مديات أوسع للسينما العراقية

قيس قاسم من أربيل: طغت الكلمة، بكل تنوعات أستخداماتها الأبداعية، مرة أخرى على بقية حقول المعرفة في مهرجان المدى. طغيان، راسخ، ليس أستثناءا أو شذوذا عن بقية المهرجانات الثقافية. فالأبداع في محيطنا مقرون في غالبيته بالكتابة، شعرا أو نثرا. دونما شك نحن بحاجة الى قوة كبيرة لدفع عربات المعرفة الأخرى الى جوار أسوار مملكة الكلمة العالية. عندما قرأت برنامج المهرجان شعرت بوجود مخطط مغاير يريد تغيير السائد ويعطي فرص أضافية لبقية الفنون. عمليا لم يفلح هذا المخطط، خاصة في حقل السينما. ولو أستثمر الحضور السينمائي بشكل جيد لتحققت فائدة كبيرة في هذا المجال سيما وأنها المرة الأولى التي يلتقي فيها هذا العدد من السينمائيين داخل الوطن.

المصور زياد تركي شاطرني الرأي، وقال: هذا التواجد والتحالف النوعي بين صنوف الثقافة أمر جد مهم. أعتقد ان الأسبوع الثقافي كان مناسبة جيدة للتبادل المعرفي والتعارف بين المثقفين من الداخل والخارج. نعم، كل تجمع أو مؤتمر ثقافي ينحى منحى منظميه، إذا كانوا كتابا وشعراء فأن دور النتاج الثقافي الأخر يحد بشكل غير مقصود.

شاهد الضيوف عددا من الأفلام، قسم كبير منهم لم يشاهدها خارج هذا الأسبوع. وكان بالأمكان مشاهدة المزيد منها لو تجاوز منظمو المهرجان بعض العقبات الفنية، وسمحوا لبقية المخرجين بعرض نتاجهم الذي كان بحوزتهم خلال المهرجان. ولمعالجة وأستثمار الفرصة سعينا سوية لعرض أفلام قاسم عبد وقتيبة الجنابي وليث عبد الأمير لكنها باءت بالفشل. من بين أيجابيات مناقشة مشروع تأسيس المجلس الأعلى للثقافة العراقية ورقة عمل قدمها نقاد وسينمائيون عراقيون وضحوا فيها رؤيتهم ودورهم في أي مشروع ثقافي مستقبلي وعنها قال زياد.. تجنبنا الخوض في القضايا الأدراية والتنظيمية وركزنا على طلبات واضحة ومحددة: دعم أفلام الشباب، الحاجة الى تخصيص ميزانية لأنتاج أفلام قصيرة وطويلة، أفلام تدخل المهرجانات وتعرض في الفضائيات. نحن بحاجة الى وسيلة للتعبير والتنفيس، وسيلة تصل الى الأخر. الأعلام اليوم يسير بخط واحد لاأريد القول بأنه أعلام مؤدلج، ولكن الحقيقة تقترب من هذا الوصف. نحن بحاجة لتوصيل ألمنا الحقيقي، الأنساني، الذي يعيشه العراقي في بيته وجامعته وزقاقه. السينما هذة الوسيلة الفنية الرائعة، قادرة على توثيق مشاكلنا، لذا فنحن بحاجة اليها.


مهرجان ومجلة سينمائية مختصة
من بين الأفكار التي توصل لها المهرجان تأسيس هيكيلية لمهرجان سينمائي وأصدار المجلة السينمائية العربية . الفكرة تحمس لها كثيرون خاصة بوجود سينمائيين عرب مهمين. وعلى أهمية كل نشاط سينمائي في العراق، فأن أولويات بناء صناعة سينمائية قد تسبق غيرها ولا تلغيها. سألت زياد تركي رأيه: نحن في محنة وما يحدث في العراق يحتاج الى نتاج يصل الى المتلقي. قد يصل الفيلم الى ابن الهور والقرية. علينا رعاية النتاج المرئي والمسموع بشكل أساسي. وعموما ان حصل هذا أو لم يحصل فأن عقد مثل هذة المؤتمرات والمهرجانات أمر مهم. مطالبنا واقعية نحن في منطقة حدث، كل ما نحتاجه هو التصوير، لنشتغل على قصص معينة. أتفق معك على ضرورة أنشاء بنية تحتية للسينما فيها ستوديوهات، مختبرات صوت، مونتاج وغيره. لكن هذة الصناعة في الوقت الحاضر تبدو غير واقعية. هناك دول كثيرة تصنع سينما رغم أفتقارها الى بعض عناصر هذة الصناعة. بعد الحرب ذهبنا الى بيروت، بشريط محمض فقط، ولكن بمساعدات مؤسسات وشركات أجنبية حصلنا على التكملة التقنية. مشكلاتنا هي توفير الخامات التقنية، فالطاقات الفنية متوفرة وكلي يقين من قدرة فنانينا. نحن بحاجة الى قاعدة للأنطلاق وليس قاعدة للهبوط . فالهبوط سهل في أي مكان، في أيران، مصر ودبي، مثلا. في أوربا هناك معامل وهي مستعدة للتعاون. قمت بنفسي في حساب كلفة معمل تابع لكوداك وبرعايتها. وجدت ان جهاز تيلي سيلي الذي يحول النجاتيف الى بوزتيف فيديو يكلف مليون دولار أما المختبر وتوفير بناية بسيطة له ليس بالأمر الصعب في بغداد. كل مانحتاجة لعملية التحويل لا يزيد على ثلاثة ملاين دولار. ولصعوبة الوضع الأمني ومشاكل الكهرباء نركز حاليا على التصوير، ثم بعد ذلك نرسل خامته الى مناطق أخرى لأكماله. ما نحتاجه حقا هو كاميرات ودعم مالي بسيط. أعتقد بهذة الحدود يمكن للمجلس المرتقب تأسيسه ان يحرك النشاط السينمائي وأن يوفر للشباب فرص التعبير عن أفكارهم سينمائيا.

حتى تعم فائدة المهرجان ويخرج من حدود نخبويته، أتمنى ان يشارك الناس كل فعالياته، أن يشاهدوا أفلامه ومسرحياته ومعارضه ويشتروا كتبه، يسمعوا شعره ويحضرون نقاشاته، وان يكونوا جزءا من نسيجه.