إيلاف من الرباط: صادقت اللجنة الحكومية لصون التراث غير المادي، التابعة لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة(اليونسكو)، الأربعاء بالهند، على ملف تقدمت به المملكة المغربية لتسجيل القفطان المغربي تراثا عالميا باليونسكو.
وتُعقد الدورة العشرون للجنة الدولية الحكومية لصون التراث الثقافي غير المادي من 8 إلى 13 ديسمبر الجاري في نيودلهي؛ وتنظر في 67 ترشيحاً تقدم بها 77 بلداً بغية إدراج عناصر في قوائم اليونسكو للتراث الثقافي غير المادي. وتشدد المنظممة الأممية على أن دور هذه القوائم يتجاوز "مجرد الاعتراف بالعناصر"، فهي "أداة مؤثرة في حفظها".

القفطان المغربي اختيار نجوم الفن والسينما
وتقول وزارة الشباب والثقافة والتواصل المغربية إن الاعتراف الدولي بالقفطان المغربي يأتي تتويجها لجهود المملكة المغربية بقيادة الملك محمد السادس، الذي ما فتئ يولي عناية للثقافة المغربية ولصون التراث الثقافي المغربي.
وتقدم المغرب بملف متكامل يضم عناصر مهمة تبرز غنى وتطور التراث الثقافي غير المادي المرتبط بالقفطان، وسهرت على هذا الملف كل من وزارة الشباب والثقافة والتواصل، والمندوبية الدائمة للمغرب لدى منظمة اليونيسكو بباريس.
رمز للهوية المغربية
وتقول الوزارة المغربية إن القفطان المغربي هو "أكثر من مجرد لباس"، إذ هو رمز حي للهوية المغربية، يتم تناقله من الأم إلى الابنة، ومن المعلم إلى التلميذ، منذ أكثر من ثمانية قرون، كما يجسد تراثًا تقنيًا وجماليًا استثنائيًا، يحظى بالاحتفاء في جميع أنحاء العالم.

القفطان المغربي اختيار نجوم الفن والسينما
وأوضحت الوزارة المغربية، في بيان لها، أن الملف تم بناؤه بدقة، حيث يصف بشكل مفصل الحِرف والمهارات، والوظائف الاجتماعية، والمجتمعات الحاملة لهذا التقليد، بمقاربة شمولية وغير مسيسة.
وبعد هذا الاعتراف الدولي، عبرت الوزارة المغربية عن شكرهالجميع الحرفيين والصناع التقليديين المغاربة على مجهوداتهم الكبيرة وكذا المجتمع المدني المغربي داخل وخارج أرض الوطن المدافعين عن التراث الثقافي المغربي وجميع المتدخلين في هذا الملف.
سحر خاص
للقفطان المغربي سحر خاص. بالنسبة للمغاربة، هو أكثر من زي توارثوه عن الأسلاف؛ إنه عنوان للجمال والأناقة والنخوة، تأكيد للخبرة المغربية في مجال الأزياء التقليدية وتعبير عن قدرة الصناع والمصممين المغاربة على الخلق والابتكار والتميز، من منطلق أن هذا الزي التقليدي يعبر عن ثراء حضاري وإرث تاريخي، ويجر وراءه رصيداً من الفنون والألوان والتقاليد والمهارات التي تغني الثقافة الإنسانية بخبرات الإبداع المغربي.

القفطان المغربي اختيار نجوم الفن والسينما
يقين بعد جدل
ظل القفطان المغربي، إلى غاية مصادقة اليونسكو على تسجيله تراثا عالميا، في قلب جدل وتراشق مغربي-جزائري، زاد منسوبه السنة الماضية حين سعت الجزائر لإدراجه كتراث جزائري ضمن قوائم منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (يونسكو)، قبل أن ينجح المغرب في "إفشال هذا المحاولة الجديدة التي ترمي إلى السطو على التراث غير المادي المغربي"، حسب تعبير المسؤولين المغاربة. وقد تعلق الأمر، وقتها، حسب وزارة الثقافة المغربية، بـ"محاولة الجزائر إدخال صورة لقفطان "النطع" المغربي في ملف يهم زيا جزائريا، وهو ما دفع السفير المغربي لدى منظمة اليونسكو سمير الدهر إلى تقديم اعتراض على هذا الأمر"، قبل أن تعتمد اللجنة الحكومية لصون التراث غير المادي، لأول مرة في تاريخ اليونسكو، هذا الاعتراض المغربي، وتقرر سحب صورة القفطان المغربي من الملف الجزائري، عقب الاحتجاج الرسمي المغربي.
تراث للإنسانية
وبادر المغرب، أخيرا، إلى وضع ملف ترشيحه للقفطان لدى منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو)، بهدف إدراجه ضمن القائمة التمثيلية للتراث الثقافي غير المادي للإنسانية برسم 2025.

