quot;إيلافquot; سألت المحلل السياسي نقولا ناصيف والدكتور في القانون بول مرقص
8 آذار بدأت المرحلة الثانية من قلب التوازن مع قضية الضباط
ترايسي أبو أنطون من بيروت: انحسرت موجة الزغاريد والاستقبالات التي واكبت خروج الضباط الاربعة من السجن بقرار من المحكمة الدولية، الا ان مطالبتهم بمحاسبة القضاء اللبناني الذي اصدر مذكرة التوقيف في حقهم بناء على توصية من لجنة التحقيق الدولية تحاول ان تأخذ مكانها في الصراع السياسي الشديد في لبنان ،وهذه القضية تنال حصّتها في خطابات وتصريحات للفريقين وتثير اخذا وردّاوتجاذبات . فهل يكون لبنان على ابواب هزة قوية تنال من الجسم القضائي اللبناني؟ وهل الضباط الاربعة ومن يساندهم قادرون على سلك هذا المسار؟ ام ان ما يصدر من كلام في هذا الشأن ردّ فعل طبيعي بعد اربعة اعوام من الاعتقال، او مجرد محاولة إستثمار تصب في خانة quot;انتخابات 2009quot; وتزول مفاعيلها صباح 8 آذار / يونيو ؟
quot;إيلافquot; سألت الكاتب والمحلل السياسي نقولا ناصيف، فأجاب قال ان الضباط الاربعة دفعوا ثمن الخلاف السياسي الذي نشأ بين قوى 14 آذار/ مارس والسوريين في اعقاب اغتيال الرئيس رفيق الحريري، ولكن quot; لا اعتقد انهم قادرون على محاسبة القضاء اللبناني الذي كان تحت تأثير قوى 14 آذار حين اتخذ قرار اعتقالهمquot;. واضاف: quot;بعد الانتخابات ستقوم مرحلة سياسيّة جديدة، لا علاقة لها بمسألة المحاسبة، ولكن يمكن ان يحصل هذا الامر نظرا إلى طريقة الحكم في حال تغيّر التوازن بعد الانتخابات، اي في حال ربحت قوى المعارضة وتمّ تشكيل هيئة قضائيّة جديدةquot;.
غير ان ناصيف استبعد ان تتخذ مرحلة ما بعد الانتخابات منحى مماثلا انطلاقا من التجربة اللبنانيّة . قال: quot; معروف أن في لبنان لا احد يحاسب احدا، وأبرز مثل اتفاق الدوحة الذي طويت معه صفحة المرحلة السابقة وما شابها من توترات بين الفريقين. هذه هي طبيعة اللعبة في لبنان، وهي لا تسمح للضباط الأربعة بطلب محاسبة عن المرحلة السابقة ، خصوصا ان المسألة باتت الآن بيد المحكمة الدوليّة الخاصة بلبنانquot;. لكنّه رأى quot;انه يمكن هؤلاء الضباط متابعة المسألة على المستوى الشخصي، فيقدم كلّ ضابط يرى انه تعرض لظلم وسلبت حريّته طلبا لمحاسبة القاضي الذي قاضاهquot;.
وعن المشهد السياسي المقبل، رأى ناصيف ان quot; ما من فريق يمكنه أن يحكم منفردا، وبالتالي فان الفريقين سيحكمان معا، وهذا الواقع محسوم على المستوى السياسي في مرحلة ما بعد الإنتخاباتquot;، لكنه يلفت الى ان سعي قوى 8 آذار/ مارس الى quot;تصحيح المعادلة السياسيّةquot; في لبنان يمرّ عبر مرحلتين: quot;المرحلة الاولى انتهت في احداث 7 ايّار/ مايو التي افضت الى اتفاق الدوحة، اما المرحلة الثانية من عمليّة قلب التوازن في البلاد او ما يسمّى بتصحيح المعادلة فبدأت مع خروج الضباط الاربعة، وستستكمل بعد الانتخابات في حال فازت المعارضةquot;.
