إيلاف من لندن: في حين أصبح عدد البريطانيين المهتمين بالانتقال إلى دبي في أعلى مستوياته على الإطلاق في الوقت الراهن مقارنة بأي أزمنة سابقة، في مؤشر واضح على جاذبية دبي، فقد حذر البعض من أن المناخ الدافئ والدخل المعفي من الضرائب، ومستوى المعيشة الفاخر لا يجعل من دبي الجنة التي يحلم بها الجميع.
إن المخاوف بشأن انعدام الأمان الوظيفي، وضعف التوازن بين العمل والحياة، والحرارة الشديدة، والافتقار إلى الثقافة، وعدم تمتع المدينة بـ"الروح" كما يردد البعض، هي جوانب قال البعض إنها سلبية مما دفع نسبة من البريطانيين إلى التفكير في قرار العودة من جديد إلى بريطانيا.
ومع ذلك، تقول كيلي لوندبيرغ، التي عاشت في دبي لمدة 22 عاماً بعد أن وقعت في حب المدينة عندما بدأت العمل كمضيفة طيران لدى طيران الإمارات حينما كانت شابة لا تتجاوز 21 عاماً، وهي الآن تقول إن أولئك الذين لا يستطيعون التعامل مع الحياة في دبي يتعاملون معها بالطريقة الخاطئة، وفي خلاصة تجربتها قالت "دبي ليست للجميع.. دبي لمن يفهمها".
بعد انتقالها إلى دبي، وبعد نهاية رحلتها مع طيران الإمارات، أطلقت شركة لتصميم الأزياء الشخصية، وعملت مع المشاهير وتعاونت مع أكبر العلامات التجارية شهرة في العالم، من شانيل إلى بنك HSBC ، لكنها تصر على أن دبي ليست مجرد "ملعب براق".
هذه قصتي مع دبي
وقالت لصحيفة "ميل أون لاين": "لقد نشأت في إدنبرة ، وعشت في دبي لمدة 22 عامًا، وكنت محظوظة بما يكفي لتجربة الأفضل من العالمين".
"لذا أستطيع أن أقول بكل تأكيد أن أولئك الذين ينظرون إلى دبي باعتبارها ليست أكثر من ملعب براق مشمس للأثرياء للغاية لا ينظرون بما فيه الكفاية إلى ما تقدمه هذه الإمارة الجميلة.
أما بالنسبة للمؤثرين ورواد السوشيال ميديا الذين أعلنوا رحيلهم، واصفين المدينة بأنها "بلا روح"، ومتشككين في ظنهم أنهم سيكونون أفضل حالًا، فأنا أختلف معهم. ربما لم ينظروا إلى ما هو أبعد من المطاعم الفاخرة، وبرج خليفة.
لمن يتمتعون بعقلية منفتحة، توفر دبي فرصًا يصعب مقارنتها بأي مكان آخر في العالم حاليًا. ولست وحدي في هذا الرأي.
"يوجد ما يقدر بنحو 240 ألف مهاجر من المملكة المتحدة يقيمون الآن في المدينة، وقد ارتفع الاهتمام من جانب البريطانيين بنسبة تزيد عن 400 % في السنوات الخمس الماضية.
"في حين أن جاذبية الرواتب المعفاة من الضرائب، وناطحات السحاب المشمسة، واحتساء المشروبات غير الكحولية في حمام السباحة على السطح قد تكون هي التي تجذبهم إلى هنا، فإن أسلوب الحياة الأفضل هو ما يجعلهم يبقون.
ولمن يظنون عكس ذلك، أؤكد بشدة أنهم يخطئون في حق دبي! إليكم السبب...
" بلا ثقافة"؟ اتهام يقوله الكسالى
هذا يُضحكني جداً، الثقافة لا تغيب عن دبي. فمع وجود حوالي 200 جنسية، تعجّ المدينة بالثقافة. بالطبع، لن تجد شوارع صغيرة مرصوفة بالحصى أو حفلات شواء دافئة يوم الأحد، لكنك ستكتشف جولات التراث الإماراتي، ومعارض فنية في جادة السركال، وأمسيات شعرية، وورش عمل عزف على الطبول الأفريقية، ومأكولات من جميع أنحاء العالم.
دبي مدينة شابة وليست مثقفة مثل بريطانيا
دبي مدينة شابة، ولكن لأن تعبيرها الثقافي ليس متجذرًا في التاريخ كالثقافة الأوروبية "التقليدية" مثلاً، فإنه يتم اهماله من جانب البعض، وهؤلاء يتسرعون في الحكم على دبي باعتبارها بلا ثقافة.
