وصف اشتباكات فتح وحماس باختبارات قوة
حواتمه لـquot;إيلافquot;: الحرب الأهلية على الابواب

سمية درويش من غزة: أكد نايف حواتمه الأمين العام للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين، خلال حوار مع quot;إيلافquot; ان ما يجري في قطاع غزة من اشتباكات بين مؤيدي حركتي quot;حماسquot; وquot; فتحquot; ما هو سوى بروفات لتفجير اقتتال داخلي كما يدخل في الوقت ذاته في سياق اختبارات قوة بين الجانبين. وشدد حواتمة على أن ذلك يهدد بإشعال حرب أهلية فلسطينية ، مشيرا الى ان الحروب الكلامية المشتعلة بين فتح وحماس ، أصبحت كمن يحارب طواحين الهواء.

وفي ما يلي نص الحوار :

هل تعتقد ان لقاء محمود عباس واسماعيل هنية سيحد من حدة النزاع بين الحكومة والرئاسة ؟

من حيث المبدأ، الشيء الطبيعي هو أن يتكامل عمل رئيس السلطة مع عمل رئيس وزرائها ، وأن يتكامل عملهما مع عمل اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية ، والشيء غير الطبيعي هو أن يصبح اللقاء بين رئيس السلطة ورئيس وزرائها حدثا قائما بحد ذاته ،تركز عليه الأضواء. وإن دل هذا على شيء فإنما يدل على عمق المأزق الذي وصلت إليه الحالة الفلسطينية ، جراء محاولات فرض البرامج والرؤى الخاصة على حساب المشترك الوطني ، والمصالح الوطنية العليا للشعب الفلسطيني، والإفرازات السامة لنهج تثبيت القطبية الثنائية، التي استطاعت أن تستغل قانون الانتخابات نصف الديمقراطي الذي جاء مناصفة بين التمثيل النسبي ، والدوائر الفردية، حيث وللأسف كرست نتائج الانتخابات سلطة الرأسين والبرنامجين المتناحرين. والأخطر من ذلك أن البرنامجين يتعارضان من حيث الجوهر في كثير من الأسس والمبادئ مع برنامج منظمة التحرير الفلسطينية. والحل لا يكون بإعادة توزيع الصلاحيات ، بل في البدء فورا بحوار وطني شامل وصولا إلى برنامج سياسي موحد ، على أساس القاسم الوطني المشترك ، وبناء حكومة ائتلاف وطني شامل للسلطة الفلسطينية . ومن الضروري ايضا البدء بالعمل على تطبيق ما تم الاتفاق عليه في إعلان القاهرة آذار (مارس 2005)، وعقد اجتماع الهيئة الوطنية العليا المشكلة من الأمناء العامين للفصائل المقاومة واللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، ورئيس المجلس الوطني الفلسطيني وصولا لبرنامج وطني موحد للشعب الفلسطيني في الوطن والشتات ، وانتخاب مجلس وطني لمنظمة التحرير الفلسطينية على قاعدة التمثيل النسبي الكامل، ليتولى انتخاب لجنة تنفيذية جديدة لمنظمة التحرير الفلسطينية، والتي بدورها تنتخب رئيسا لها. هذا هو طريق الخروج من المأزق الراهن الذي تعيشه حركتنا الوطنية، ومنظمة التحرير، والسلطة الفلسطينية.

ما هو موقفكم من الأحداث التي جرت في قطاع غزة ، وسقط خلالها ثلاثة قتلى وعدد من الجرحى ، ألا يفتح هذا على احتمال حدوث اقتتال فلسطيني ـ فلسطيني ؟
للأسف الشديد ما يجري هو بروفات لتفجير اقتتال ، وما جرى في خان يونس بالأمس ، وفي حي التفاح في غزة اليوم ، يدخل في سياق اختبارات قوة بين فتح وحماس ، وهذا نهج مدمر، ويجب أن يدان بقوة ، لأنه يهدد بإشعال حرب أهلية فلسطينية ، لذلك نحن طالبنا بتشكيل لجنة وطنية للتحقيق في الحادث ، وضرورة وقف هذه الأحداث ، وإنهاء المظاهر المسلحة ، وجميع أنواع وأشكال التحشيد والاحتقان والتوتر، وتحريم اللجوء إلى استخدام السلاح في حل الخلافات، والتي لا يستفيد منها سوى العدو الإسرائيلي، وضرورة الاحتكام إلى الحوار في حل كل الخلافات والتعارضات.