القفطان المغربي اختيار نجوم الفن والسينما
وحمل ملف الترشيح المغربي رقم 2077، وجاء تحت عنوان "القفطان المغربي: فن وعادات ومهارات". وهو يشمل، حسب الأشكال والأنواع التي عدّدها الملف، كما هو منشور في الموقع الرسمي لليونسكو: "قفطان طرز النطع"؛ و"التكشيطة"، و"المنصورية"، و"الكسوة الكبيرة"، و"القْميص"، و"الجابادور"، و"القندورة"، و"طرز المجبود"، و"الدفينة"، و"التخليلة"، و"الشدة الفاسية"، و"الشدة الشمالية"، و"الشدة الطنجاوية"، و"الشدة التطوانية"، و"الشدة الوجدية"، و"الشدة الرباطية"، و"الكسوة الوجدية"؛ و"البروكار الفاسي"، و"أسملال السوسي"، و"ميمونة"، و"جوهرة"، و"قفطان: طرز الغررزة"، و"طرز الحساب"، و"طرز المجبود"، و"طرز الفتلة"، و"طرز الزموري"، و"طرز الراندة"، و"طرز الخنجر"، و"زواق المعلم"، و"الشاوني"، و"المسلول"، و"الكروشي"، و"التنبات"، وغيرها.

القفطان المغربي اختيار نجوم الفن والسينما
وتضمن الملف المغربي مطبوع ترشيح القفطان، وتصريحات العاملين في المجال، وجردا لهذا الزي التقليدي، مع صور توثيقية معبرة عن طبيعته ومضمونه المجتمعي وتاريخ وعلاقة المغاربة به، على مر العصور، علاوة على أشرطة، بينها شريط تحت عنوان "القفطان المغربي، فن وتقاليد ومعارف".
وسبق للمغرب أن سجل 13 عنصرا تراثيا ثقافيا غير مادي ضمن القائمة التمثيلية لليونسكو، آخرها "فن الملحون"، في 2023، علما أن المسطرة داخل المنظمة الأممية تعطي الحق لكل دولة بأن تسجل عنصرا واحدا كل سنتين.
ملف ووثائق
تضمن ملف ترشيح القفطان المغربي مجموعة من المعطيات التي تعرف بهذا الزي التقليدي وعلاقته بالمغاربة وتاريخهم وحضارتهم، فضلا عن شهادات حرفيين ومصممين، تحدثوا عن علاقتهم به وامتهانهم لصناعته وحفاظهم عليه وتناقله، جيلا بعد جيل.

القفطان المغربي اختيار نجوم الفن والسينما
وبحسب ما جاء في وثائق الملف المغربي، فالأمر يتعلق بـ"لباس مغربي تقليدي تعود جذوره إلى تاريخ طويل من تقاليد اللباسالتي لم تتوقف عن التطور منذ العصور الوسطى إلى اليوم". كما أنه "يهم المجتمع المغربي بأكمله، في مختلف مناطق البلاد"، وهو "الزي الضروري للمناسبات التي تميز حياة المغربي"، كما أنه "عنصر مشترك له ميزات خاصة، تبعا للسياق الذي يتم إنتاجه فيه، فضلا عن وظيفته الاجتماعية".
وأشار الملف إلى أن المغاربة يلبسون القفطان خلال احتفالاتهم، ومن ذلك الزفاف، وطقوس الانتقال إلى مرحلة البلوغ، والصوم الأول، و"التبوريدة" (الفروسية التقليدية)، والأعياد الدينية، والاحتفالات الرسمية، بشكل يلخص لشعور قوي بالهوية، وللكيفية التي يدبر بها المغاربة مهاراتهم في صناعة هذا الزي. وتبعا لكل ذلك، يرمز ارتداء هذا الزي التقليدي إلى لحظات السعادة الجماعية، عاكسا المكانة الاجتماعية لمرتديه، كما يعتبر مصدر دخل مالي للساكنة المحلية، المشاركة في صنعه أو الاستثمار في تسويقه.
















التعليقات