ريكيافيك: تعرف منطقة القطب الشمالي التي تجتمع الدول المحيطة بها الأربعاء والخميس في ريكيافيك بظروفها القاسية وفيما يهددها الاحتباس الحراري، تثير مواردها الطبيعية الحقيقية أو المفترضة المطامع.

منطقة ذات ظروف قصوى فريدة من نوعها

جغرافياً، تمتد منطقة القطب الشمالي من القطب الشمالي إلى الدائرة القطبية الشمالية عند خط العرض 66 درجة 33'.

وهي تشمل بمعنى أدق المحيط المتجمد الشمالي والمناطق الشمالية من النروج والسويد وفنلندا وأيسلندا في أوروبا وغرينلاند (إقليم الحكم الذاتي الدنماركي) وأقصى شمال كندا وروسيا وجزءًا من ألاسكا (الولايات-المتحدة).

تتطور الحياة فيها ببطء بسبب درجات الحرارة المنخفضة جدًا التي يمكن أن تصل إلى 50 درجة مئوية تحت الصفر والضوء الخافت جدًا معظم العام خلال ما يعرف باسم الليالي القطبية.

ولا تنمو فيها سوى نباتات هزيلة تعرف باسم التندرا.

خلال فترة الشتاء، يُعاد تكوين الغطاء الجليدي لتصل مساحته في آذار/مارس إلى ما يزيد قليلاً عن 14 مليون كيلومتر مربعة. أما في الصيف فيذوب وينحسر إلى أقل من 5 أو حتى 4 ملايين كيلومتر مربع في أيلول/سبتمبر. لكن هذا الاتجاه يتسارع جراء الاحتباس الحراري.

أربعة ملايين نسمة

يبلغ عدد سكان المنطقة القطبية حوالى أربعة ملايين نسمة، بما في ذلك حوالى 500 ألف من السكان الأصليين: الإينوي (الإسكيمو)، وقومية سامي (اللابيون) وشعب ياكوت (ساخا) وشعوب صغيرة في شمال روسيا (نينيتس وأليوطيون ...).

بالإضافة إلى الدول الثماني المحيطة بالمنطقة القطبية، تُمثل ست منظمات للسكان الأصليين في مجلس القطب الشمالي.

تهدف هيئة التعاون الإقليمي هذه التي تأسست عام 1996 إلى تعزيز "الجوانب البيئية والاقتصادية والاجتماعية للتنمية المستدامة في المنطقة".

ويعقد اجتماع لوزراء خارجية هذه البلدان كل عامين.

تنوع بيولوجي مهدد

تعد المنطقة القطبية الشمالية التي تضم أكثر من 21 ألف نوع معروف من الحيوانات والنباتات واحدة من آخر المناطق البرية المتبقية في العالم. لكن تنوعها البيولوجي معرض للخطر بسبب تطور الأنشطة البشرية وارتفاع درجات الحرارة.

فالاحترار يحدث فيها أسرع بمرتين على الأقل من أي مكان آخر على هذا الكوكب وهو يقلل من امتداد الجليد البحري مهددًا الأنواع التي تعيش فيها مثل الدببة القطبية والفقمات.

وخلال ما يُعرف باسم "التضخم القطبي" يتفاعل الهواء والجليد والماء في حلقة مفرغة من الاحترار.

في عامي 2019 و2020 ، وصلت درجات الحرارة فيها إلى مستويات قياسية. وفي العام الماضي، بلغت مساحة الجليد البحري الصيفي ثاني أصغر مساحة مسجلة بعد عام 2012.

وإذا لم يكن لذوبان الجليد البحري أي تأثير على مستوى المحيطات، فإن ذوبان الغطاء الجليدي الهائل في غرينلاند أمر مثير للقلق وسيؤدي اختفاؤه التام إلى ارتفاع مستوى سطح البحر بنحو سبعة أمتار.

وتلاحظ ظواهر أخرى مقلقة مثل اندلاع حرائق كبيرة في الغابات في مناطق نائية وذوبان التربة الصقيعية، الأمر الذي يؤدي إلى إطلاق كميات كبيرة من الميثان، وهو من غازات الدفيئة وأقوى بكثير من ثاني أكسيد الكربون.

موارد قطبية

تطمع الدول المحيطة بموارد القطب الشمالي وكذلك بلدان بعيدة عنه مثل الصين التي تعتبر نفسها دولة "شبه قطبية".

ويؤدي الذوبان المتسارع للجليد إلى تسهيل الوصول إلى الرواسب الهيدروكربونية التي يعتقد أنها موجودة تحت قاع البحر.

جعلت روسيا تنمية الموارد الطبيعية في المنطقة من أولوياتها. وتقدر النروج أيضًا أن بحر بارنتس يحتوي على أكثر من 60% من احتياطيات النفط المتبقية غير المكتشفة في البلاد، على الرغم من أن التنقيب لم يكن مثمرًا فيها حتى الآن.

من جهته، منح دونالد ترامب امتيازات للتنقيب عن النفط والغاز في ألاسكا، في أكبر منطقة طبيعية محمية في الولايات المتحدة، لكن جو بايدن أوقفها.

وتجذب غرينلاند اهتمام الشركات على الرغم من أن حكومتها الجديدة ستوقف مشروعًا مثيرًا للجدل لليورانيوم والعناصر الأرضية النادرة.

التنافس الجيوسياسي

كل هذا يغذي السباق على الادعاء بالأحقية على الأراضي التي تتداخل أحيانًا. طلبت موسكو وأوتاوا وأوسلو وكوبنهاغن تمديد "الجرف القاري" أبعد من حدود منطقتها الاقتصادية الخالصة البالغة 200 ميل بحري، مما يمنحها حقوقًا فوق وتحت قاع البحر (ولكن ليس في المياه نفسها).

وما زالت الولايات المتحدة تجمع البيانات بهدف تقديم طلب محتمل أيضًا، حتى وإن لم تصدق على اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار.

وبعد فقدان الاهتمام بالمنطقة منذ نهاية الحرب الباردة، تعيد القوى الكبرى تمركزها عسكريًا فيها.

ممرات بحرية استراتيجية

يؤدي الذوبان المتسارع للجليد البحري إلى فتح ممرات بحرية جديدة من المحتمل أن تؤدي دورًا متزايدًا في التجارة الدولية.

تعول روسيا على الممر الشمالي الشرقي لربط أوروبا بآسيا عن طريق عبور سيبيريا، وأقامت العديد من القواعد العسكرية والعلمية.

وعلى الجانب الآخر، فإن الطريق الشمالي الغربي، قبالة سواحل كندا، سيقلل بشكل كبير المسافة بين المحيطين الأطلسي والهادئ.