ونذكر الجميع بما تختزنه ذاكرة شعبنا من نتائج مأسوية ترتبت على الاقتتال الداخلي في سبعينات وثمانينات القرن الماضي . وأقول لكل من يعتقد بأنه يستطيع أن يفرض رأيه وبرنامجه وحيازته للسلطة بالدم والنار ، أنه لن يربح شيئا ، بل على العكس من ذلك لأنه سيخسر شعبه، وسيوقع أذى كبيرا بنضال الشعب الفلسطيني وقضيته العادلة.

الساحة الفلسطينية تشهد بين حين وآخر حربا إعلامية بين فتح وحماس. إلى أين تسير الأمور ؟
الحرب الإعلامية هي صدى لسلطة الرأسين والبرنامجين ، وفي أكثر الأحيان لا تعكس صراعا مبدئيا ومحقا ، وحل الخلافات لا يكون عبر التحشيد الغوغائي ، والتأليب، وإشعال الحروب الكلامية على المواقع الإلكترونية لفتح وحماس ،وشاشات الفضائيات وعبر أثير الإذاعات، وعلى صفحات الصحف والمجالات ، وأولى بأولئك الذين يحتلون الشاشات ويتصدرون الصحف أن يستثمروا ذلك في تعزيز نضال الشعب الفلسطيني ، وتسليط الضوء على جرائم الاحتلال ، وأن لا يتلهوا ويلهوا أبناء شعبنا والعالم بحروب كرتونية ، وإلا أصبحوا كمن يحاربون طواحين الهواء. وهنا لا أقلل من خطر سياسة التأليب والتحشيد عبر وسائل الإعلام ، إنما أحاول أن أبرز مخاطرها على الشعب الفلسطيني ، وتناقضها مع المصالح الوطنية العليا للشعب الفلسطيني.

وزراء وقادة في حماس يطلقون بين الفينة والأخرى تهديدات منها مثلا quot;سنسقط كل الرؤوس التي ستسقط حكومتناquot;و quot;سنقلب الطاولة على الرؤوسquot; hellip; كيف ترون هذه الخشونة في التصريحات ؟
التصريحات غير المسؤولة تصدر بين الفينة والأخرى عن أكثر من طرف فلسطيني ، وليس عن حماس وحدها ، وهي تدفع نحو تأزيم الأمر ، لذلك نحن ندعو الأخوة في رئاسة السلطة الفلسطينية ورئاسة الحكومة، وقيادتي فتح وحماس إلى التوقف عن إصدار تصريحات تؤدي إلى مزيد من التصعيد والتوتر ، وبديلا عن ذلك الاحتكام إلى لغة العقل والحوار التي بها وحدها يمكن إيجاد مخارج من الخلافات والمآزق المركبة ، التي تعيشها الحالة الفلسطينية، ويجب دائما أن يضع الجميع نصب أعينهم أن التناقض الأساسي مع الاحتلال المغتصب لأرضنا ، وبأن تقديم التناقضات الثانوية بين القوى الفلسطينية على التناقض الرئيس مع الاحتلال يضر بشكل كبير بالقضية الوطنية لشعبنا ، ويسيء إلى نضاله وتضحياته.

