إيلاف من لندن: في خضم تحولات سياسية واجتماعية كبرى، كشفت المصممة الإيطالية الشهيرة ميوشيا برادا عن مجموعة أزيائها الرجالية لخريف/شتاء 2025 خلال أسبوع الموضة في ميلانو، حيث لم يكن بالإمكان تجنب الحديث عن التأثير السياسي والثقافي على تصاميمها.


ومع اقتراب تنصيب الرئيس الأميركي الجديد، لم تتردد برادا في الاعتراف بأن العالم أصبح "محافظًا" أكثر من أي وقت مضى، وهو ما انعكس في تشكيلتها الجديدة التي جاءت كرد فعل على "أول موسم للذكاء الاصطناعي".

مقاومة الخوارزمية
على منصة العرض، قدمت برادا ومساعدها الإبداعي راف سايمونز مجموعة أزياء تميزت بالتناقضات الجريئة والمفاجئة.

من سترات منفوخة زاهية الألوان فوق قطع رسمية إلى أغطية كبيرة من قماش الستائر، جاءت التصاميم لتقاوم الصيحات السائدة وتمزج عناصر لا ينبغي أن تكون معًا، بحسب وصف سايمونز. فقد ارتدى العارضون مجوهرات مدمجة في سترات برقبة عالية، بينما اجتمع اللباس المكتبي الجاد مع سترات من الفرو الصناعي، ليعكسوا صورة "الرجل العصري الذي يلتقي بالبدائي"، وفقًا لما وصفه المصمم.


الكلاسيكية والغرابة
في العرض، ظهرت تفاصيل غير مألوفة مثل حقائب بأبازيم عتيقة تُحمل بطرق غير تقليدية، وملابس نوم أضيفت تحت المعاطف وكأن العارضين خرجوا للتو لشراء شيء بسيط. وتنوعت الإطلالات بين البيجامات المصنوعة من الجلد الناعم والملابس الرسمية، ما أضفى على العرض طابعًا غير متجانس عمدت برادا إلى ترسيخه كرسالة فنية لرفض التكرار والانقياد للموضة المتسارعة.


منصة عرض غير مكتملة
لم تقتصر المفاجآت على الملابس فقط، بل شملت ديكور العرض نفسه، حيث سارت العارضات على مستويين من السقالات غير المكتملة، في أجواء سينمائية مفعمة بالإضاءة الدرامية، بينما عزفت في الخلفية مقطوعة "لا غازا لادرا" الكلاسيكية لروسيني. اختارت برادا وسايمونز هذه العناصر لخلق حالة من التناقض، مؤكدين أن التصاميم جاءت كاستجابة لما هو غير متوقع في عالم يتغير بسرعة.


إثارة في عالم الرفاهية
رغم الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي تواجه قطاع الأزياء الفاخرة، تظل برادا واحدة من العلامات التجارية القليلة المستقلة وغير المملوكة لمجموعة شركات كبرى. فمنذ أن تولت ميوشيا برادا إدارة الشركة العائلية عام 1975، استطاعت أن تحولها إلى واحدة من أكثر العلامات التجارية ابتكارًا وتأثيرًا عالميًا.

في عام 2022، سجلت المجموعة إيرادات بلغت 4.5 مليار دولار، مما عزز مكانتها بين عمالقة الصناعة. وتشير التقارير إلى احتمالية استحواذها على دار الأزياء الشهيرة فيرساتشي في خطوة توسعية جديدة.

في صراع مع العصر
لطالما حاولت ميوشيا برادا المزج بين أفكارها اليسارية الجذرية والفن الراقي للأزياء، وهي تؤمن بأن الموضة يمكنها أن تكون انعكاسًا للأحداث الاجتماعية والسياسية. ومع تصاعد تأثير الذكاء الاصطناعي، ترى برادا أن المصممين يواجهون ضغوطًا هائلة ليكونوا "ثوريين"، لكنها تتساءل بحزن عن قدرة الموضة على التأثير في عالم "فظيع"، حيث تهيمن التكنولوجيا والسياسات المحافظة.


الذكاء الاصطناعي.. إلهام أم تهديد؟
تشير برادا إلى أن مجموعتها ليست فقط محاولة لمقاومة التكنولوجيا، بل دعوة للتفكير في تأثير الذكاء الاصطناعي على الإبداع الفني.
فعالم الموضة، الذي طالما كان مساحة للإبداع الحر، بات مهددًا بالتقييد من قبل الخوارزميات والتوقعات المتكررة، مما يجعل من الصعب على المصممين تقديم شيء جديد ومختلف.