إيلاف من دبي: على مدار العشرين عاما الماضية، اضطلعت النساء في أفغانستان بأدوار مهمة لا يمكن تصورها في ظل حكم طالبان، إذ عملن كسياسيات وضابطات وصحافيات وممثلات.

وفقا لتقرير نشره موقع "الحرة"، فإن القلق يسود أفغانستان حاليا فيما يخص وضع المرأة بعد تنامي نفوذ حركة طالبان، حيث تتطلع النساء للحفاظ على تلك المكاسب التي تحققت بشق الأنفس خلال العقدين الماضيين. وتقول صحيفة "لوس أنجلوس تايمز" إنه حال استولت طالبان على السلطة أو استمرت في المفاوضات للمشاركة في قيادة الدولة، فإن هناك خوف من سقوط حقوق المرأة الأفغانية التي قد لا تمثل أولوية أكبر للحكومة الحالية.

وبينما تتجه القوات الأميركية للخروج من البلاد الممزقة الشهر المقبل، تخشى العديد من النساء الأفغانيات من العودة الوشيكة إلى أحلك الأيام في تاريخ بلادهن الحديث، عندما انزلقت الفصائل الأفغانية في حرب أهلية شاملة تلاها صعود طالبان للسلطة.

وتقول طالبان إنها باتت تسيطر على ما يزيد عن 80 بالمئة من أراضي البلاد، بما في ذلك معابر حدودية مع دول أخرى، لكن الحكومة المعترف فيها دوليا تشكك في تلك التصريحات وتعتبرها مجرد "دعاية".

وبعد هجمات 11 سبتمبر الإرهابية، أنهت الولايات بتدخلها العسكري في أفغانستان حكم الجماعة الإسلامية المتشددة الذي دام 5 سنوات وشهد تضييقا لحريات المرأة.

وخلال فترة حكمهم بين عامي 1996 و2001، طبقت طالبان تفسيرا متشددا للفقه الإسلامي على أفغانستان، وفرضت حياة معزولة على النساء والفتيات ومنعتهن من معظم الوظائف والتعليم بعد سن الثامنة.

وطبقا للتقرير، فإن النساء الأفغانيات في ذلك الوقت تعرضن للمضايقات والضرب وحتى الموت حال عدم تنفيذ تعليمات الحركة.

وفقا لأرقام عام 2020 الصادرة عن الوكالة الأميركية للتنمية الدولية، تشكل الفتيات حوالي 40 في المئة من حوالى 9 ملايين طفل ملتحقين بالمدارس في أفغانستان. وتقول وزارة التعليم العالي الأفغانية إن نحو 100 ألف يدرسون في الجامعات الحكومية والخاصة.

وقالت الباحثة الأفغانية المقيمة في واشنطن، فاطمة أيوب، "حال تعرض الحكومة لضغوط أو بحثها عن ورقة تفاوض جديدة، سيبيعون النساء بسرعة".

كانت الحكومة الأفغانية متمثلة في وزارة التعليم حظرت على الفتيات البالغات من العمر 12 عاما أو أكبر من الغناء في المدرسة خلال شهر مارس الماضي.

وانتقد النشطاء هذه الخطوة ووصفوها بأنها حملة "طلبنة" من داخل الحكومة.

وبعد احتجاجات شعبية، تم إلغاء الحظر، ومع ذلك يخشى الكثيرون أن يتم التضحية بهذه الأنشطة لاسترضاء الحركة الإسلامية.

مجتمع مختلف
في مايو، أرسل عشرات من المجتمع المدني والقادة الدينيين من الولايات المتحدة وأفغانستان ودول أخرى رسالة إلى الرئيس الأميركي جو بايدن يطلبون منه دعم إنشاء قوة حفظ سلام تابعة للأمم المتحدة "لضمان عدم دفع النساء لتكلفة انسحاب الجيش الأميركي من أفغانستان"، بحسب وكالة أسوشيتد برس.

في الأشهر الأخيرة، استهدفت حملة اغتيالات ناشطات ونساء بارزات في البلاد. وعلى الرغم من أن طالبان لم تعلن مسؤوليتها عن تلك العمليات، إلا أن كثيرين يقولون إن الحركة تمهد الطريق لعودتها من خلال إبعاد مراكز المعارضة من طريقها.

ويرى بعض الأفغان أنه حال نجحت طالبان في الاستيلاء على السلطة في البلاد، فإنها ستواجه مجتمعا بعيدا عن المجتمع الذي سيطرت عليه في التسعينيات بسنوات ضوئية.

يقولون إن الحركة المسلحة لن تكون قادرة على إعادة عقارب الساعة إلى الوراء لعام 2001 حتى لو أرادت ذلك. كما أشاروا إلى أن النساء الأفغانيات كن يقاتلن من أجل حقوقهن قبل أن التدخل الأميركي.

في سياق متصل، تملك سيدة أعمال أفغانية تدعى ليلى الحيدري مقهى أنيق جدا في حي راقٍ بالعاصمة كابل، حيث يرتاده مجموعة من الرجال والنساء اللواتي يبتعدن عن ارتداء البرقع التقليدي الذي تفرضه طالبان لتغطية الوجه.

تقول حيدري إنها لم تنم براحة منذ إعلان الولايات المتحدة التفاوض مع حركة طالبان قبل أكثر من عام. وتعتقد أن المقهى الذي تملكه سيكون هدفا رئيسيا للجماعة الإسلامية المتشددة.

قالت الحيدري إن "تفكير طالبان وأيديولوجيتهم لا تسمح أبدا بمكان مثل هذا"، مردفة: "لن يسمح لامرأة أساسا أن تدير مقهى. الأمر لا يتعلق بي فقط. أنا قلقة على وضع المرأة بشكل عام".