطية آخر التطورات ونقلها أولا بأول ndash;من زاويتها الخاصة-... كما تتميز إيلاف بأنها صحيفة متنوعة فيها كل فنون الصحافة المكتوبة.
*تحول الصحفيين لمقدمي برامج تجربه أثبتت نجاحها خصوصا فيما يتعلق بتجربة الإعلامي الناجح تركي الدخيل.. هل تفكر في الدخول إلى هذا المجال في حال أتيحت لك هذه الفرصة؟
- صديقي تركي الدخيل هو احد ابرز مقدمي البرامج التلفزيونية في المنطقة هذه الأيام واحرص على متابعة quot;اضاءاتهquot; كل مساء ثلاثاء على قناة العربية ولا اعتقد أن النجاح الذي حققه في فترة زمنية قصيرة يمكن أن يحققه أي شخص آخر... أما لو أتيحت لي الفرصة لتقديم برنامج تلفزيوني متميز فلن أتردد في ذلك بشرط أن يقبل أهل التلفزيون بظهوري على شاشتهم... وما يشجع الصحفي على العمل في المجال التلفزيوني هو أن ليس هناك تعارض بين العملين.
*أين يقفمحمد الحمادي الآن؟ والى أين يقوده طموحة؟
- اعتقد أنني وفقت في تحقيق كثير من أحلامي وطموحي على الصعيد العملي -والحمد لله- وان كان ذلك لم يتم بسهولة واحتاج مني إلى كثير من الصبر والتضحيات.. وأتمنى أن أوفق في مشروعي الصحفي المقبل الذي اعمل عليه منذ سنتين تقريبا.
*أخيرا في كلمات بسيطة ماذا تخبرنا عن محمد الحمادي؟
-أنا رجل بسيط في بيتي وفي عملي ومع أصدقائي ومن شدة بساطتي يعتقد البعض بأنني رجل quot;داهيةquot;.. فانا واضح في حياتي لا أحب الكثير من العقد وارى أن الحياة لا تحتمل البقاء طويلا في المنطقة الرمادية... كما أنني أؤمن بهذه الأمة العربية والإسلامية واعتقد أن الخير فيها والأمل في أجيالها من الشباب والفتيات على رغم انتقاد المنتقدين للأجيال الجديدة... أما في منزل الأسرة فقد تعلمت من والدي الحزم والوضوح مع الآخرين وعدم التردد في قول كلمة الحق.. وتعلمت من والدتي الهدوء والتسامح ورد الإساءة بالإحسان.
أؤمن كثيرا بالقول المأثور: quot;الصمت هو ارفع أنواع الحكمة لدى البشرquot;.. فهذه مقولة قديمة ولكنني أؤمن بها كثيرا وربما هي إحدى مشاكلي مع العالم اليوم حيث أنني أعيش بقليل من الكلام في زمن لا يحكم فيه على الرجال إلا خلال ما تنطق به ألسنتهم أو توحي به أشكالهم.. وليس بما تفعل أيديهم وتبدع عقولهم... كما أنني اعتقد بان quot;الرجال المتميزون كالماءquot; لا لون لهم أو طعم أو رائحة ولكنهم مفيدون للغاية ويحتاج إليهم العالم دائما ولا يمكن الاستغناء عنهم أبدا.
التعليقات