ومع تأكيدنا على أن الدم الفلسطيني خط أحمر ، وليس مسموحا لأحد التلاعب به، أيا كانت المنطلقات والتسميات أو الحجج ، فقطرة دم تراق من أي شاب أو طفل أو امرأة أو شيخ فلسطيني هي أغلى وأثمن من كل المصالح الفئوية والضيقة لهذا الفصيل أو ذاك

ما هي اقتراحاتكم لحكومة حماس للخروج من الأزمة المالية والحصار الخانق ؟
المفاجأة ليست في تطور الأزمة الاقتصادية والمالية لحكومة السلطة الفلسطينية، في ضوء الحصار الحالي ، الإسرائيلي والأميركي والأوروبي الجائر على الشعب الفلسطيني، بل أن البعض تفاجأ بما حصل ، وكنا قد ركزنا في حواراتنا مع كل القوى الفلسطينية ومع الأخوة في حماس على أبواب تشكيل حكومة السلطة الفلسطينية على أن الأوضاع الاقتصادية للسلطة الفلسطينية ستكون الخاصرة الرخوة لأي حكومة فلسطينية قادمة ، ولذلك فالمطلوب أن يستند برنامج الحكومة إلى برنامج إجماع وطني يعالج الخلل الواقع على صعيد الموقف والأداء السياسي ، والواقع الاقتصادي ، وحقيقة الأمر أن الالتفات فقط إلى الحصار المالي وما أدى إليه من نتائج ، هو كالطبيب الذي يداوي العوارض المرضية كالحرارة ، ويغفل الداء الحقيقي الذي أدى إلى هذه العوارض ، وهذا من واقع خبرة عشرات السنوات السابقة التي ذاق فيها أبناء شعبنا الأمرين.

وقد اختارت اسرائيل والولايات المتحدة وبعض الدول الاوروبية ، عن عمد، مدخل الضغط المالي على حكومة السلطة الفلسطينية من أجل انتزاع تنازلات سياسية ، لانها تعرف تماما واقع الاقتصاد الفلسطيني ، ومكامن ضعفه، فعلى مدار السنوات العشر الماضية ، ونتيجة للاتفاقيات الموقعة بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل برعاية أميركية ، والأداء الاقتصادي لحكومات السلطة الفلسطينية تعمق الإلحاق الكولونيالي للاقتصاد الفلسطيني بالاقتصاد الإسرائيلي ، وأذكر فقط بعض الأرقام كمؤشرات ذات دلالات خطرة على مدى ارتهان الاقتصاد الفلسطيني للاقتصاد الإسرائيلي. اذ ان 73% من حجم ما تستورده المناطق الخاضعة للسلطة الفلسطينية، يتم استرداده من السوق الإسرائيلية ، و92% مما تصدره مناطق السلطة يتوجه إلى السوق الإسرائيلية ليتم استهلاكه أو ليعاد تصديره كمنتج إسرائيلي ، والاقتصاد الفلسطيني الخاص بات مهيكلا حسب ما تمليه العلاقة التبعية مع الاقتصاد الإسرائيلي ، وسوق العمل الفلسطينية توفر سنويا ستة آلاف فرصة عمل في حين المطلوب سنويا بالحدود الدنيا ثلاثة وعشرون ألف فرصة عمل سنوية، وهذا ما أدى عمليا بالتراكم إلى دفع أكثر من مئتي ألف عامل فلسطيني إلى هامش البطالة ، يضاف إلى ذلك أن افتقاد فرص العمل في السوق الفلسطينية ، والاتجاه نحو السوق الإسرائيلية أنتج خللا بنيويا في طبيعة تركيبة الطبقة العاملة الفلسطينية، حيث نلاحظ فائضا في عدد العاملين في قطاع البناء والخدمات ، الذين لا يمكن أن تستوعبهم سوق العمل الفلسطينية ، بعد أن أغلقت سوق العمل الإسرائيلية الأبواب بوجههم ، يضاف إلى ذلك أن سنوات بناء السلطة أوجدت طفرة كاذبة في خلق فرص عمل جديدة، وهي ترتد اليوم على الاقتصاد الفلسطيني.

فنفقات أجور موظفي السلطة تستهلك 63% من النفقات الجارية، والتي تتأتى من المساعدات الدولية علما بأن الدخل القومي الفلسطيني يبلغ 5 مليارات دولار فقط ، والناتج القومي لا يتجاوز الثلاثة مليارات فقط، والفساد المالي الإداري يرهق الموازنة الفلسطينية. والتشريعات الضريبية والمالية تكافئ المال الريعي ، وترهق المشاريع الاقتصادية المنتجة ، والتعليم لا يلبي الحاجات الحقيقية لسوق العمل ، ولا يوجد قطاع عام ربحي hellip; الخ.

