تبادل اللبنانيون صبيحة الأضحى التهاني في مناسبتين: العيد الذي يحتفل به المسلمون في لبنان ، وتشكيل الحكومة اللبنانية وإنجازها مسودة بيانها الوزاري الذي سيقره مجلس الوزراء مجتمعاً على الأرجح منتصف الأسبوع المقبل قبل إحالته على مجلس النواب لمناقشته وإقراره ومنح الحكومة الثقة على أساسه. فقد تسرب إلى الإعلام نص مشروع البيان الوزاري لحكومة الحريري، الذي تحفظ عليه وزيران مسيحيان من أعضاء لجنة صياغة البيان، هما وزير العمل بطرس حرب (14 آذار) والشؤون الاجتماعية سليم الصايغ (الكتائب اللبنانية).

من أبرز ما جاء في الشق السياسي من مشروع البيان الوزاري أن الحكومة quot;ستعمل في المقام الأول وعلى كل صعيد، من أجل بناء الدولة وتجديد الثقة بها.. وهي حكومة مدعوة إلى تخطي الانقسامات الطائفية والسياسية والتعبير عن إرادة مشتركة في السعي نحو الوفاق الوطني الحقيقي، من خلال التضامن الوزاري مؤيَّدا من القوى السياسية الممثلة في الحكومةquot;. وتشدد الحكومة quot;على وحدة الدولة وسلطتها ومرجعيتها الحصرية في كل القضايا المتصلة بالسياسة العامة للبلاد، بما يضمن الحفاظ على لبنان وحمايته وصون سيادته الوطنية. ويكون هذا المبدأ ناظما لتوجهاتها وقراراتها والتزاماتها. كما تشدد على التزام مبادئ الدستور وأحكامه وقواعد النظام الديمقراطي والميثاق الوطني وتطبيق اتفاق الطائفquot;.

وفي موضوع السلاح الذي يشكل أبرز النقاط الخلافية، quot;تؤكد الحكومة تصميمها على منع كل أشكال العبث بالسلم الأهلي والأمن، من دون مساومة. ويقتضي ذلك حصر السلطة الأمنية والعسكرية بيد الدولة بما يشكل ضمانا للحفاظ على صيغة العيش المشترك. وتلتزم الحكومة بمواصلة دعم القوى العسكرية والأمنية الشرعية وتوفير الإمكانات لها، بالعنصر البشري والتجهيز، لكي تقوم بالمهام الموكولة إليها في حماية اللبنانيين، ومواجهة الإرهاب ودرء مخاطره، والحفاظ على حريات المواطنين جميعا وحقوقهم ولا سيما حقهم في الأمان، ومكافحة أعمال الفوضى والإجرام والاتجار بالمخدرات، وذلك حسب القوانين وتوجيهات السلطة السياسيةquot;.

وفي انتظار انعقاد جلسة للحكومة لإقرار البيان ومعرفة موقف وزيري quot;القوات اللبنانيةquot; منه ولا سيما من موضوع المقاومة وسلاحها، أكد النائب عن quot;القواتquot; أنطوان زهرا أن حزبه باق في الحكومة من غير أن يعطي غطاء لأي سلاح غير شرعي. ورأى أن البيان الوزاري quot;مثل الحكومة هو نتيجة تسوية إقليمية ليس لأي لبناني أن يغيّر فيه حرفا، وقد خاب فألهم وتبين أنهم حتى في النقل عن أسيادهم ليسوا أمينين، وهم نقلوا تهديدا وتهويلا وما اعتبروه حقائق نهائية، ولم (تظبط) معهم. صحيح أننا لم نستطع أن نزيل كلمة محددة في البند السادس من البيان الوزاري، حيث تكلم عن حق لبنان في الدفاع عن نفسه، وتم الإصرار على إبقاء كلمة المقاومة، وكلنا يعلم أننا نحن المقاومة، ولكن تلك المقصود بها حزب الله المسلح لم نستطع إزالتها، ولكن غيرنا الكثير في المقدمة التي أوصلت إلى هذه الجملة، وكل التغيير كان في اتجاه تأكيد حصرية المرجعية في لبنان بالحكومة اللبنانية والمؤسسات الدستورية اللبنانيةquot;. وأضاف: quot;بالتالي وافقنا على كل البيان الوزاري إلا هذه الجملة التي تحفظنا عليها بسبب مبدئي وهو أننا لا يمكن أن نقبل في القوات اللبنانية، ومع حلفائنا الواضحين في مواقفهم، بأي تعبير أو حرف أو كلمة تمنح الشرعية لأي فئة غير الجيش اللبناني كي تتصرف في مواضيع السلم والحرب على أرض لبنانquot;.