يجذب مهرجان الإمارات للآداب أبرز الكُتّاب من جميع أنحاء العالم، وظلّ معرض آرت دبي حدثًا أساسيًا في التقويم الفني لما يقرب من عشرين عامًا.
الثقافة هنا متعددة الأوجه، ما عليك سوى استكشافها. وإذا كنت لا تزال ترغب في تناول وجبة مشوية يوم الأحد، فهناك العديد من الأماكن التي ستلبي رغبتك.
سوق عمل متوتر؟ إليكم الحقيقة
دعونا لا نتظاهر بأن سوق العمل في المملكة المتحدة منارة للاستقرار في الوقت الحالي. الحقيقة هي أن انعدام الأمن الوظيفي مشكلة عالمية - سواء كنت في المملكة المتحدة أو الولايات المتحدة أو دبي.
صحيح أن سوق دبي يتحرك بسرعة ويتوقع نتائج إيجابية - لذا إن لم تكن مستعدًا للتحدي، فقد لا يكون المكان المناسب لك. لكنه أيضًا يكافئ المبادرة والابتكار وريادة الأعمال بطرق نادرًا ما أراها في أي مكان آخر.
خلال 22 عامًا من دخولي المدينة والخروج منها، شاهدت أفراد طاقم الضيافة يصبحون رؤساء تنفيذيين، وأمهات يطلقن مشاريع تجارية بملايين الدولارات، وأشخاصًا يعيدون ابتكار أنفسهم كليًا.
إنها مدينة تشجع الأعمال التجارية - حيث تقدم مزايا ضريبية كبيرة وبيئة مواتية للأعمال مقارنة بالمملكة المتحدة.
التوازن بين العمل والحياة؟ هذا خيارك ولا علاقة له بالمكان
أدير عملي الخاص، وصحتي أولوية، فبدونها لا أملك عملًا. التوازن بين العمل والحياة موجود في دبي. ولكن، كما هو الحال في أي مكان آخر في العالم، عليك أن تضع حدودًا لنفسك.
مع دخل معفى من الضرائب، يمكنك الاحتفاظ بجزء أكبر من راتبك، لتنفقه كما يحلو لك على السفر أو ممارسة الهوايات أو الهوايات المفضلة لديك. تتبنى العديد من الشركات ساعات عمل مرنة، كما أن الصالات الرياضية واستوديوهات اليوغا والحدائق الخارجية والشواطئ متوفرة بكثرة.
لقد قمتُ برحلاتٍ طويلةٍ إلى النادي الرياضي مُقاومًا المطر الاسكتلندي المُتجمد، ودعوني أقول إنني أُفضل الاستيقاظ في طقسٍ حارٍّ أو دافئٍ مضمون. هذا يعني أنه يُمكنك الاستفادة القصوى من وقت فراغك. شبكة مواصلات دبي عالمية المستوى، وعندما يتعلق الأمر بالعائلات، فهناك وفرةٌ من الأنشطة من المُدن الترفيهية إلى المتاحف
مستوى معيشة مرتفع وغلاء؟
لا يُمكن انتقاد دبي من حيث مستوى المعيشة. وقد يكون من المُفاجئ العودة إلى المملكة المتحدة ورؤية البديل. تتميز المدينة بمرافق فاخرة وجميلة، ورعاية صحية عالمية المستوى، ومدارس ممتازة، ومجموعة واسعة من الأنشطة الترفيهية.
هل تتناول الطعام في الخارج؟ كل مطعم يفخر بطعامه - لم أضطر قط للشكوى في أي مطعم أو إرجاع أي شيء. هذا أمر شائع في المملكة المتحدة! كما أن أسعاره معقولة. ثم هناك الشواطئ والفنادق والمنتجعات الصحية، والقرب من وجهات رائعة أخرى. كما أن معدلات الجريمة فيها من أدنى المعدلات في العالم.
الرعاية الصحية ليست مجانية ولكن!
لنتحدث عن مشكلة هيئة الخدمات الصحية الوطنية البريطانية (NHS). لا، دبي لا تقدم رعاية صحية مجانية، وكذلك الحال في العديد من الدول. على الوافدين دفع تأمين صحي، والذي يبلغ حوالي 1300 جنيه إسترليني سنويًا. مع أن النظام ليس مثاليًا، إلا أنه أكثر كفاءة بكثير من النظام في المملكة المتحدة.