وهنا على سبيل المثال لا الحصر ، اختلفنا مع الأخوة في حركة حماس على ما أوردوه في برنامج الحكومة ، حيث أخذت الحكومة بخط الخصخصة ، رغم ان مجرد التفكير بهذا هو خطأ قاتل، لأن الاقتصاد الحر، لا يمكن أن يمتلك التوازن بحدوده الدنيا إلا في اقتصادات واسعة، واقتصاديات كبيرة في أوروبا مثل الدول الاسكندنافية أبقت من أجل منع الاحتكارات والمضاربات والحفاظ على مصالح الطبقات الفقيرة والمهمشة (نسبيا حسب دخول تلك الدول) على قطاع عام ، وأوجدت نظاما متقدما للضمان الاجتماعي ، فما بالك في اقتصاد صغير كاقتصادنا هش وواقع تحت سطوة السيطرة المباشرة للاحتلال ، ثلة قليلة من المتمولين الكبار يمكن أن تسيطر على الاقتصاد الفلسطيني، ومن يملك الاقتصاد يؤثر بشكل كبير في القرار السياسي. وهنا لا أريد أن أدخل في سوء الظن ، ولكن ألا يفتح هذا الباب أمام من نهبوا أموال الشعب تحت مرأى ودعم الإسرائيليين والأميركيين لأن يدخلوا من باب الاقتصاد ، ويحاولوا أن يفرضوا أجندة مشاريعهم السياسية التي تتعارض مع المصالح العليا للشعب الفلسطيني.

وكما سبق ان قلت فإن معالجة جذرية للأوضاع الاقتصادية يجب أن تنطلق من بناء اقتصاد فلسطيني مستقل، وهذا أحد الأسس التي تضمن نجاحنا في مشروعنا التحرري.

أما النجاح في تأمين أموال مساعدات فهذا سيؤجل المشكلة إلى حين ، مع إدراكنا لأهمية نجاحنا في كسر الحصار ، لأنه وبالضرورة لا يمكن أن نبدأ بالإصلاح وإعادة البناء في ظل الحصار الخانق.وهنا يقع على عاتق الدول العربية والعالم المسلم وكل أحرار العالم دعم الشعب الفلسطيني في وجه الحصار وكسره ، وتأمين وصول مساعدات عاجلة للشعب الفلسطيني، واستمرار هذا الدعم من أجل الخروج من التبعية الكولونيالية للاقتصاد الإسرائيلي.

ما هو تعقيبكم على مبادرة رجال الأعمال ومبادرة الجبهة الشعبية التي تقدمت بها مؤخرا للخروج من الأزمة ؟
نحن مع كل مبادرات وأفكار تصب في إنجاح الحوار الوطني الفلسطيني، مع تأكيدنا على أن وصول الحوار إلى نتائج ملموسة تفتح الطريق أمام إعادة بناء الأوضاع الفلسطينية لتمتينها وتحصينها مرتبطة بالضرورة بالحوار الوطني الشامل، لأن المدخل إلى كل هذا توافق القوى الوطنية والديمقراطية والإسلامية على أسس ومبادئ إعادة بناء مؤسسات م. ت. ف ، بشكل ديمقراطي وتعددي ائتلافي ، من خلال انتخابات على قاعدة التمثيل النسبي الكامل ، وإقامة حكومة ائتلاف وطني موسع مبنية على برنامج القاسم الوطني ، من خلال التوافق على مفهوم أساس إعادة البناء، وما يعطل الوصول إلى هذا التوافق هي مجموعة المواقف والممارسات من قبل بعض القوى الفلسطينية التي تقدم برنامجها الخاص ومصلحتها الخاصة والفئوية الضيقة على حساب المشترك الوطني والمصالح العليا للشعب الفلسطيني.