من جهته، أوضح الوزير بطرس حرب أن الاعتراض الذي سجله quot;ووزير الشؤون الاجتماعية سليم صايغ على نص البيان الوزاري، كان على فصل عبارة مقاومة لبنان عن شعبه، وكأن المقاومة شيء خارج عن النسيج اللبنانيquot;، مؤكدا quot;عدم ممارسة هذا الاعتراض في شكل يعطل الشرعية والأصول الديمقراطيةquot;. وشدد على أن quot;كلمة المقاومة لم تذكر إطلاقا في اتفاق الطائف، وكل ما ذكر هو أن تأخذ الدولة مختلف الإجراءات إذا شُنت حرب على لبنانquot;. وأشار إلى أن quot;كيفية المقاومة وأساليب المقاومة هي أطر نقاش في البيان الوزاري وليست خلافا بيننا لأننا لن نعطي لإسرائيل أسبابا وذرائع لبث روح الفتنة بين الأفرقاء اللبنانيينquot;، لافتا إلى quot;مسؤولية الدولة في إدارة مواجهة العدو وكيفية التنسيق مع المقاومة التي تضم جهودها إلى قدرة الدولة في مواجهة كهذه إذا ما حصلتquot;. ولفت إلى أنه quot;وردت في البيان الوزاري عبارة مهمة جدا وهي الاتفاق على استراتيجية دفاعية، وتكون الدولة مسؤولة عن إدارة هذه الاستراتيجيةquot;.

وفي ما خص تداعيات النقاش داخل لجنة البيان الوزاري كشف وزير الإعلام طارق متري ان الجو داخل لجنة الصياغة كان أفضل بكثير من أجواء العام السابق كاشفاً أنه من الأشخاص غير الراضين على نص البيان في كل بنوده. واعتبر متري ان اعتراض الوزيرين بطرس حرب وسليم الصايغ هو حق لهما، مؤكداً أنهما عبرا عن موقفهما بمنطق هادئ وقال: quot;ان المقاومة لا تتعاطى بالسلم لأنها غير قادرة على توقيع اتفاقية مع اسرائيل وحزب الله يقول انه يريد الالتزام باتفاقية الهدنة بشكل مضمرquot;، مشدداً على ان البيان الوزاري الحالي أقوى من السابق في ما خص القرارات الدولية، لأن البيان السابق أكد احترام quot;الشرعية الدوليةquot; أما الحالي فشدد على احترام quot;القرارات الدوليةquot;.

وضمن هذه المناخات تراجع السجال في خصوص دعوة بري لإلغاء الطائفية السياسية، وفيما تجاهلها المرجع الشيعي السيد محمد حسين فضل الله في خطبته داعياً quot;اللبنانيين جميعاًquot; لاغتنام quot;فرصة عودة التوازن الى الحركة السياسيةquot; و quot;الارتقاء الى مستوى التحديات الكبيرةquot;، أكد الشيخ قباني ان اتفاق الطائف quot;حمى اللبنانيين... ولا يزال يشكل صمام الأمان، بل الضمان للعيش المشترك الإسلامي - المسيحيquot;، محذراً من quot;قفزة غير مناسبة أو متسرعة في المجهولquot;، وحرص الشيخ قبلان من جهته على التأكيد أنه quot;عندما ندعو الى إلغاء الطائفية السياسية فإننا لا نكون ضد أحد بل ندعو الى التعاون مع الجميعquot;.