وفيما تبقى التكهنات مفتوحة على اكثر من سيناريو لمرحلة ما بعد 7 حزيران وكيفيّة التعامل مع مطلب الضباط الاربعة ولاسيّما موقف حزب الله منه، يطرح التساؤل نفسه: هل القضاء اللبناني اخطأ فعلا، ومن يتحمّل مسؤوليّة الدفاع عنه؟
في رأي المحامي الدكتور في القانون بول مرقص ان quot;المذكرة التي اصدرها القضاء اللبناني لم تكن خاطئة، لكن المشكلة كمنت في امد التوقيف، وهو طويل قارب الاربع سنوات. ووفقا لقانون اصول المحاكمات الجزائيّة في المادة 108 منه التي تعطف على المادة 363، ليست هناك مدّة قصوى في التوقيف في جنايات القتل وذات الأخطار الشاملة وتلك المتعلّقة بالاعتداء على امن الدولة. لكنّ الشرعة الدوليّة لحقوق الانسان تنصّ على مهلة معقولة في التوقيف، تختلف من جريمة الى اخرىquot;، مؤكدا ان ذلك quot;لا يبرر عدم توجيه تهم واضحة للضباط الاربعة او وضع حدّ لاعتقالاتهمquot;.
وعن الجهة التي تستطيع أن تحاسب في هذه المسألة، قال مرقص: quot;يمكن أي إنسان مقاضاة القضاء والدولة اللبنانية للتكامل والتضامن وفقا للنصّ 352 من قانون اصول المحاكمات الجزائيّة، وبالتالي يمكن في هذه الحالة المطالبة بالتعويضquot;. لكنه تساءل quot;هل يؤدي ذلك الى نتيجة؟quot; لافتا الى ان quot;التوقيف كان بناء لتوصية من قضاة التحقيق الدولي ولم يأت من هذا القضاء ما يخالف هذه التوصية. طبعا، ذلك يتخذ سببا للدفاع عن هؤلاء القضاة وفقا لقاعدة quot;توازي الاشكالquot; التي تنصّ على انه كما يأتي قرار الاعتقال يأتي قرار الاخلاءquot;، مؤكدا quot;ان هذا الدفاع الاوّل ولست في موقع تبريرquot;.
اما السبب الثاني الذي يمكن للقضاء اللبناني ان يتخذه كدفاع، فهو بحسب مرقص quot;الأدلة التي كانت موجودة والتي يعود تقديرها للسلطة التقديرية للقاضي، فما اعتبره القضاء الدولي أخيرا غير كاف في حدّ ذاته ربما اعتبره القضاء اللبناني كاف حتى اشعار آخر تبعا للسلطة التقديرية التي يتمتع بها القاضيquot;.
وعن قرار اخلاء سبيل الضباط الاربعة قال مرقص quot;ان هذا القرار بمثابة قرار إداري وليس حكما في اساس الدعوة. وان كنت اصر على القول خلافا لما يشاع إن التوقيف في ذاته ليس إدانة، والاخلاء في ذاته ليس تبرئةquot;، مضيفا :quot;المؤسف انه بقدر ما كانت المحكمة موضوعية وعلمية وعادلة، يصر سياسيون في لبنان على تسييس القضيةquot;.
وفي السياق أكدّ مرقص أن quot; التعرّض للقضاء اللبناني في الاساس في حدّ ذاته جرم، ومن لديه ايّ اعتراض فليتوجه الى الآليات القانونية ويرفع دعوى مداعاة الدولة بشأن المسؤوليّة الناجمة عن اعمال القضاة العدليين، ولكن يجب ان تنأى هذه المسألة عن مساءلة القضاة بالمعنى السياسي، لأن التعرّض للقضاء يضرّ بالقائمين به غداquot;.
والأكيد ان الافراج عن الضباط الاربعة يأتي في توقيت حسّاس جدا، اذ ان لبنان بات على بعد اسابيع قليلة من انتخابات اقلّ ما يقال فيها انها مصيريّة، وأيّ quot;خضّةquot; يتعرّض لها، سواء كانت سياسيّة ام امنيّة، لن تخرج عن اطار التوظيف الانتخابيّ، ولن تخفى انعكاساتها على صناديق الاقتراع.
التعليقات