الحصول على المواعيد سهل، حتى مع الأطباء المتخصصين، وقد سمعت عن عمليات جراحية تُجرى في المملكة المتحدة بانتظار بضعة أيام فقط، بدلًا من أشهر. نعم، هناك تقارير تفيد بأن جودة الرعاية قد تختلف، ولكن بفضل التقنيات الطبية المتطورة والأخصائيين المؤهلين تأهيلاً عالياً في دبي، أعرف أي غرفة انتظار أفضل. إنه نظام مختلف. خطط جيداً وستكون بخير.
نعم دبي إنها باهظة الثمن.. ولكن لندن كذلك
لا شك أن تكلفة المعيشة في دبي مرتفعة. الفرق؟ لا توجد ضريبة دخل. ولكن - وهذا هو الأساس - غالبًا ما تُدفع رسوم الإيجار أو المدارس على شكل شيك أو اثنين كبيرين سنويًا، مما قد يُصدمك إذا لم تكن مُستعدًا. الأمر لا يتعلق بكمية الإنفاق، بل بكيفية التخطيط. صحيح أن الكحول يخضع لضرائب باهظة، ولكن إذا لم تشرب أو تخرج كثيرًا، فأنت رابح بالفعل.
بالتأكيد، يعيش بعض الناس هنا فوق طاقتهم - كما هو الحال في أي مكان آخر. بينما يدخر آخرون ويستثمرون ويبنون ثرواتهم. الأمر كله يعود إلى خياراتهم الشخصية.
صداقات عابرة؟ نعم ولا
يقول الناس إن صداقات دبي عابرة. لكنني التقيتُ بإحدى أعز صديقاتي في الأسبوع الذي وصلتُ فيه، وما زالت هنا. صديقٌ مقربٌ آخر غادر قبل عقدٍ من الزمن، وما زلنا نلتقي في جميع أنحاء العالم. تكوين صداقاتٍ في مرحلة البلوغ أمرٌ صعبٌ في كل مكان - الأمر لا يتعلق بالمكان، بل بالجهد الشخصي المبذول منك لتكوين صداقات.
يسعى المغتربون دائمًا للتواصل، لذا تتشكل الصداقات بسرعة. الناس دائمًا على استعداد لتناول القهوة، أو وجبة فطور متأخرة، أو التنزه، أو لقاء. وبينما يصف البعض دبي بأنها "سطحية"، لا يسعني إلا أن أتحدث من دائرتي الخاصة - أصحاب الأعمال المجتهدين والطموحين. إذا كان هذا وصفًا سطحيًا، فسأقبله.
أكبر تذمراتي؟ حركة المرور!
دعونا لا نُجمّل الأمر - حركة المرور في دبي قد تكون كابوسًا حقيقيًا. وكذلك القيادة في أي مدينة كبرى في العالم. تعمل هيئة الطرق والمواصلات بنشاط على تحسينات، بدءًا من زيادة وسائل النقل العام وتخصيص مسارات للحافلات وسيارات الأجرة، وصولًا إلى تعزيز مرونة ساعات العمل. التقدم جارٍ - ربما ليس بالسرعة التي أتمنى، ولكنه يحدث.
بعد أن قضيت 22 عامًا في دبي واسكتلندا، أستطيع القول بثقة إنني أحبهما. أشعر في وطني براحة لا أجدها في أي مكان آخر، سواءً بفضل الحنين إلى الماضي أو العائلة. ولكن هل أتخلى عن دبي لأعود إلى جذوري؟ لا لن أفعل.
دبي ليست مثالية، لكل مدينة خصائصها الخاصة. لكن أن نعتبرها أسوأ من المملكة المتحدة؟ هذا ليس مجرد قصر نظر، بل هو إغفال للحقيقة.
إذا أتيتَ إلى هنا متوقعًا نسخةً طبق الأصل من وطنك، فمن المؤكد أنك ستصاب بخيبة أمل. دبي لا تمنحك الحلم، بل تمنحك الأدوات والبيئة المثالية. الباقي عليك أنت لتحقيقه.
لذا إذا غادرت معتقدًا أن الأمر كله يتعلق بالأسلوب وليس بالمضمون، فأنا أزعم أنك لم تكن منتبهًا حقًا.
"دبي ليست للجميع... دبي لمن يفهمها" هذه خلاصة تجربتي في دبي.
التعليقات